يزور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس السبت الجانب المصري للحدود مع قطاع غزة مع ازدياد المخاوف من مجاعة وشيكة، في وقت تؤكد إسرائيل عزمها شن هجوم بري على مدينة رفح المكتظة بالنازحين رغم معارضة واشنطن.
ووصل غوتيريس إلى مدينة العريش المصرية من حيث يتوجه إلى الحدود المغلقة مع رفح، حث يتوقع أن يكرّر "دعوته لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية"، بعد خمسة أشهر ونصف من حرب مدمّرة تسببت بأزمة إنسانية كارثية، وفق الأمم المتحدة.
ميدانيًا، استمر القصف المدفعي والغارات في حصد مزيد من الأرواح في مختلف أنحاء القطاع المحاصر حيث يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته البرية والجوية، ما يدفع بمزيد من الغزيين للنزوح إلى مدن الجنوب التي لم تسلم من القصف.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة "حماس" مقتل 67 شخصًا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية حتى صباح السبت، وأفاد الإعلام الحكومي التابع لـ"حماس" أن الجيش الإسرائيلي "شن أكثر من 45 غارة جوية دموية ترافقت مع قصف مدفعي مكثف، في مدينة غزة ومخيمات جباليا والشاطئ والنصيرات ورفح وخان يونس".
وقالت الوزارة إن أربعة أطفال وجَدَّتَهم قتلوا وأصيب 14 بجروح بينهم أمهم ناهد عندما استهدف صاروخ منزل عائلة كوارع في حي السلام شمال رفح.
وفي الصباح شوهد عشرات الشباب والرجال يعملون بأيديهم ومعدات يدوية بسيطة لرفع الانقاض.
وقال فوزي كوارع (58 عاماَ) لـ"فرانس برس" "قصفوا البيت الثانية فجرًا، كل الدار مدمرة والنار اندلعت فيها. طلعنا نحن وأهل الحي نبحث تحت الركام عن الشهداء والأطفال. أخرجناهم ثم وصلت سيارات الاسعاف ونقلت المصابين للمستشفى الاوروبي".
وقال أحمد كوارع (44 عامًا) الذي يسكن في منزل مجاور "سمعنا صوت انفجار قوي. امتلأ المكان بالدخان والغبار فيما كانت الشظايا تتطاير مع الحجارة... يكذبون، لا يوجد هنا أي مقاومة، الاحتلال يريد تدمير كل شيء للانتقام والتشفي من المدنيين الغلابة".
وأضاف تعليقاً على رفض مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن "لو أخذ المجلس قرارًا بوقف الحرب، لن تعيره إسرائيل أي اهتمام. إسرائيل صارت أكبر دولة ارهاب وإبادة وهي فوق القانون لأن أميركا تدعمها".
وفي الشمال، طال القصف كذلك شمال غرب مدينة غزة حيث قالت وزارة الصحة إن عشرة أشخاص قتلوا لدى استهدف منزل عائلة القوقا، وقتل أربعة آخرون لدى استهداف منزل عائلة عياد في مخيم الشاطئ.
من جانبه، أكد الجيش الإسرائيلي السبت مواصلة عملياته لليوم السادس في مجمع الشفاء الطبي والأحياء المحيطة به غرب مدينة غزة، حيث قال إنه "قضى على أكثر من 170" مقاتلًا واستجوب أكثر من "800 مشتبه به" وعثر على أسلحة.
وقال الإعلام الحكومي إن "جيش الاحتلال يواصل محاصرة واقتحام مجمع الشفاء الطبي ويقصف ويحرق عدة مبانٍ فيه، ويحتجز نحو 240 من المرضى ومرافقيهم ويعتقل عشرات من الكوادر الطبية".
واتهم الجيش بنسف عدد كبير من المباني السكنية بالمتفجرات في محيط المستشفى ولا سيما في حي الرمال وبلدة بني سهيلة. ونقل عن شهود عيان أن "اشتباكات عنيفة تدور بين مقاتلين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية" حول المستشفى.
لكن الجيش أكد أنه يتجنب "إلحاق الأذى بالمدنيين والمرضى والطواقم الطبية والمعدات الطبية".
وقال شهود لـ"فرانس برس" إن "الجيش يقتحم منازل في حي الرمال وحي تل الهوى ويحتجز الشباب فوق 16 عاما ويطلب من النساء والاطفال النزوح الى المواصي بخان يونس".
وتحدث مراسل "فرانس برس" عن مشاهدة أعداد من النازحين يتجهون إلى وسط مدينة غزة، فيما شوهد العشرات يسيرون على الطريق الساحلي باتجاه الجنوب.
ويلتقي غوتيريش السبت عاملين في المجال الإنساني في الجانب المصري من رفح، نقطة العبور الرئيسية للمساعدات الإنسانية، وحيث يتكدس 1,5 مليون فلسطيني وهو ما يثير الخوف من العواقب الكارثية لهجوم بري تعد له إسرائيل.
وكانت هذه المسألة موضع خلاف الجمعة في تل أبيب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الساعي لإقناعه بالعدول عن خطته.
وقال نتانياهو بعد لقائه بلينكن "لا سبيل أمامنا لهزيمة حماس بدون الدخول إلى رفح والقضاء على كتائبها المتبقية هناك"، مضيفاً "أخبرته أنني آمل أن أفعل ذلك بدعم من الولايات المتحدة، لكن إذا لزم الأمر، سنفعل ذلك بمفردنا".
لكن بلينكن قال قبل مغادرته "نشارك إسرائيل هدفها المتمثل في هزيمة حماس وضمان الأمن على المدى الطويل... لكن عملية عسكرية برية واسعة النطاق في رفح ليست هي الحل الأمثل لتحقيق ذلك. فهي تهدد بقتل مزيد من المدنيين... وتهدد بزيادة عزلة إسرائيل، وتعرض أمنها على المدى البعيد للخطر".