تعيش روسيا، الأحد، يوم حداد وطني بعد المجزرة التي وقعت في قاعة للحفلات الموسيقية في ضاحية موسكو، في هجوم هو الأكثر حصدا للأرواح في البلاد منذ حوالى عقدين والأكثر فتكا في أوروبا وتبناه تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن السلطات لم تشر إلى مسؤولية هذه الجماعة، متحدثة بالمقابل عن تورط أوكراني.
وذكرت محطة "روسيا 24" التلفزيونية العامة صباح الأحد أن "البلاد بكاملها في حالة حداد تضامنا مع الأشخاص الذين فقدوا أحباءهم في هذه المأساة اللا إنسانية".
وبثت مشاهد للوحة رقمية ضخمة مثبتة على جدران قاعة الحفلات التي تعرضت للهجوم تظهر شمعة على خلفية سوداء وجملة "كروكوس سيتي هول. "نحن في حداد 22/03/2024" وهو تاريخ الهجوم. وعلقت في بعض مواقف الحافلات في المدينة ملصقات تظهر شمعة على خلفية سوداء مرفقة بجملة "نحن في حداد".
وأعلنت المتاحف والمسارح في موسكو إغلاق أبوابها خلال عطلة نهاية الأسبوع، كما أغلقت دور السينما في موسكو السبت والأحد مقدّمة "تعازيها" لعائلات الضحايا.
ووعدت المطاعم في العاصمة بالتبرع بجزء من أرباحها اعتبارا من الأحد لأقارب الضحايا.
وقالت فالنتينا كارنينا (73 عاما) التي تقوم بزيارة إلى موسكو آتية من سيبيريا لوكالة فرانس برس "لم يعد الناس يبتسمون هنا، غابت البهجة".
وقالت المتقاعدة "اتصلت بي ابنتي لتطلب مني عدم الخروج" خوفاً من هجوم آخر، لكنها مع ذلك ذهبت لإضاءة شمعة في كنيسة مجاورة للساحة الحمراء، في حين أغلقت هذه الساحة الشهيرة أمام الجمهور.
أ ف ب
- شكوك -
لم تقدم روسيا الأحد أي معلومات جديدة تتعلق بسير التحقيق.
كما أنها لم تأت على ذكر تبني تنظيم الدولة الإسلامية للعملية، مشيرة إلى وجود صلة بين أوكرانيا والأفراد الذين اقتحموا قاعة كروكوس سيتي هول مساء الجمعة، قبل أن يفتحوا النار من أسلحة رشاشة على الأشخاص الذين أتوا لحضور حفلة لفرقة بيكنيك، ويشعلوا حريقا بقنابل حارقة، وفق المحققين، ما أسفر عن مقتل 137 شخصا على الأقل بحسب آخر حصيلة للمحققين الاحد.
ومن المقرر أن يمثل المهاجمون الأربعة الذين أوقفوا في منطقة بريانسك الواقعة عند الحدود مع أوكرانيا وبيلاروسيا أمام القضاء خلال الساعات المقبلة.
ودان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمة متلفزة السبت "العمل الإرهابي الهمجي" متوعدا معاقبة المسؤولين عنه. وأعلن أنه تم توقيف "منفّذيه الأربعة فيما كانوا يتجّهون نحو أوكرانيا" من دون ذكر تبني تنظيم الدولة الإسلامية الهجوم.
وهذا الهجوم هو الأكثر حصدا للأرواح منذ حوالى عقدين والأكثر فتكا في أوروبا الذي يتبنّاه تنظيم الدولة الإسلامية منذ هجمات 13 تشرين الثاني 2015 في باريس.
في الأثناء، تتواصل عمليات البحث في أنقاض المبنى الذي دمرته النيران وانهار سقفه جزئيا باستخدام معدات ثقيلة، في مهمة قد تستغرق أياما.
ونفّذ تنظيم الدولة الإسلامية الذي تحاربه روسيا في سوريا والذي ينشط أيضا في القوقاز، هجمات على الأراضي الروسية منذ نهاية العام 2010، لكنه لم يتبنّ أي هجوم بهذا الحجم في البلاد.
وفي هذا السياق، شكك وزير المال البريطاني جيريمي هانت الأحد في رواية بوتين، قائلاً إنه "ليس لديه ثقة كبيرة" بما قالته الحكومة الروسية.
اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نظيره الروسي بالسعي إلى "إلقاء اللوم" على بلاده.
وأعرب رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك عن أمله في ألا يصبح هذا الهجوم "ذريعة" لتصعيد العنف، في إشارة واضحة إلى الهجوم الروسي في أوكرانيا.
وقبل أيام من الهجوم، وصف الرئيس الروسي التحذيرات الأميركية بشأن هجوم يجري الإعداد له في روسيا بأنها "استفزازية".
نشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي عادة ما يستخدمها تنظيم الدولة الإسلاميّة، مقطع فيديو صوّره على ما يبدو مُنفّذو الهجوم، وفق ما أفاد موقع "سايت" المتخصّص في رصد المواقع الجهاديّة.
ويُظهر الفيديو البالغة مدّته دقيقة و31 ثانية عددا من الأفراد الذين بدت وجوههم غير واضحة وأصواتهم مُشوّشة، وهم يحملون بنادق هجوميّة وسكاكين، داخل ما بدا أنه بهو قاعة الحفلات الموسيقية "كروكوس سيتي هول" في كراسنوغورسك في شمال غرب العاصمة الروسية.
وبينما كان المهاجمون يُطلقون رشقات ناريّة عدة، شوهِد عدد من الجثث أرضا، وأمكن رؤية حريق يندلع في الخلفية. وظهر الفيديو على حساب في تلغرام قال موقع "سايت" إنه يعود إلى وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.
وفي شوارع موسكو، لا يعتقد البعض في تورط أوكرانيا التي هاجمها الجيش الروسي في شباط/ 2022.
قال فوميك علييف، وهو طالب في كلية الطب يبلغ 22 عاماً "أعتقد أن إسلاميين متطرفين من تنظيم الدولة الاسلامية يقفون وراء هذا العمل الإرهابي. أوكرانيا ترتكب أيضاً أعمالاً إرهابية ولكن هذا يماثل أكثر ما يفعله الإسلاميون. لا أصدق رواية تورط أوكرانيا".
واشارت روسلانا بارانوفسكايا، وهي محامية تبلغ 35 عاماً، إلى أن "الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حذرتا مواطنيهما" من خطر الهجوم، "لماذا لا تعلم استخباراتنا الخاصة شيئاً؟".
- "أعداء روسيا" -
ورأى فاليري تشيرنوف (52 عاماً) أن مشاركة أوكرانيا والغرب في الهجوم أمر ذو مصداقية.
وتساءل "من يقف وراء (المهاجمين)؟ أعداء روسيا وبوتين لزعزعة استقرار السلطة، انه أمر ممكن عملياً، أن تكون أوكرانيا والغرب" قد استخدما تنظيم الدولة الاسلامية.
والسؤال المطروح الآن هو ما هي جنسية المهاجمين؟.
وبحسب وسائل إعلام روسية والنائب ألكسندر خينستين، فإن بعض المشتبه بهم من طاجيكستان. وأوضحت سلطات طاجيكستان الواقعة في آسيا الوسطى أنها "لم تتلق تأكيدات من السلطات الروسية بشأن المعلومات الكاذبة المتداولة حاليا حول ضلوع مواطنين" من طاجيكستان في الهجوم.
وقال رئيس طاجيكستان إمام علي رحمون لبوتين الأحد إن "الإرهابيين ليست لديهم جنسية".
وأعلن الكرملين أن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بين البلدين سوف "يتعزز".