يبدي الاتحاد الأوروبي انفتاحا حيال فكرة إرسال طالبي اللجوء إلى بلدان خارج التكتل، وإن كان يتجنّب اتّباع نهج بريطانيا وخططها إرسال المهاجرين غير النظاميين إلى رواندا.
يتجسّد مبدأ استخدام بلدان أخرى لاستضافة طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى أوروبا في اتفاق أبرمته إيطاليا قبل فترة قصيرة مع ألبانيا، غير المنضوية في الاتحاد الأوروبي.
كذلك يتبلور هذا المبدأ في إصلاح قوانين الهجرة واللجوء في الاتحاد الأوروبي المطروح أمام البرلمان الأوروبي ليصوت عليه الأربعاء ويتضمن بندا لإرسال طالبي اللجوء إلى بلد آخر "آمن".
لكن قانون الاتحاد الأوروبي يتطلب إظهار "رابط" بين طالب اللجوء والدولة التي يُرسل إليها.
في المقابل، تنص خطة بريطانيا على أن تصبح رواندا دولة مضيفة بشكل دائم لجميع طالبي اللجوء الذين وصلوا بشكل "غير نظامي" إلى تراب المملكة المتحدة، بغض النظر عما إذا كانت لديهم أي صلات بالدولة الواقعة في وسط أفريقيا.
وعارضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الخطة البريطانية.
وقال المحلل المتخصص بالهجرة لدى مركز السياسة الأوروبية ألبرتو-هورست نيدهارت إن خطوة كهذه غير ممكنة في الاتحاد الأوروبي لأنها "لا تتوافق مع إطار العمل التشريعي الحالي ولا مع الإصلاحات التي ستطرح للتصويت".
مع ذلك، عبّرت بلدان في الاتحاد الأوروبي بينها النمسا والدنمارك عن اهتمامها بأن تحذو حذو بريطانيا.
وساهم ازدياد عدد طلبات اللجوء في أوروبا والصعود المتوقع لليمين المتشدد في انتخابات الاتحاد الأوروبي في حزيران في دفع أكبر كتلة في البرلمان الأوروبي "حزب الشعب الأوروبي" المحافظ في هذا الاتجاه.
وقدّم حزب الشعب الأوروبي الذي تنتمي إليه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين مقترحا مشابها في برنامجه الانتخابي.
وأشار ينس سبان، المنضوي في حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي الذي يعد جزءا من حزب الشعب الأوروبي، إلى أن عددا أقل من المهاجرين بطريقة غير نظامية سيحاول الوصول إلى الاتحاد الأوروبي "إذا بات واضحا أنه سيتم إرسالهم في غضون 48 ساعة إلى بلد آمن خارج الاتحاد الأوروبي"، طارحا رواندا وجورجيا ومولدافيا كخيارات.
- "التفكير خارج الصندوق" -
أبرمت حكومة رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية المتشددة جورجيا ميلوني اتفاقا مع ألبانيا باتّجاه نقل المهاجرين إلى بلدان آخرى.
ويحدد الاتفاق الذي وقعته روما مع تيرانا في تشرين الثاني إطار نقل المهاجرين إلى مراكز في ألبانيا تمولها وتديرها إيطاليا، والذي يترك مسؤولية تقييم طلبات اللجوء وتطبيق القانون الإيطالي لها.
أشادت فون دير لايين بهذا النموذج على اعتباره "مثالا على التفكير برطيقة مبتكرة".
وبالنسبة لجان-لوي دو برويه، المسؤول السابق عن سياسات اللجوء والهجرة في المفوضية الأوروبية الذي بات مدير برنامج الشؤون الأوروبية لدى "معهد إغمونت"، فإن فكرة الخطة الإيطالية الألبانية يمكن أن تنتشر.
وقال إن بلدان الاتحاد الأوروبي يمكن أن تبرم هذا النوع من الاتفاقات الثنائية مع دول البلقان التي تأمل بالانضمام إلى التكتل "على سبيل المثال بين جمهورية مقدونيا الشمالية وألمانيا".
وأضاف "هناك منطق سياسي معيّن للأمر".
وتابع أن "الدول المرشحة للانضمام ستعطي مؤشرا واضحا بهذه الطريقة على استعدادها لتكون طرفا في شكل من أشكال التضامن الأوروبي في التعامل مع اللجوء والحماية الدولية".
وقال إنه حتى لو تحقق ذلك، فإن ترتيبات من هذا النوع ستكون مجرّد "قطرة في محيط" نظرا إلى العدد الكبير من طالبي اللجوء.
- اتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع جيرانه -
وأما الجمعيات الخيرية المعنية بالهجرة والمنظمات غير الحكومية، فتنتقد بشدّة اتفاق الهجرة واللجوء لإصلاح قواعد الاتحاد الأوروبي الحالية وتندد بفكرة إرسال دول الاتحاد الأوروبي المهاجرين إلى ما تصفها ببلدان "آمنة".
وأفادت ستيفاني بوب من "أوكسفام" إن ذلك سيشكّل "خطوة إضافية في إطار إلقاء الاتحاد الأوروبي وبلدانه مسؤولياته على الدول غير المنضوية في الاتحاد الأوروبي، رغم أن التكتل لا يستضيف غير جزء من النازحين في العالم".
وتابعت أن القانون المقترح بالتالي "يخفض مستوى معايير الحماية اللازمة" في تلك البلدان الواقعة خارج التكتل.
بالنسبة لداميان كاريم، وهو نائب فرنسي يساري في البرلمان الأوروبي، فإن التغيير المقترح سيسمح للاتحاد الأوروبي بإرسال المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الذين عاشوا في تونس إليها رغم "الازدياد الهائل في العنصرية" هناك.
وقال "إنه جنون"، مضيفا أن المفوضية ودولها الأعضاء "مهووسون" بـ"نقل المهاجرين إلى الخارج"، وهو أمر تثبته الاتفاقيات التي توصلت إليها بروكسيل أو تسعى للتوصل إليها مع بلدان مجاورة في الاتحاد الأوروبي.
وأبقى مسؤولو الاتحاد الأوروبي الذين يوقعون على هذه الاتفاقيات مع تونس ومصر وتركيا عليها كأدوات مفيدة تساعد في الحد من الهجرة غير النظامية باتّجاه سواحل أوروبا.