النهار

سابقة قانونيّة للحدّ من الانبعاثات الحراريّة... وسويسرا أوّل "المحكوم عليهم"
المصدر: "النهار"
سابقة قانونيّة للحدّ من الانبعاثات الحراريّة... وسويسرا أوّل "المحكوم عليهم"
المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان (أ ف ب)
A+   A-

قضت محكمة دولية في فرنسا، اليوم الثلثاء، بأنّ فشل سويسرا في معالجة أزمة المناخ بشكل مناسب يُعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان، وذلك في حكم تاريخيّ في شأن المناخ يمكن أن يكون له تأثير مضاعف في جميع أنحاء العالم.

فقد أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR) في ستراسبورغ بفرنسا حكمها في قضية رفعتها أكثر من ألفي امرأة سويسرية، غالبيتهنّ في السبعينات من أعمارهنّ، ضدّ الحكومة السويسرية. وقلن إنّ موجات الحرّ التي يسبّبها تغيّر المناخ قوّضت صحّتهنّ ونوعية حياتهنّ، وعرّضتهنّ لخطر الموت.

والتقرير الذي نشرته مراسلة CNN لورا باديسون، أشار إلى أنّ المحكمة قضت بأنّ الحكومة السويسرية انتهكت بعض الحقوق الإنسانية للنساء بسبب "الفجوات الحرجة" في تشريعاتها الوطنية للحدّ من الانبعاثات الحراريّة، فضلاً عن الفشل في تحقيق الأهداف المناخيّة السابقة.

ورأت المحكمة أنّ هذا يرقى إلى مستوى انتهاك حقوق النساء في الحماية الفعّالة من "الآثار الضارّة الخطيرة لتغيّر المناخ على الحياة والصحّة والرفاهية ونوعية الحياة".

تظاهرة نسائيّة أمام المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان (9 نيسان 2024 - أ ف ب)

 

ويعدّ هذا الحكم، سابقة قانونيّة، إذ أنّها المرّة الأولى التي تحكم فيها المحكمة في قضايا المناخ، مع الإشارة إلى أنّ في هذه الحالة لا يوجد حقّ استئناف ويُعتبر الحكم ملزماً قانوناً.

ونقلت CNN عن خبراء قولهم، إنّ حكم المحكمة يمكن أن يعزّز قضايا المناخ الأخرى القائمة على حقوق الإنسان والمعلّقة أمام المحاكم الدولية، ويمكن أن يفتح الباب أمام العديد من الدعاوى القضائية المماثلة التي سيتمّ إطلاقها في المستقبل.

وفي هذا الإطار قال المحامي في "شبكة الإجراءات القانونية العالمية" جيري ليستون لـ CNN إنّ "الأحكام الصادرة اليوم ضدّ سويسرا تشكّل سابقة تاريخية تنطبق على جميع الدول الأوروبية... وهذا يعني أنّه يجب على الدول الأوروبية مراجعة أهدافها بشكل عاجل بحيث تكون قائمة على العلم ومتوافقة مع 1.5 درجة". وأضاف: "هذا فوز كبير لجميع الأجيال".

وأكّد أنّ الحكم الذي صدر لصالح النساء في سويسرا يشكّل "سابقة تتبعها المحاكم الدولية الأخرى".

 

تداعيات هذا الحكم

من الممكن أن يجبر هذا الحكم سويسرا على خفض استهلاكها للوقود الأحفوريّ بسرعة أكبر. والوقود الأحفوريّ هو المحرّك الرئيسيّ لتغيّر المناخ الذي يسبّبه الإنسان.

وذكرت فيسيلينا نيومان، من منظمة المحامين البيئيين Client Earth، إنّ هذه النتيجة "من إحدى أعلى المحاكم في العالم تبعث برسالة واضحة: يجب على الحكومات اتّخاذ إجراءات حقيقية في شأن الانبعاثات لحماية حقوق الإنسان لمواطنيها".

فيما أكّد مكتب العدل الاتّحاديّ السويسريّ، الذي يمثّل البلاد في محكمة حقوق الإنسان، إنّه "أحيط علماً بالحكم"، مضيفاً بيان لشبكة CNN أنّه "سيتمّ تحليل الحكم الشامل مع السلطات المعنية، وسيتمّ فحص الإجراءات التي يتعيّن على سويسرا اتّخاذها في المستقبل".

من التحرّك النسائيّ المواكب لقرار المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان (9 نيسان 2024 - أ ف ب)
 

دعاوى سابقة

المحكمة عينها كانت أصدرت أيضاً أحكاماً بشأن دعويين أخريين، إحداهما رفعها عمدة بلدية ضدّ الحكومة الفرنسية والثالثة، وهي الأكبر والأكثر شهرة، قدّمها ستّة شباب في البرتغال ضدّ 32 دولة أوروبية، إلّا أنّ المحكمة رفضتهما.

في فرنسا، انتقل المدّعي من البلاد ولم تعد له صلة بالمنطقة التي تركّز عليها قضيته، وبالتالي اعتبر غير مؤهّل ليكون "ضحية".

أمّا القضية البرتغالية، فقد رفضتها المحكمة على أساس أنّ المدّعين لم يستنفدوا جميع السبل القانونية في نظام محاكمهم الوطنيّ أوّلاً، وألّا أسباب موجبة لتوسيع المطالبة إلى دول خارج البرتغال.

لكنّ إحدى المدّعيات في هذه القضية كاتارينا دوس سانتوس موتا، قالت للشبكة الأميركية إنّه على الرغم من أنّ الحكم لم يسر في صالحهم، إلّا أنّ الحكم كان لا يزال فوزاً. ورأت أنّ قضيتهم "لم تكسر الجدار، لكنّها أحدثت صدعاً كبيراً".

وأردفت، "أريد أن أرى الفوز على سويسرا يُستخدم ضدّ جميع الدول الأوروبية وفي المحاكم الوطنية".

ومع تفاقم أزمة المناخ، أصبحت التقاضي المناخي أداة شائعة بشكل متزايد لمحاولة إجبار الحكومات والشركات على تكثيف عملها المناخي، خاصّة وأنّ العالم لا يزال بعيداً عن مسار خفض الانبعاثات بسرعة كافية لتجنّب الاحتباس الحراريّ الكارثيّ.

والجدير بالذكر، أنّه لدى كلّ من محكمة العدل الدولية والمحكمة الأميركيّة لحقوق الإنسان قضايا معلّقة تتعلّق بآثار تغيّر المناخ على حقوق الإنسان.

اقرأ في النهار Premium