يصوّت النواب الأوروبيون، الأربعاء، على تدابير واسعة النطاق لتعديل سياسات اللجوء في التكتل، والتي يمكن أن تشدد التدابير الحدودية للوافدين بشكل غير نظامي ويتعيّن أن تكون جميع بلدانه طرفا فيها.
يضم "اتفاق الهجرة واللجوء" الجديد عشرة قوانين تمّت صياغتها بعد مفاوضات استمرت لسنوات ويهدف لدفع بلدان الاتحاد الأوروبي التي تختلف أولوياتها الوطنية، للتحرّك معا في مسائل الهجرة، بالاستناد إلى القواعد ذاتها.
وإذا رُفض واحد من هذه القوانين فقط، تفشل الحزمة بأكملها.
وأكّدت الكتل السياسية الأساسية في البرلمان الأوروبي أنها ستدعم الحزمة. إلا أن أحزاب اليمين واليسار المتشددة تعارض واحدا أو أكثر من هذه القوانين.
أعربت المنظمات الخيرية وتلك غير الحكومية المعنية بشؤون الهجرة، عن معارضتها للاتفاق الذي تراه محاولة لتعزيز "الحصن الأوروبي" وجعل حصول اللاجئين على الحماية في أوروبا أكثر صعوبة بكثير.
وقالت النائبة الفرنسية عن مجموعة "رينيو" الوسطية في البرلمان فابيين كيلير "إن نتيجة التصويت غير مضمونة".
ويمكن لفشل أحد النصوص أن يُفشل الحزمة بأكملها، وفق ما أفادت، رغم أن "غالبية ديموقراطية في البرلمان الأوروبي تؤيّدها".
تنص الحزمة على إقامة مراكز حدودية للمهاجرين غير النظاميين ريثما تتم دراسة طلبات لجوئهم وتسريع إجراءات ترحيل أولئك غير المقبولين.
وبإسم التضامن الأوروبي، سيتوجب على بلدان الاتحاد الأوروبي استقبال آلاف طالبي اللجوء من الدول التي تعد "على خط المواجهة" مثل إيطاليا واليونان في حال شعرت بأنها تحت الضغط نتيجة تدفق المهاجرين.
ويمكن كخيار آخر أن تقدّم دول الاتحاد الأوروبي الأخرى المال وغير ذلك من الموارد إلى البلدان التي تعاني من الضغط، أو المساعدة في تأمين الحدود.
ومن بين الإجراءات الأخرى المثيرة للجدل، مقترح لإرسال طالبي اللجوء إلى بلدان خارج الاتحاد الأوروبي تعتبر "آمنة" إذا كان للمهاجر رابط ما مع هذه الدولة.
وقالت مفوّضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي يلفا جوهانسون الثلثاء إنها "فخورة" بوصول الحزمة إلى مرحلة التصويت.
وقالت "آمل أن نحصل عليها... كان ماراثونا".
- مفاوضات طويلة -
كان الاتفاق محور نقاشات وتسويات صعبة على مدى سنوات.
ورأى التكتل بضرورة التحرّك بشكل موحّد عندما وصلت أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين في 2015، قدم الكثير منهم من سوريا.
وقوبلت أفكار أولى مثل مشاركة المهاجرين على أساس مبدأ "الحصص" برفض عدد من الدول.
كذلك أدى تغير المشهد السياسي في معظم دول الاتحاد الأوروبي مع بروز اليمين في السنوات الأخيرة وتفاقم عدم الاستقرار السياسي، إلى عرقلة مساعي الوصول إلى توافق.
ووضعت المفوضية الأوروبية مقترحا تمّت مراجعته عام 2020 والتوافق عليه سياسيا في كانون الأول الماضي.
ورغم القلق الذي يشعر به الكثير من النواب الأوروبيين المنتمين إلى التيارات الرئيسية حيال بعض الإجراءات الأكثر تشددا الواردة في الاتفاق، إلا أنهم يدعمونه على اعتبار أنه يؤدي بالمجمل إلى تحسين الوضع الحالي، علما بأن المسؤولية ليست مشتركة حاليا.
ويقول نواب من اليمين المتشدد مثلا إن أجزاء من الحزمة لا تذهب إلى حد منع المهاجرين غير النظاميين الوافدين من بلدان مجاورة "آمنة". لكنهم يوافقون على توسيع الاتفاق لجمع البيانات البيومترية من القادمين.
ويشعر نواب اليسار المتشدد بالغضب مما يعتبرون أنه تخل عن قيم التعاطف والكرامة الإنسانية الأوروبية.
وتتفق مع ذلك 161 منظمة حقوقية بينها منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" و"لجنة الإنقاذ الدولية" التي ترى أن الاتفاق "يعاقب" المهاجرين وطالبي اللجوء.
وبموازاة الإصلاحات، يعكف الاتحاد الأوروبي على إبرام اتفاقيات شبيهة بتلك التي توصل إليها مع تركيا في العام 2016 للحد من تدفق المهاجرين. وتوصل إلى اتفاقيات مع تونس ومصر، تم التعريف عنها على أنها ترتيبات تعاون أوسع.
وفي حال إقراره، سيدخل القانون حيّز التنفيذ اعتبارا من 2026. ومن المرتقب أن تحدد المفوضية الأوروبية خلال الشهور المقبلة آلية تطبيقه.
وأعرب خبير الهجرة جان-لوي دو برويه الذي كان مسؤولا عن سياسات اللجوء والهجرة في المفوضية عن "شكوك جدية" حيال كيفية عمل الاتفاق في نهاية المطاف.
وقال "نتّجه نحو نظام أكثر تعقيدا بكثير من الناحية الموضوعية ولست متأكدا على الإطلاق من أن الدول الأعضاء مستعدة لتحمّل مسؤولياتها".
وأشار خبير آخر هو ألبرتو-هورست نيدهارت من مركز السياسية الأوروبية إلى "الكثير من المسائل الغامضة" في تطبيق الاتفاق.
لكنه قال إنه يشكل "فرصة لتغيير الطريقة التي ينظر فيها الاتحاد الأوروبي إلى سياسته للهجرة، إذ ينقلها من النقاشات المبنية على العواطف إلى تلك القائمة على الحقائق".