عبّرت رابطة دول جنوب شرق آسيا، الجمعة، عن قلقها العميق من تصاعد الحرب الأهلية في بورما التي بلغت ذروتها مع سيطرة مقاتلين مناهضين للعسكريين الحاكمين على مدينة استراتيجية على الحدود مع تايلاند.
وجاء في بيان مؤرّخ الخميس صدر عن وزراء الخارجية في البلدان العشرة التي تشكّل الرابطة المعروفة اختصارا باسم آسيان "نحن، الدول الأعضاء في آسيان، نعرب عن عميق القلق من التصاعد الأخير للنزاعات، لا سيّما في منطقة مياوادي".
وأضاف الوزراء "نطلب بإلحاح من الأطراف كافة وقف العنف فورا والتزام أقصى درجات ضبط النفس واحترام القانون الدولي الإنساني واتّخاذ كلّ التدابير اللازمة لنزع فتيل التوتّر وضمان حماية كلّ المدنيين وأمنهم".
تشهد بورما، الدولة العضو في رابطة "آسيان"، نزاعا مدنيا عنيفا منذ الانقلاب الذي نُفّذ في 2021 ضدّ حكومة آونغ سان سو تشي، من دون أن يلوح أيّ حلّ سلمي في الأفق، بالرغم من الدعوات المتكرّرة للمجموعة الإقليمية التي قدّمت قبل ثلاث سنوات خطّة للخروج من الأزمة.
وتصاعدت حدّة المعارك في الأشهر الأخيرة بعد سلسلة من الهجمات في عدّة مناطق لمجموعات من الأقليات الإتنية ومقاتلين معارضين للعسكر في الحكم.
ومنيت السلطة العسكرية الحاكمة بعدّة انتكاسات كبيرة، لا سيّما في المناطق المحاذية للصين ولتايلاند، فباتت بحسب محلّلين في موقع هو الأضعف منذ الانقلاب.
والأسبوع الماضي، انسحب العسكر من مدينة مياوادي الاستراتيجية على الحدود مع تايلاند حيث دارت اشتباكات لأيّام وقد سُمع دويّ الانفجارات والأسلحة المدفعية من الجانب التايلاندي.
- تحذير أممي -
ومذاك، لم تشهد المدينة مواجهات عنيفة لكن تدور معارك على بعد ثلاثين كيلومترا تقريبا في منطقة كاوكاريك الواقعة على الخطّ الرئيسي الذي يربط رانغون بتايلاند.
وعزّزت تايلاند من جانبها الانتشار العسكري على الحدود البورمية. وكشفت القوّات الجوية التايلاندية الجمعة عن إرسال طائرة مقاتلة من طراز "اف-16" بهدف "صون السيادة" على الحدود.
وحذّرت المملكة من أنها لن تقبل أيّ "انتهاك" لأراضيها وتحضّرت لاستقبال موجة جديدة من اللاجئين.
وحذّرت الأمم المتحدة من جانبها الجمعة في جنيف من أن اشتداد المعارك في ولاية راكين يشكّل تهديدا خطرا على المدنيين، داعية البلدان النافذة إلى منع وقوع "اضطهادات فظيعة" في حقّ أفراد الروهينغا.
وأعلن مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك أن التوتّرات بين أفراد الروهينغا والافراد من إتنية راكين تعكس خطرا فعليا أن تتكرّر الفظائع السابقة. وقال في بيان "ينبغي ألا نسمح بأن يتكرّر الماضي".
وصرّح الناطق باسم الخارجية التايلاندية نيكورنديج بالانكورا "بصفتا بلدا مجاورا، نؤيّد المفاوضات التي من شأنها أن تفضي إلى الوحدة والسلم والاستقرار".
- حبر على ورق -
منذ تشرين الأول 2021، تُستبعد بورما من القمم والاجتماعات الوزارية لرابطة دول جنوب شرق آسيا. لكن في كانون الثاني شاركت مسؤولة رفيعة المستوى من نايبيداو في اجتماع لوزراء الخارجية في لاوس التي تتولّى الرئاسة الدورية للمجموعة.
ومطلع الشهر عينه، اجتمع مبعوث لاوس في "آسيان" برئيس المجلس العسكري الحاكم في نايبيداو لمناقشة "السلم والاستقرار".
ويشكّل الملفّ البورمي عادة نقطة خلاف بين أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا.
وتنصّ خطّة الخروج من الأزمة المؤلّفة من خمسة بنود والتي أعدّتها "آسيان" على تنظيم حوار بين الأطراف المعنية كافة، لكن المطلب بقي حبرا على ورق حتّى الساعة، إذ ما زال المجلس العسكري يصف خصومه الإتنيين والسياسيين بـ"الإرهابيين".
وتمضي آونغ سان سو تشي عقوبة بالسجن لمدّة 27 عاما إثر إدانتها بعدّة تهم في سياق محاكمة وصفتها منظمات حقوقية بالمهزلة.
ونقلت سو تشي البالغة 78 عاما والحائزة نوبل السلام من زنزانتها إلى مقرّ إقامة قيد المراقبة، بحسب ما أفاد مصدر عسكري وكالة فرانس برس الأربعاء في أعقاب إعلان السلطة العسكرية تدابير لحماية السجناء الضعفاء من تداعيات موجة حرّ.
وقد أودى النزاع في بورما بأكثر من 4800 مدني منذ 2021، وفق مجموعة رصد محلية.