ينتاب جوسلين كاكي "خوف من خسارة" أولادها، وهي مستلقية على سريرها في أحد مستشفيات ليما جراء إصابتها بحمى الضنك الذي يشكل مرضا فيروسيا تغذيه ظاهرة ال نينيو المناخية وينتشر بشكل غير مسبوق في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
وكانت الشابة الحامل في أسبوعها الخامس عشر بتوأم والبالغة 23 سنة، أُدخلت قبل خمسة أيام مستشفى سيرخيو بيرناليس في العاصمة البيروفية، والذي يعالج يومياً نحو عشرات المصابين بهذه العدوى.
وتقول لوكالة فرانس برس وهي مستلقية تحت ستارة كبيرة من قماش التول تحميها من لدغات البعوض المسؤول عن نقل الفيروس (ما يُعرف بـ"الزاعجة المصرية" أو "بعوضة الحمى الصفراء")، "لا أعرف كيف التقطت العدوى. إنه أمر مروع".
وهذا المرض الذي يسبب حمى تتطوّر في حالات نادرة إلى شكل أكثر خطورة، لا ينتقل من شخص إلى آخر، لكنّ الاجنة تواجه خطراً في حال كانت الأمهات الحوامل مصابات به.
ويستشري الفيروس الذي يطال البلدان الحارة، بشكل رئيسي في المناطق المُدنية وشبه المُدنية، ويُصاب به سنوياً ما بين 100 إلى 400 مليون شخص، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وفي نهاية آذار، حذّرت منظمة الصحة للبلدان الأميركية من أن أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي يُتوقّع أن تشهدا أسوأ موسم لحمى الضنك على الإطلاق.
وفي أقل من ثلاثة أشهر منذ مطلع العام، سجلت السلطات الصحية في المنطقة أكثر من 3,5 ملايين إصابة وألف حالة وفاة بالفيروس.
وبحسب وزارة الصحة البيروفية، تسببت حمى الضنك بوفاة 147 شخصاً منذ بداية العام، وسُجّلت أكثر من 155 ألف إصابة في البلاد. وتتجاوز هذه الأرقام بكثير المعدّلات التي سُجّلت في الفترة نفسها من العام 2023 (39 حالة وفاة و34 ألف إصابة).
ودفعت خطورة الوضع الحكومة إلى إعلان حالة طوارئ صحية في 20 منطقة من مناطق البلاد البالغ عددها 25 خلال شباط.
- "خائف على حياتي"-
افتتح مستشفى سيرخيو بيرناليس قسماً مخصصاً للمصابين بحمى الضنك. وبين كانون الثاني ونيسان، عالج القسم 2200 شخص، وهو رقم يزيد بأكثر من 200% عن الرقم المسجّل في الفترة نفسها من العام 2023.
ويقول ألونسو فيرغاري، وهو طالب يبلغ 18 عاماً عانى من نزيف في الحلق جراء إصابته بالفيروس، "كنت خائفاً على حياتي، لكنني بُتّ اليوم أشعر بقليل من الارتياح".
ويقول لويس كاماتشو، وهو عامل بناء يبلغ 60 عاماً أصيب بالفيروس ودخل المستشفى أيضاً "شعرتُ فجأة بأن وضعي الصحي ساء وفقدت شهيتي وقوتي".
وتنتشر حمى الضنك خصوصا في العاصمة التي تضم 10 ملايين نسمة. وقال وزير الصحة سيزار فاسكيس في تصريح حديث لصحيفة "ال كوميرسيو"، "نشهد منحنى تصاعديا في ليما بسبب الكثافة السكانية".
وساهم ارتفاع درجات الحرارة الناجمة عن ظاهرة ال نينيو بين منتصف عام 2023 وآذار/مارس 2024 في انتشار الفيروس. وتشير ديامانتينا مورينو، المتخصصة في الأمراض المعدية، إلى أنّ "هذا المناخ ملائم لتكاثر بعوضة الحمى الصفراء".
وسُجّلت زيادة في عدد الإصابات في مختلف بلدان أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ولكن خصوصاً في البرازيل وباراغواي والأرجنتين، وهي ثلاث دول تمثل 92% من كل الحالات و87% من الوفيات، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وفي البرازيل، ارتفع عدد الإصابات خلال الأسابيع الخمسة الأولى من العام خمس مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام 2023. وأطلقت البلاد في شباط حملة تطعيم مجانية ضد حمى الضنك، بعدما شهدت ارتفاعا كبيراً في عدد الإصابات.
وفي الأرجنتين، سُجّلت 129 حالة وفاة بسبب المرض في الربع الأول من العام 2024، مقارنة بـ13 خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام السابق.
ونتيجة لذلك، تعاني البلاد من نقص في مبيدات الحشرات، ما أثار حالة من الهستيريا مع تدافع الزبائن في المتاجر وبلوغ أسعار هذه هالمواد أرقاماً جنونية عبر الإنترنت.