اختتمت في العاصمة البنمية المرافعات في محاكمة رئيسي شركة المحاماة المنحلّة موساك فونسيكا التي كانت محور فضيحة "وثائق بنما" العالمية في 2016، بتهمة غسل أموال، على أن تصدر المحكمة حكمها خلال ثلاثين يوماً.
وبعد عشرة أيام على بدء هذه الجلسات، قالت القاضية بالوايزا ماركينيز الجمعة إنها ستستفيد من القانون الذي يمنحها ثلاثين يوم عمل لإصدار الحكم - أو ربما أكثر في حالات الإجراءات المطولة.
وطلبت المدعية العامة إيسيس سوتو الحكم بالسجن 12 عاماً وهو الحد الأقصى في جرائم غسل الأموال، على يورغن موساك (76 عاماً) ورامون فونسيكا (71 عاماً)، مؤسسي الشركة التي كانت ممارساتها في قلب الفضيحة التي اندلعت في 2016.
وقالت المدعية المكلّفة مكافحة الجريمة المنظمة إن موساك وفونسيكا "تلقيا وحوّلا أموالاً متأتية من أنشطة غير مشروعة في ألمانيا والأرجنتين"، مشيرة إلى أنهما "أخفيا (معلومات) وقدّما معلومات خاطئة لهيئات مصرفية بغية فتح حسابات والتستّر على ملكية الأصول".
وهما مسؤولان بحسب الادعاء عن تيسير إنشاء شركات ضبابية عبر مكتبهما، أودع فيها مسؤولون من مجموعة "سيمنز" الألمانية المتعددة الجنسيات ملايين اليوروهات خارج الحسابات الفعلية للمجموعة.
وساهمت تلك الشركات في إخفاء الأموال المتأتية من دفع عمولات.
كما ساعد مكتب المحاماة في إيداع أموال متأتية من عملية احتيال واسعة في الأرجنتين.
وكانت الوثائق المسربة من مكتب المحاماة موساك فونسيكا كشفت أصولاً مخبأة لأثرياء العالم في شركات خارجية، مما أدى إلى فتح عشرات التحقيقات في جميع أنحاء العالم.
"ظلم كبير"
قال موساك في نهاية المحاكمة "حدث بالفعل ظلم كبير، ليس ضدي فقط، بل ضد جميع الأشخاص الذين عملوا معي وهم كثر". وأضاف "أكرر أن شريكي وجميع الأشخاص الذين عملوا معي كانوا جادين وصادقين ونزيهين".
وكان المحامي الألماني الأصل أعلن عند بدء المحاكمة في الثامن من نيسان "أنا لست مسؤولاً".
ويحاكم موساك وفونسيكا مع أكثر من عشرين متهما آخرين، معظمهم من الموظفين السابقين. ولم يحضر فونسيكا الجلسات لأسباب طبية.
ورأت غييرمينا ماكدونالد محامية موساك ومتهمين آخرين، لوكالة "فرانس برس" إن المحاكمة كانت معيبة. وقالت "إذا كانت هناك عدالة، فيجب تبرئتهم"، مؤكدة أنه "لم يتم إثبات أي فعل يعاقب عليه القانون".
وطالب الادعاء بعقوبات تراوح بين 5 سنوات و12 سنة من السجن في حقّ 24 متّهماً آخر، لا سيّما منهم موظّفين سابقين في مكتب "موساك فونسيكا"، في حين التمس تبرئة ثلاثة آخرين.
وكُشفت أعمال "موساك فونسيكا" في 2016 في تحقيق باسم "وثائق بنما" أجراه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين.
واستنادا إلى 11,5 مليون وثيقة مسربة من مكتب "موساك فونسيكا"، كشف إخفاء رؤساء دول وحكومات وسياسيين كبار وشخصيات من عالم المال والرياضة والفن، ممتلكات وشركات ورؤوس أموال وأرباحاً عن السلطات الضريبية.
ومن بين الشخصيات المذكورة رؤساء الوزراء السابقون لآيسلندا سيغموندور ديفيد غونلوجسون وباكستان نواز شريف والمملكة المتحدة ديفيد كامرون (وزير الخارجية حاليا)، والرئيس الأرجنتيني السابق ماوريسيو ماكري، بالإضافة إلى نجم كرة القدم ليونيل ميسي والمخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار.
واضطر رئيس الوزراء الأيسلندي الى الاستقالة بعد أن تبين أن عائلته لديها حسابات في الخارج.
وأقصي رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك نواز شريف من منصبه مدى الحياة بعدما ورد اسمه في الوثائق.
وقدم عدد كبير من هؤلاء مبررات لوجود الأموال في الخارج وأكدوا أنهم لم يخالفوا القانون.
مع ذلك، قالت شركة موساك فونسيكا في 2018 إنها ستغلق أبوابها بسبب "الضرر الذي لا يمكن إصلاحه" الذي لحق بسمعتها.
ووجهت الفضيحة ضربة قوية لصورة بنما كمركز مالي خارجي.