يشهد إقليم الباسك في شمال إسبانيا، الأحد، انتخابات إقليمية ترجّح الاستطلاعات أن يفوز فيها حزب بيلدو اليساري الانفصالي الذي يعتبر وريثا للجناح السياسي لمنظمة إيتا الانفصالية.
وقد تضع نتائج الانتخابات حزب العمال الاشتراكي الحاكم بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز في موقف صعب قد يضطره للاختيار بين حليفين رئيسيين في البرلمان.
وترجح الاستطلاعات فوز "إي إتش بيلدو"، وهو ائتلاف يعمل على النأي بنفسه عن منظمة إيتا التي أوقعت حملتها العنفية لاستقلال الباسك 850 قتيلا قبل أن تنبذ العنف في العام 2011.
وفتح أكثر من 700 مركز اقتراع عند الساعة 9,00 (7,00 ت غ) لنحو 1,8 مليون ناخب مسجلين لاختيار 75 مشرّعا في البرلمان الإقليمي للباسك، على أن تغلق عند الساعة 20,00.
وبحلول الساعة 13,00، أي قبل سبع ساعات من الموعد المقرر لإقفال الصناديق، كانت نسبة المشاركة بلغت 28 بالمئة، وفق ما أعلن مسؤولون.
بقاعدة شعبية كبيرة وتأييد كبير خصوصا لدى فئة الشباب نظرا لموقفه المتشدد في القضايا الاجتماعية، يسجل بيلدو صعودا وفق استطلاعات الرأي، ويبدو الأوفر حظا للفوز في الانتخابات.
وقال مرشّح بيلدو بيو أوتسانديانو في تصريح لصحافيين عقب اقتراعه في بلدته أوتسانديو "نحن أمام فرصة للتغيير لنبذ سياسات وطرق لممارسة السياسة عفا عليها الزمن، وهذا الأمر يعكس مسار الشعور بالجمود".
وإذا صدقت استطلاعات الرأي، سيكون بيلدو أمام تحقيق فوز تاريخي بتقدّمه على الحزب القومي الباسكي، وهو فصيل وسطي يحكم المنطقة منذ عقود.
وقالت الأخصائية الاجتماعية إيلينا غارسيا (40 عاما) في تصريح لوكالة فرانس برس في بلباو "في السابق، كان الحزب الوحيد الذي يرعى مصالح الباسك هو الحزب القومي الباسكي، لذلك كان الجميع يصوتون لصالحه بغض النظر عن ميولهم السياسية"، لافتة إلى أن حقبة "إيتا" أصبحت من الماضي.
وأضافت غارسيا "لكن الآن إذا كنت يساريا وذا وعي اجتماعي أكبر، فستصوّت لصالح بيلدو".
- الاشتراكيون صانعو الملوك -
تشير استطلاعات للرأي إلى أن النتائج قد تكون متقاربة ولن يفوز أي من الحزبين بأغلبية مطلقة، ما سيجعل الفرع الإقليمي للحزب الاشتراكي صانعا للملوك.
وتعتمد حكومة سانشيز التي يقودها الاشتراكيون على دعم رئيسي من شبكة من الحلفاء الإقليميين، بما في ذلك الحزب القومي الباسكي وبيلدو، ما يعني أن الاختيار بينهما قد يكون مكلفا.
لكن المحلل في مجموعة أوراسيا فيديريكو سانتي قال إنه "من غير المرجح أن تهدد نتيجة الانتخابات استقرار حكومة (سانشيز)".
إلى الآن، يحكم الحزب القومي إقليم الباسك في ائتلاف مع الاشتراكيين. واستبعد زعيمهم الإقليمي دعم بيلدو الذي أدين زعيمه أرنالدو أوتيجي بالانتماء إلى إيتا، لكن نسب إليه الفضل لاحقا في المساهمة في نبذ المنظمة العنف.
وقال المرشح الاشتراكي إنيكو أندويزا للمحطة الإذاعية العامة إن "إدانة الإرهاب دين مستحق (لبيلدو) تجاه مجتمع الباسك وما دام لم يفعل ذلك... لن نبرم معه أي صفقة".
وطوال الحملة الانتخابية، لم تطرح المسألة جديا إلا في هذا الأسبوع حيث أثار أوتساندينو غضبا بعدم وصفه إيتا "منظمة إرهابية" واكتفائه بتوصيفها على أنها "فصيل مسلّح".
وقال بابلو سيمون، أستاذ العلوم السياسية من جامعة كارلوس الثالث في مدريد "حتى لو فاز بيلدو، فإنه لن يكون قادرا على الحكم لأن أي حزب لن يكون على استعداد للتحالف معه"،
- منطقة غنية -
إقليم الباسك البالغ عدد سكانه 2,2 مليوني نسمة، يحتل المرتبة الثانية في قائمة الأقاليم الأعلى دخلا للفرد في إسبانيا بعد مدريد مع متوسّط يبلغ نحو 36 ألف يورو (38,400 دولار).
كذلك يمثّل اقتصاد إقليم الباسك 5,9 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لإسبانيا، ويحتل المرتبة الخامسة من بين 17 منطقة في إسبانيا، وفقا لبيانات بحثية لأرقام كايكسا بنك.
وهي أيضا المنطقة التي تسجل أدنى نسبة بطالة في إسبانيا عند 7,9 بالمئة، وفقا لأرقام حكومة الباسك.
يعتبر الأب الروحي للقومية الباسكية سابينو أرانا الذي أنشأ الحزب القومي الباسكي في عام 1895. نشأت أيديولوجيته الكاثوليكية المتشددة المعادية لإسبانيا من معارضته الشديدة لآلاف الإسبان الذين تدفقوا إلى المنطقة نتيجة للثورة الصناعية.
تاسست منظمة إيتا في العام 1959 نتيجة انقسام في الحركة الشبابية للحزب القومي الباسكي نجم عن غضب هؤلاء إزاء عجز حزبهم عن الوقوف في وجه الدكتاتور فرانثيسكو فرانكو.
وفي أول عمل عنفي مسجل، قتل مسلحو إيتا شرطيا بالرصاص في 7 حزيران 1968 في مدينة فيابونا، وفقا لوثائق وزارة الداخلية الإسبانية.