النهار

ملك ملوك الفرس "قورش العظيم" لايزال حاضراً في إيران
المصدر: "النهار"
ملك ملوك الفرس "قورش العظيم" لايزال حاضراً في إيران
أسطوانة سايروس (ويكيبيديا)
A+   A-

كتبت صحيفة "الإيكونوميست" مقالاً تحدّثت فيه عن الصراع الداخلي في إيران بين النظام الحاكم ومعارضيه انطلاقاً من الهويّة الفارسيّة التي أسسها "سايروس العظيم" أو "قورش الكبير".

وجاء في المقال تحت عنوان " لماذا يحبّ المنشقون الإيرانيون كورش، الملك الفارسي القديم؟" بالحديث بداية عن "أسطوانة سايروس"، أو أسطوانة "قورش العظيم" أحد أبرز أباطرة الأخمينيين ومؤسس الإمبراطورية الفارسية، بالإشارة إلى أنها تبدو كقطعة عادية من الطين بحجم كرة القدم الأميركية (rugby)، ومع ذلك فهي واحدة من "أكثر الآثار الإيرانية قيمة"، وكتب عليها بالنص المسماري عن استيلاء الإمبراطور الفارسي "قورش الكبير" على مدينة بابل في بلاد ما بين النهرين، أي العراق في يومنا هذا.

ويتابع، أنه "أحد أكثر الادّعاءات إثارة للدهشة هي أن قورش سمح لأولئك الذين تمّ ترحيلهم إلى بابل بالعودة إلى ديارهم. ومن ضمنهم اليهود".

ويضيف كاتب المقال نقلاً عن كتاب "عزرا" أن "قورش، هو الشخص الوحيد غير اليهودي في الكتاب المقدس العبري الذي يُعتبر مسيحاً، حتى أنه دفع تكاليف ترميم الهيكل اليهودي في القدس".

الأسطوانة مملوكة للمتحف البريطاني، ومن المقرّر "أن يرسلها إلى القدس على سبيل الإعارة في وقت لاحق من هذا العام، ما أثار غضب الحكّام في إيران". وفي كانون الثاني، هدّد رئيس المكتب العام للمتاحف في طهران هادي ميرزايي، المتحف البريطاني باتخاذ إجراءات قانونية. وأشار إلى أنّ قطعة بهذه الأهمية الثقافية لإيران، لا يمكن لها أن تثق بإسرائيل.

ويعقّب مقال الصحيفة البريطانية أن "سايروس" أصبح رمزاً للزعماء، وخاصة الأميركيين الذين هم أصدقاء إسرائيل، وأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (والعديد من المسيحيين المحافظين) قاموا بتشبيه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالملك الفارسي بعد نقله السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس عام 2018.

كما أن الرئيس الأميركي الراحل هاري ترومان ذهب إلى أبعد من ذلك، وهو أول زعيم عالمي يعترف بدولة إسرائيل عام 1948، بقوله: "أنا سايروس".

في المقابل تبدو الحكومة الإيرانية "أكثر حذراً بشأن هذا الإمبراطور، ويفضّل قادتها الدينيّون تبجيل المسلمين".

ويُنظر إلى "أسطوانة قورش" على أنها أول تعبير عن حقوق الإنسان، التي "لا تحظى بتقدير كبير من قبل الجمهورية الإسلامية، ولا دعم قورش لعودة اليهود إلى صهيون".

تستطرد "الإيكوموميست" أنه مع ذلك فإن قادة إيران على استعداد لاستغلال ذكراه عندما يكون ذلك مناسباً، وتشير تحديداً الى الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، عندما قدّم "عرضاً رائعاً لزيارة الأسطوانة إلى إيران في عام 2010 في محاولة لحشد المشاعر القومية ودرء خصومه".

وفي هذا الإطار تنقل عن نرجس فرزاد من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن قولها، "إنهم يختارون".

ومع ذلك، فإنّ مجموعات أخرى في النظام الإيراني اليوم هي "أقل حرصاً على سايروس". لاسيّما وأن قبره في باسارجاد المدينة في بلاد فارس القديمة، "أصبح نقطة تجمّع لمعارضي النظام. وفي عام 2016 طاف به آلاف الإيرانيين، واعتقلت الشرطة نحو 70 منهم. وبات 'يوم سايروس' عطلة غير رسمية".

وينقل كاتب المقال عن عمّار مالكي من جامعة تيلبورغ في هولندا، "إن الاحتفال بسايروس يسمح للإيرانيين بإظهار ازدرائهم النظامَ دون احتجاجات صريحة".

مدفن سايروس (أ ف ب)
 

لكن في المقابل، فإن صورة قورش "كشخصية ملكية مستنيرة تثير استياء أركان النظام الحالي"، خصوصاً وأن شاه إيران الأخير محمد رضا بهلوي، كان يحب أن يعتبر نفسه قورش في العصر الحديث، وقال للملك القديم مطمئناً: "ارقد بسلام، لأننا مستيقظون"، وكان ذلك عام 1971 خلال اجتماع لزعماء العالم للاحتفال بمرور 2500 عام على الملكية الإيرانية. كذلك بالنسبة لابنه رضا بهلوي الذي يرى نفسه خليفة قورش أيضاً.

وفي العام نفسه 1971، قدمت شقيقة الشاه بهلوي للأمم المتحدة نسخة طبق الأصل من الأسطوانة، والتي وُصفت بأنها مقدمة لميثاق حقوق الإنسان.

احتفال الشاه عام 1971 (مواقع التواصل الاجتماعي) 
 

إنّما سمعة سايروس على أنه "مدافع عن حقوق الإنسان موضع شكّ؛ لقد كان إمبراطوراً في نهاية الأمر".

وتختم "الإيكونوميست" مقالها بالقول إنّه "وسط التوترات مع إسرائيل والتهديد بالحرب، إن ذكرى علاقات أكثر دفئاً، مع نوع مختلف من القادة، مسألة تروق للعديد من الإيرانيين".

 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium