النهار

نفوق مبكر قياسي للسلمون النروجي المستزرع ومخاوف على سمعة القطاع بسبب تصدير أسماك مصابة
المصدر: أ ف ب
نفوق مبكر قياسي للسلمون النروجي المستزرع ومخاوف على سمعة القطاع بسبب تصدير أسماك مصابة
صورة التقطتها هيئة سلامة الأغذية النروجية في منتصف نيسان 2023 في مزرعة أسماك على ساحل ترونديلاغ في النروج، وتظهر اسماك سلمون ماتت في شكل مبكر (أ ف ب).
A+   A-
يشهد إنتاج النروج من سمك السلمون أزمة، إذ أن المزارع التي تتولى تربية هذا النوع المرغوب لاحتوائه على "أوميغا 3" ومنافعه الغذائية،  شهدت العام الفائت نفوقاً مبكراً لرقم قياسي من الأسماك.

ووصل إلى 63 مليوناً عدد الأسماك التي نفقت في الأقفاص الكبيرة المغمورة في مَضائق الدولة الإسكندنافية التي تحتل المرتبة الأولى عالمياً في إنتاج سمك السلمون الأطلسي.

وبالتالي، بلغت نسبة النفوق مستوى غير مسبوق هو 16,7 في المئة، وهذا المعدل يزيد من سنة إلى أخرى.

ويعود السبب في ذلك إلى عدد من الأمراض التي تصيب البنكرياس والخياشيم والقلب وسواها، لكن النفوق قد ينجم أيضاً عن الجروح التي تصاب بها هذه الأسماك خلال العمليات الهادفة إلى تخليصها من قمل البحر، وهي طفيليات تتغذى على مضيفها.

واشار رئيس قسم صحة الأسماك ورعايتها في المعهد البيطري النروجي إدغار برون إلى أن "نفوق الحيوانات يشكّل إهداراً للأرواح والموارد".

وأضاف: "لدينا مسؤولية أخلاقية تتمثل في توفير أفضل الظروف الممكنة".

- جودة منخفضة-
وتتم عادةً معالجة أسماك السلمون التي تنفق قبل الأوان، وتحويلها علفاً حيوانياً أو وقوداً حيوياً.

لكنّ وسائل الإعلام النروجية أفادت بأن الأسماك التي تكون مريضة وقت الذبح، أو حتى نافقة، قد ينتهي بها الأمر في أطباق على المائدة، وقد توصف أحياناً بأنها "عالية الجودة".

وقالت مديرة الجودة السابقة في أحد المسالخ ليلى سيلي نافيكوكاس في تشرين الثاني على قناة "إن آر كيه": "أرى أسماكاً معروضة للبيع رغم أنني أنا شخصياً لا آكلها".

إلاّ أن استهلاكها لا يشكل خطراً على صحة الإنسان، بحسب الخبراء.

وأكد إدغار برون أن "المسببات الشائعة للأمراض لدى أسماك السلمون غير قابلة للانتقال إلى البشر".

إلا أن الضجة التي أثارتها الأنباء المتعلقة بالنفوق واسبابه أحدثت ضرراً بالصورة النوعية التي يحاول القطاع ترسيخها.

وقال المتخصص في صحة الأسماك تريغفه بوب "إذا اشترى المرء لحوماً من أحد المتاجر، يكون متأكداً أن مصدرها حيوان مذبوح بشكل صحيح لا من حيوان نافق خارج الحظيرة".

ورصدت هيئة سلامة الأغذية النروجية مخالفات في المزارع خلال واحدة من عمليتي تفتيش أجرتهما العام المنصرم، من أبرزها التصدير غير القانوني لأسماك تعاني إصابات أو تشوهات.

ولأسباب تتعلق بالسمعة، يُسمح فقط بتصدير سمك السلمون العالي الجودة أو العادي.

أما الأسماك ذات الجودة المنخفضة، والتي تشكل جزءاً متزايداً من المخزون، فلا يٌسمح ببيع إلى الخارج إلا بعد معالجتها، كتقطيعها إلى شرائح على سبيل المثال.

وترتدي هذه المسألة أهمية كبيرة، إذ أن صادرات سمك السلمون حققت إيرادات للنروج بلغت نحو عشرة  مليارات يورو العام الفائت، إذ أن الكمية المباعة بلغت 1,2 مليون طن، أي ما يوازي 16 مليون وجبة يومية.

- مسألة ثقة -
ورأى روبرت إريكنو رئيس اتحاد "شوماتبدريفنه" Sjømatbedriftene، وهو ممثل صغار منتجي المأكولات البحرية الذين يُعتبرون عموماً الأكثر التزاماً بالأخلاقيات، أن مخالفات بعض أصحاب المزارع "غير مقبولة على الإطلاق".

وأضاف "نحن نعوّل على الثقة"، مشيراً إلى أن اتَّباع طرق غير سليمة في تربية الأسماك سيضرّ بسمعة القطاع مما يجعل السوق تعاقبه "ويكون الأثر الاقتصادي أكبر بكثير من الكيلوغرامات القليلة الإضافية التي ستباع".

أما جمعية "شومات نورغه" التي تمثّل المزارع الكبيرة لتربية الأحياء المائية التي توجه إليها أحياناً أصابع الاتهام، فأكدت أنها بدأت بالتحرّك لكنها تحتاج إلى وقت.

وشرح مدير الجمعية غاير أوفيه إيستمار أن "تربية سمك السلمون تستغرق في المتوسط ثلاث سنوات (...)، لذلك من الصعب رؤية نتائج فورية اليوم على الرغم من أننا أطلقنا سلسلة كاملة من المبادرات والإجراءات".

ورأى تريغفه بوب ان المشكلة تكمن تحديداً في سرعة تربية الأسماك، منتقداً "الظروف السيئة جداً" التي تتم في ظلها.

وشرح هذا الأستاذ السابق في كلية الطب البيطري أن "سمك السلمون يتعرض للإجهاد طوال حياته، منذ فقسه في المياه العذبة حتى ذبحه".

وأضاف الخبير الذي قال إنه توقف عن شراء سمك السلمون المستزرع: "على سبيل المثال، خلال المرحلة الأولى في المياه العذبة، نتحكم بالضوء ودرجة الحرارة بحيث ينمو بأسرع ما يمكن، أما في الحياة البرية، فتستغرق هذه المرحلة من سنتين إلى ست سنوات. وفي المزارع، تتراوح بين ستة أشهر وسنة".

وبعيداً من الاعتبارات المتعلقة بالأخلاقيات، ينطلق الحرص على تعزيز أفضل الظروف لرعاية أسماك السلمون من  حجج اقتصادية،  إذ أن نفوق 63 مليون سمكة سلمون قبل الأوان يعني خسارة نحو ملياري يورو من العائدات.

ووفقاً لترولس غولوسين، زعيم "ناتوفيرنفوربوندت"  Naturvernforbundet، الفرع النروجي لحركة أصدقاء الأرض، فإن الزيادة في معدل الوفيات ناتجة عن الإفراط في "التصنيع".

وقال "لقد أنشأنا وراثيا سمكة مستزرعة لديها مهارات بقاء على قيد الحياة ضعيفة وتموت بسبب مزيج من الإجهاد والجينات السيئة إذ تم اختيارها لتنمو بأسرع ما يمكن وخضعت لتغيير مفاجئ في نظامها الغذائي".

- مسارات التحسين-
ويهدف اتحاد "شوماتبدريفنه" إلى خفض معدل الوفيات إلى نصف ما هو عليه اليوم بحلول سنة 2030، وقد استثمرت شركة "سالمار" العملاقة أكثر من 40 مليون يورو لمعالجة هذه المسألة.

ومن بين الوسائل المتداولة، زيادة المسافات بين مزارع تربية الأحياء المائية واعتماد تقنيات جديدة، وخصوصاً ما يسمى المنشآت المغلقة التي تتم فيها تنقية المياه.

ومن شأن هذه التقنية أن تساعد في الحماية من قمل البحر، ولكنها أكثر تكلفة.

وتشدد الحكومة على مسؤولية المربّين في احترام القوانين والأنظمة المرعية الإجراء في هذا المجال.

ولاحظ وزير الدولة لشؤون الثروة السمكية إيفن ترونستاد ساغيباكن أن "معدلات النفوق ليست نفسها لدى جميع المنتجين، ومن الممكن خفضها".

وثمة نصان قيد الإعداد، أحدهما عن الرفق بالحيوان والآخر عن استغلال البحار، ينبغي أن يساهما في تحقيق هذا الهدف، على قوله.

وفي غضون ذلك، لا تزال هيئة سلامة الأغذية تؤكد إنها تتلقى تقارير تفيد بأن تصدير سمك السلمون غير الخاضع للرقابة مستمر.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium