تجلس الطالبة تاي مين البالغة 20 عاماً عاقدة كوفية حول خصرها منذ الخميس على العشب الأخضر المحاط بالحواجز في حرم جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، مؤكدة أن لا شعار أهم من "أوقفوا الإبادة الجماعية" للفلسطينيين.
على غرار مئات المتظاهرين الآخرين، تبدي هذه الشابة الأميركية تصميما لا يتزحزح.
وقالت لوكالة فرانس برس إن "التضحية مهمة فعلاً لتغيير جامعتنا ومجتمعنا" مشيرة إلى أن "الكثير من الطلاب على استعداد لمواجهة خطر الاعتقال أو الإيقاف".
بعكس العشرات من الجامعات الأميركية الأخرى التي شملتها التعبئة المؤيدة للفلسطينيين في الأيام الأخيرة، لم تطلب جامعة لوس أنجليس العريقة حتى الآن تدخل الشرطة.
ولم تمنع سياسة التهدئة هذه من تصاعد التوترات في الحرم الجامعي، نظرا إلى حدة النقاش حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني في الولايات المتحدة الذي بات شبه مستحيل.
الأحد، أقيم تجمع مؤيد لإسرائيل أمام الحرم الجامعي. وتعارك المعسكران بالأيدي وانضم اليهما عدد كبير من المتظاهرين من خارج الجامعة، وتبادلا الشتائم.
وأضافت تاي مين أن هذه الأحداث تؤكد أن "نضالنا مرتبط حقًا بكفاح الشعب الفلسطيني".
واعتبرت الطالبة المتحدرة من الصين أن "الأشخاص جاؤوا لازعاج طلابنا ومعظمهم من غير البيض" مضيفة أن "إسرائيل تمارس احتلالاً عنصريا يعطي تفوقا للبيض".
- تعصب -
وعلى العشب الأخضر، نصبت الجمعيات التي نظمت التظاهرة المضادة الأحد شاشة عملاقة تعرض بدون توقف مشاهد لما ارتكبته حماس في 7 تشرين الأول، والتي خلفت ما يقرب من 1200 قتيل إسرائيلي.
وتجاهلت الشابة ما تبثه الشاشة مشيرة إلى سقوط نحو 35 ألف ضحية فلسطينية خلال الأشهر السبعة الماضية.
وأوضحت أن "كل هذا فقط لتشتيت انتباهنا، عما يحدث في فلسطين منذ 75 عاماً".
وأقام الأمن الخاص في الجامعة حواجز لمنع الوصول إلى التجمع.
واثار الإجراء غضب إيلي تسيفس الذي أعرب عن خيبة أمله لرؤية جامعته تتساهل مع ما يعتبرهم "متظاهرين مؤيدين لحماس ومعاديين للسامية".
وتوعد الطالب اليهودي البالغ 19 عاما والذي ألقى كلمة خلال التظاهرة المضادة الأحد "سنعارض دائما كراهيتهم وتعصبهم".
ورأى في الشعارات المؤيدة لـ"الانتفاضة" التي أطلقها المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين "دعوة لإبادة اليهود".
وأوضح أن "غالبية الطلاب اليهود خائفون" ويطلب بعضهم مرافقتهم إلى الفصل.
وعلى هامش التجمعات، تتزايد التوترات أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول طلاب من كلا المعسكرين الذين التقت بهم وكالة فرانس برس إنهم يتعرضون للتهديد والمضايقات عبر الإنترنت.
- "أفضل من اللامبالاة" -
قال دوف واكسمان، أستاذ التاريخ الإسرائيلي في جامعة كاليفورنيا "في جميع جامعات البلاد، أصبح من الصعب جدًا أن يتناقش الناس حول خلافاتهم"، معرباً عن أسفه لوجود "الكثير من الصراخ والكثير من الشعارات، ولكن القليل جداً من المناقشات الحقيقية".
والأحد، اضطر الاستاذ وهو يهودي إلى التدخل بين المعسكرين لمحاولة التهدئة.
وأشار إلى أن التجمع "يزيد من خوف بعض الطلاب"، لكن لم تسجل أي أحداث خطرة، مضيفاً "من المهم التمييز بين الشعور بعدم الأمان وعدم الأمان الفعلي".
ويأمل الأستاذ الجامعي أن تتمكن رئاسة مؤسسته من ايجاد مخرج من دون اللجوء إلى الشرطة، بعد توقيف المئات خلال الأيام الأخيرة في الجامعات الأميركية.
وعلى غرار أماكن أخرى، يحث طلاب جامعة كاليفورنيا الإدارة على التوقف عن الاستثمار في الشركات الداعمة لإسرائيل.
كذلك، يدعو البعض إلى مقاطعة صفوفه. لكن ذلك لا يستفز الأستاذ.
وقال "أنا لا أتفق مع مطالبهم، لكن هذا لا يعني أنه تهديد بالضرورة".
وأضاف "كلما أرى طلاباً ناشطين سياسياً، أجد ذلك جيداً، إنه بالتأكيد أفضل من اللامبالاة".