يكرر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في حملته للانتخابات التشريعية أن قمعه للتمرد في كشمير هو أحد أكبر إنجازاته. لكن كثيرين في الإقليم المتنازع عليه يرون في الاقتراع فرصة للتعبير عن معارضتهم له.
من المتوقع على نطاق واسع أن يفوز حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بأكبر انتخابات في التاريخ، ولم يقدم الحزب أي مرشح في كشمير للمرة الأولى منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، ويقول الخبراء إنه أراد بذلك تجنّب هزيمة مدوية.
ألغت حكومة مودي في عام 2019 الحكم الذاتي المحدود الذي كان قائما في كشمير بموجب الدستور الهندي، وهي خطوة صاحبتها حملة أمنية ضخمة واعتقالات جماعية لقادة الإقليم السياسيين وقطع الاتصالات السلكية واللاسلكية لأشهر.
وانحسرت مذاك أعمال العنف في المنطقة ذات الأغلبية المسلمة، ويدعي حزب بهاراتيا جاناتا باستمرار أن سكان كشمير يؤيدون التغييرات.
لكن قسما من الناخبين الكشميريين سيكونون حريصين في الانتخابات الوطنية هذا العام على التعبير عن إحباطهم إزاء إلغاء الوضع الخاص لإقليمهم.
في مدينة سريناغار الكبيرة، قال رجل في منتصف العمر لوكالة فرانس طالبا عدم كشف اسمه خوفا من الانتقام "لم أصوت قط في الماضي. لكن هذه المرة سأفعل... لكي أظهر أنني لست سعيدا بما تفعله الهند معنا".
وتساءل "كيف يمكن للهند أن تقول إن الكشميريين سعداء ونحن في الواقع نختنق في حالة من الخوف والبؤس؟".
- "تضامن صامت" -
تنقسم كشمير بين الهند وباكستان منذ استقلالهما عام 1947. ويطالب كل منهما بالسيادة على كامل الإقليم وخاضا حربين للسيطرة على المنطقة الواقعة في الهيمالايا.
وتشن الجماعات المتمردة المعارضة للحكم الهندي تمردا منذ عام 1989 على الجانب الحدودي الذي تسيطر عليه نيودلهي مطالبة إما بالاستقلال أو الاندماج مع باكستان.
وأدت عقود من النزاع إلى مقتل عشرات الآلاف من العسكريين والمتمردين والمدنيين. ووقعت سلسلة من المعارك بين قوات الأمن ومسلحين قالت إنهم متمردون في الشهر الماضي.
تمتد انتخابات الهند ستة أسابيع، وتجري على مراحل لتخفيف العبء اللوجستي في أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان.
ويؤكد مودي ووزراؤه أن إنهاء الوضع الخاص لكشمير حقّق "السلام والتنمية"، وتحظى هذه السياسة بشعبية بين الناخبين في مناطق أخرى من الهند.
لكن كثيرين في كشمير يشعرون بالغضب من القيود المتزايدة على الحريات الإعلامية والتي وضعت نهاية للاحتجاجات العامة التي كانت شائعة في السابق.
كما يشعر كثيرون بالاستياء من قرار عام 2019 الذي ينهي الضمانات الدستورية التي تحفظ الأحقية بالوظائف المحلية والأراضي للكشميريين.
الحملات العلنية المؤيدة للانفصال غير قانونية في الهند، وقد اختلفت الأحزاب الديموقراطية الراسخة في كشمير تاريخيا حول ما إذا كان ينبغي التعاون مع الحكومة الحالية في نيودلهي أو السعي إلى قدر أكبر من الحكم الذاتي.
لكن المرشح البرلماني وحيد الرحمن بارا أكد لوكالة فرانس برس أن الكراهية تجاه حكومة مودي القومية الهندوسية ساعدت الأحزاب المتنافسة على تجاوز خلافاتها من خلال رؤية مشتركة معارضة.
وقال "هناك تضامن صامت كبير في كشمير اليوم تجاه بعضنا البعض، بغض النظر عن الانتماءات الحزبية".
بارا مرشح لمقعد عن سريناغار، أكبر مدينة في الإقليم، عن حزب الشعب الديموقراطي الذي كان حليفا لحزب بهاراتيا جاناتا قبل عام 2019 ولكنه يخوض حاليا حملة من أجل إعادة الحكم الذاتي في كشمير.
وأضاف أن الناخبين يستعدون "لإبلاغ دلهي بأن موافقة السكان المحليين على القرارات المتعلقة بكشمير هي الأهم".
- "استفتاء" -
يؤكد المحلل السياسي والمؤرخ صديق وحيد لوكالة فرانس برس أن الكشميريين ينظرون إلى الانتخابات على أنها "استفتاء" على سياسات حكومة مودي في الإقليم.
ويوضح أنه "لم يسمِ حزب بهاراتيا جاناتا أي مرشح لسبب بسيط للغاية: لأن مرشحيه سيخسرون".
يحتفظ حزب مودي بحضور في كشمير من خلال مكتب في سريناغار يبقيه تحت حماية شديدة رغم أنه شبه شاغر.
ويخضع المكتب لحراسة مستمرة يؤمنها جزء من أكثر من 500 ألف جندي تنشرهم الهند بشكل دائم في الإقليم.
وقد ناشد حزب بهاراتيا جاناتا الناخبين دعم الأحزاب الصغيرة وحديثة النشأة والتي تتفق علنا مع سياسات مودي.
قال وزير الداخلية الهندي النافذ أميت شاه، وهو مقرب من مودي، خلال تجمع انتخابي الشهر الماضي إن الحزب اتخذ قرارا تكتيكيا بعدم تسمية مرشحين.
وأكد أنه وحلفاءه ليسوا في عجلة من أمرهم "لرؤية زهرة اللوتس تتفتح" في كشمير، في إشارة إلى شعار حملة حزب بهاراتيا جاناتا، لكنهم بدلا من ذلك سينتظرون حتى يلمس سكان الإقليم فائدة إجراءاتهم.
وقال للحشد "لن نغزو كشمير... نريد أن نكسب قلب كل فرد في كشمير".