فرزت صحيفة "الغارديان" البريطانية، على صفحة الأخبار المتعلقة بالشرق الأوسط، مقالاً لمراسلها في القدس جيسون بيرك، تحدّث فيه عن فشل الجيش الإسرائيلي في تأمين المناطق التي سيطر عليها في القطاع.
ويقول بيرك، إن المعارك الضارية التي دارت في معظم أنحاء شمال غزة المدمر، "تؤكد فشل قوات الدفاع الإسرائيلية في تأمين جزء كبير من الأراضي، بعد حملة جلبت دماراً هائلاً وتشريد حوالي مليوني شخص ومقتل حوالي 35 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال".
وينقل عن مسؤولي الإغاثة أن إجمالي الذين غادروا مدينة رفح الآن قد يصل إلى حوالي 350 ألف شخص، في وقت شهدت فيه المدينة اشتباكات بالتزامن مع القصف العنيف للمناطق الشمالية، وفي هذا السياق يقول الدكتور جيمس سميث، وهو طبيب بريطاني موجود حالياً في رفح لـ"الغارديان" إنه تمّ تفكيك معظم الخيم الموقّتة التي كانت تأوي النازحين، وإنه "لا يمكن التعرّف على المنطقة المحيطة بمبنى الأمم المتحدة في وسط المدينة... لقد فرّ جميع الأشخاص الذين كانوا يبحثون عن درجة ما من الملاذ هناك".
كذلك، نقلت عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين في المناطق الشمالية للقطاع قولهم، إنّ القوات تعمل في مخيم جباليا والزيتون شرق مدينة غزة، وكذلك في أقصى شمال المنطقة في بيت حانون وبيت لاهيا.
ويستطرد كاتب المقال من هذا الواقع للإشارة إلى أنّ "حماس" تمكّنت من "إعادة فرض سلطتها في العديد من مناطق القطاع في الأشهر الأخيرة، وسيطرت على الأسواق، وأدارت محاكم إسلامية، وترهيب المعارضين". وأنّ مقاتليها استخدموا "الأنفاق المتبقية لنصب كمين للقوات الإسرائيلية وإطلاق الصواريخ على إسرائيل".
بينما يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانييل هاغاري للصحافيين، "رصدنا في الأسابيع الماضية محاولات قامت بها حماس لإعادة تأهيل قدراتها العسكرية في جباليا... نحن نعمل هناك للقضاء على تلك المحاولات". وأنّه جرت بالفعل محاولة إسرائيلية سابقة لمنع "حماس" من إعادة تشكيل قواتها في الزيتون في شهر آذار.
وينقل مراسل "الغارديان" عن شهود عيان فلسطينيين من القطاع، حجم القصف والدمار الذي تخلّفه الغارات، واستهداف المدارس، ووصف بعضهم الوضع بأنّه "جنون"، وبأنّ الحرب عادت من جديد إلى جباليا.
وتتابع الصحيفة في وصفها لواقع السكان، بالإشارة إلى "سعي الآلاف إلى الحصول على وسائل نقل نادرة وباهظة الثمن بعيداً عن القتال وسط مشاهد فوضوية في الشوارع المزدحمة".
ومن ثمّ يعود الكاتب إلى الجانب الإسرائيلي، ويقول إنّه "لأسباب اقتصادية وسياسية داخلية وديبلوماسية، سحبت إسرائيل معظم قواتها من غزة، على الرغم من أنّها تركت قوّة قويّة متمركزة على طول طريق جديد شقّته قواتها لتقسيم المنطقة جنوب مدينة غزة".
لينتقل بعد ذلك إلى الصحافة الإسرائيلية التي "تنتقد بشكل متزايد بنيامين نتنياهو لفشله في تحديد أيّ اقتراح عمليّ لإدارة جديدة في غزة". ويستشهد المقال البريطاني، بصحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنّ ذلك "ترك فراغاً أمنياً فوضوياً ساعد حماس على استعادة سيطرتها على أجزاء من القطاع وسكّانه"، وأنّ إسرائيل "ستواصل دفع الثمن من الدم والعرق والكثير من الدموع حتى لا نصل إلى أيّ مكان، لأنّ نظام حماس لا يمكن إسقاطه دون إعداد بديل له".
وعطفاً على ذلك يتحدّث بيرك، عن المخاوف بشأن "الثمن الديبلوماسي الذي تدفعه إسرائيل"، خصوصاً أنّ الهجوم على رفح أثار تحذيرات مصرية، حيث قال مسؤولون إنّ ذلك "يعرض معاهدة السلام للخطر". ويضيف أنّ القاهرة أعلنت عن عزمها الانضمام رسمياً إلى قضية جنوب أفريقيا ضدّ إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
ويختم المقال، برفض مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، أيّ هجوم واسع النطاق على رفح، وتأكيده على أنّه "لا يمكن أن يتوافق مع القانون الدوليّ".