قطعت إسرائيل، اليوم، لبضع ساعات تغطية وكالة "أسوشيتد برس" المباشرة للأحداث في قطاع غزة، في قرار استنكرته وكالة الأنباء الأميركية ودفع واشنطن لمطالبة إسرائيل بالتراجع عنه.
وجاء قرار قطع التغطية بعدما اتّهمت وزارة الاتصالات الإسرائيلية "أسوشيتد برس" بانتهاك قانون جديد يحظر تزويد قناة "الجزيرة" القطرية بمشاهد من القطاع.
وقالت الوزارة إنّ مفتشيها "صادروا المعدات تنفيذا لأوامر وافقت عليه الحكومة بموجب القانون".
من جهتها، أكدت الوكالة أنّ مسؤولين إسرائيليين صادروا الكاميرا ومعدات البث الخاصة بها في موقع في بلدة سديروت الإسرائيلية المطلة على شمال قطاع غزة.
غير أنّ وزير الاتصالات الاسرائيلي شلومو قرعي أعلن مساءً التراجع عن القرار عقب طلب البيت الأبيض من إسرائيل بهذا الخصوص. وقال في بيان: "أصدرت الأمر بإلغاء العملية وإعادة المعدات لوكالة (إي بي)".
وكانت وكالة الأنباء قد دانت "بأشد العبارات تصرفات الحكومة الإسرائيلية بإيقاف بثّنا المباشر طويل الأمد".
وندّدت الوكالة الأميركية بـ"الاستخدام التعسفي" لقانون البث التدفقي الأجنبي الجديد في إسرائيل.
وأضافت في بيانها: "نحضّ السلطات الإسرائيلية على إعادة معداتنا وتمكيننا من استئناف البث المباشر على الفورحتى نتمكّن من الاستمرار في تقديم هذه الصحافة المرئية المهمة لآلاف من وسائل الإعلام حول العالم".
وفي تقريرها الإخباري، أشارت "أسوشيتد برس" إلى أنّ "الجزيرة" كانت من بين آلاف العملاء الذين يحصلون منها على خدمة البث المباشر.
من جهته، علّق زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد على قرار قطع البث في تصريحات، على منصة "إكس"، قائلاً إنّ الحكومة "أصيبت بالجنون".
وكتب: "هذه ليست (الجزيرة)، إنها وسيلة إعلام أميركية حازت على 53 من جوائز (بولييز)".
وطلب البيت الأبيض من إسرائيل التراجع عن قرارها. وقال متحدث باسم البيت الأبيض: "نتواصل بشكل مباشر مع الحكومة الإسرائيلية للتعبير عن مخاوفنا بشأن هذا الإجراء ولمطالبتها بالتراجع عنه".
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار، قد صرّحت للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية، إنّه "من الواضح أن ذلك يثير القلق ونريد النظر فيه".
هجوم على حرية الصحافة
وقال مدير الأخبار في وكالة "فرانس برس" فيل تشيتويند إنّ قرار إسرائيل "هجوم على حرية الصحافة".
وأضاف في بيان أنّ "التدفّق الحرّ للمعلومات والصور التي يتم التحقق منها من مصادر موثوقة أمر حيوي في السياق الحالي المشحون جدّاً".
وتابع قائلاً: "نحضّ السلطات على التراجع فوراً عن هذا القرار والسماح لجميع الصحافيين بالعمل بحريّة ودون عراقيل.
بدورها، قالت الأمم المتحدة إنّ قرار إسرائيل "صادم".
وصرّح ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للصحافيين: "بصراحة، إنه أمر صادم جدّاً. ينبغي أن يكون الصحافيون قادرين على أداء عملهم بحرّية. ينبغي السماح لوكالة (أسوشيتد برس) بالقيام بعملها بحرية وبدون مضايقات".
وقُطع بثّ القناة القطرية في إسرائيل في وقت سابق هذا الشهر إثر تصويت حكومة بنيامين نتنياهو لصالح إغلاقها على خلفية تغطيتها للحرب في غزة.
وأُغلقت مكاتب "الجزيرة" في القدس، وصُودرت معداتها وسُحبت تصاريح فريقها.
مصادرة كاميرا ومعدات
إلى ذلك، قالت "أسوشيتد برس" إنّ مسؤولين من وزارة الاتصالات الإسرائيلية وصلوا إلى موقع الوكالة في مستوطنة سديروت في جنوب إسرائيل بعد ظهر الثلثاء وصادروا المعدات.
وأضافت أنّ المسؤولين سلّموها وثيقة موقّعة من الوزير قرعي ورد فيها أن الوكالة تنتهك قانون البث الجديد في البلاد، فيما أكدت الوزارة الوقائع في بيان.
وبحسب الوثيقة، فإنّ مصوّري الوكالة يصورون قطاع غزة بانتظام من شرفة منزل في سديروت ويتم "التركيز على أنشطة جنود جيش الدفاع الإسرائيلي ومواقعهم".
وورد فيها أيضاً: "على الرغم من أن مفتشي وزارة الاتصالات حذروهم من أنهم يخالفون القانون وأن عليهم منع الجزيرة من الحصول على محتواهم وعدم نقل البث إلى الجزيرة، إلّا أنّهم استمروا في ذلك".
واشارت الوثيقة إلى أنّ "مفتشي وزارة الاتصالات مارسوا عملهم في سديروت كما فعلوا الأسبوع الماضي في الناصرة، وفقاً للأوامر التي صادقت عليها الحكومة وتبعا للقانون وصادروا المعدات" في إشارة إلى معدات قناة "الجزيرة".
والأسبوع الماضي، صادر مسؤولون إسرائيليون معدات البث من استوديو "الجزيرة" في مدينة الناصرة شمال إسرائيل.
كما أكدت "أسوشيتد برس" أنّها كانت قبل مصادرة معداتها تبثّ مشهداً عامّاً لشمال قطاع غزة، مشيرة إلى أن اللقطات الحية أظهرت دخاناً يتصاعد فوق قطاع غزة بشكل عام.
وأضافت: "تلتزم وكالة (أسوشيتد برس) بقواعد الرقابة العسكرية الإسرائيلية التي تحظر بث تفاصيل مثل تحركات القوات بما يعرض الجنود للخطر".
بدورها، عبّرت رابطة الصحافة الأجنبية في إسرائيل عن "قلقها" إثر مصادرة معدات "أسوشيتد برس".
وقالت في بيان إنّ "قرار إسرائيل اليوم منحدر زلق" محذرة من أنه قد يؤدي إلى منع تغطية وكالات أنباء دولية أخرى لغزة.
ودانت "سجلّ إسرائيل الكئيب" المتعلّق بحرية الصحافة خلال الحرب في غزة.
وفي مؤشر حرية الصحافة لعام 2024 الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، احتلّت إسرائيل المرتبة 101 من بين 180 دولة.
كما ندّدت منظمة "مراسلون بلا حدود" بقرار إسرائيل قطع تغطية "أسوشيتد برس" لقطاع غزة ووصفته بأنّه "رقابة شنيعة".