بقيت حالة عدم اليقين مخيمة، الجمعة، على كاليدونيا الجديدة مع سقوط قتيل سابع، غداة زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي وعد بعدم تمرير التعديل الدستوري الذي يعارضه المنادون بالاستقلال "بالقوة".
قتل شرطي رجلا يبلغ الثامنة والأربعين على ما أفاد المدعي العام في نوميا إيف دوبا، موضحا أن عنصرين من الشرطة تعرضا "لتهديد جسدي" من مجموعة من 15 شخصا تقريبا وأطلق أحدهما النار من سلاحه.
منذ بدء الاضطرابات وأعمال الشغب في هذا الإقليم الفرنسي الواقع في جنوب المحيط الهادئ، قتل ستة أشخاص إلى جانب قتيل الجمعة وهم دركيان أحدهما في إطلاق نار عرضي، وثلاثة من السكان الأصليين الكاناك وآخر من الكالدوش أي من سكان الجزيرة لكن من أصول أوروبية.
ولم يكن أي من القتلى باستثناء الحادث العرضي قد قتل على يد القوى الأمنية.
ووضع الشرطي الذي "رصدت على جسمه أثار ضرب" في الحبس الاحترازي وفتحت النيابة العامة تحقيقا بتهمة القتل العمد.
وخلال زيارته الخميس، التقى الرئيس الفرنسي الموالين لفرنسا وهم مؤيدون للتعديل الدستوري الذي يسمح بزيادة عدد الذين يحق لهم الاقتراع في الانتخابات المحلية، والمنادين بالاستقلال الذين يعتبرون أن هذا التدبير سيقلل من وزنهم.
وقد أشعل إقرار البرلمان الفرنسي التعديل، أعمال شغب وعنف لم تشهد الجزيرة أحداثا عنيفة مثلها منذ أربعة عقود.
- "معاودة الحوار" -
وقال ماكرون خلال زيارته "تعهدت عدم تمرير هذا التعديل بالقوة".
لكنه طلب "معاودة الحوار من أجل التوصل إلى اتفاق شامل" لمنح حق التصويت إلى مزيد من الأشخاص بحلول حزيران "لكي يعرض بعد ذلك على التصويت" في كاليدونيا الجديدة.
وشدد الرئيس الفرنسي على أن "الهدف هو إعادة النظام".
وفي مقابلة مع وسائل إعلام محلية الجمعة اشترط "رفعا فوريا للحواجز" وطالب بأن يدعو المنادون بالاستقلال إلى ذلك "بوضوح وعلى الفور"، ولا سيما جبهة الكانك والاشتراكية للتحرير الوطني FLNKS وخلية تنسيق التحرك على الأرض التي تتهمها الحكومة الفرنسية بقيادة أعمال الشغب.
وأعلن كريستيان تين زعيم خلية تنسيق التحرك على الأرض وهي مجموعة استقلالية تنظم الاحتجاجات، خلال مؤتمر صحافي الجمعة أنه يرغب في "فك الخناق قليلا حتى يتسنى إدخال الوقود (...) وخصوصا الأدوية" إلى الأرخبيل.
وقال "إنها أولويتنا". كما طلب رفع الإقامة الجبرية عن قادة خلية تنسيق التحرك على الأرض حتى يتمكنوا من "الذهاب إلى الميدان وشرح القضايا وتهدئة الأمور".
منذ بدء أعمال العنف في 13 أيار ألحق الشغب أضرارا واسعة في الجزيرة الفرنسية.
ولا تزال حالة الطوارئ سارية فيها منذ 16 أيار مع حظر تجول ليلي ومنع التجمعات ونقل الأسلحة وبيع الكحول فضلا عن حظر تطبيق تيك توك.
- بانتظار التعليمات -
لكن حواجز أقامها مثيرو الشغب لا تزال منصوبة في الشوارع.
في الساحل الشرقي للجزيرة الكبرى لا تزال حركة السير مقطوعة عند شريان يربط بين الطريق المؤدي إلى الوسط والجادة التي تمر بمحاذاة المحيط.
وفي حي مورافيل في نوميا كان الناشطون ينتظرون الجمعة التعليمات الرسمية من جبهة FLNKS حول التحركات التالية.
وقال ياميل الناشط المعارض للتعديل لوكالة فرانس برس "نحن مستعدون لمواصلة التعبئة إذ يبدو أن الرئيس لا يريد الإصغاء إلينا".
وأكد ناشط في الحادية والخمسين طلب عدم الكشف عن هويته عند حاجز في حي في شمال نوميا "ما لم نحصل على الاستقلال لن يتحقق الأمن".
وقالت سكرتيرة الدولة السابقة صونيا باكيس الموالية للحكومة الفرنسية في تصريح إذاعي "ننتظر جميعا قرار FLNKS... الاتفاق ممكن في حال تحلى الجميع بحسن النية".
- رحلات إجلاء -
ويعود النشاط تدريجا إلى الأرخبيل الذي سيطرت عليه فرنسا واستعمرته في القرن التاسع عشر.
وقالت المفوضية السامية للجمهورية إن "عمليات إزالة العوائق" على الطرقات تتقدم مع إزالة "نحو مئة حاجز".
وأعلن مصرف كالديونيا إعادة فتح خمسة من فروعه ال18. وقد أضرمت النيران في ثلاثة منها.
ويشارك نحو ثلاثة آلاف دركي وشرطي في عملية فرض الأمن في الأرخبيل "مدعومين بأكثر من 130 عنصرا من قوات التدخل السريع" الخاصة في الشرطة والدرك بحسب المفوضية السامية.
ومنذ بدء الأزمة أوقف أكثر من 350 شخصا "ويعمل 60 من محققي الشرطة القضائية بلا هوادة لإجراء التحقيقات".
ويبقى مطار لا تونتوتا مغلقا أمام الرحلات التجارية منذ 14 أيار، وحتى الثلثاء المقبل على ما أعلنت غرفة التجارة والصناعة.
وتعمل دول الجوار على إيجاد سبل لإجلاء رعاياها.
وقالت حكومة فانواتو أنها تنظم الجمعة إجلاء نحو 160 من الطلاب وقد أمنت طائرة عسكرية فرنسية الرحلة الأولى في هذا الإطار.
وأعلنت نيوزيلندا وصول 50 من مواطنيها إلى أوكلاند الجمعة.