وصل رئيسا وزراء الصين واليابان إلى سيول، الأحد، للمشاركة في قمة ثلاثية مع رئيس كوريا الجنوبية، يُتوقع أن تركز على القضايا الاقتصادية بدلا من المسائل الجيوسياسية.
عشية انعقاد القمة، التقى الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول بشكل منفصل رئيسي الوزراء الصيني لي تشيانغ والياباني فوميو كيشيدا.
في نهاية لقائه مع رئيس الوزراء الصيني، اشار يون إلى "التحديات الكبيرة" التي تواجه الصين وكوريا الجنوبية "في مجال الشؤون الدولية"، معرباً عن أمله في أن يواصل البلدان "تعزيز التعاون بينهما".
وأكد لي الذي يقوم بأول زيارة له إلى كوريا الجنوبية منذ توليه منصبه في آذار 2023، أن بيجينغ تريد العمل مع سيول.
وقال مكتب رئيس كوريا الجنوبية إن الرئيس اتفق مع رئيس وزراء الصين لي تشيانغ اليوم الأحد على إطلاق حوار ديبلوماسي وأمني واستئناف المحادثات بشأن اتفاق للتجارة الحرة.
يون (الى اليمين) يصافح لي خلال اجتماعهما في المكتب الرئاسي في سيول (26 ايار 2024، أ ف ب).
وتحاول الصين وحليفتا الولايات المتحدة، كوريا الجنوبية واليابان، التعامل مع انعدام الثقة المتزايد في ظل التنافس بين بيجينغ وواشنطن والتوتر المتعلق بتايوان.
ويقول مسؤولون وديبلوماسيون إن النتائج المتوقعة من القمة الثلاثية ليست كبيرة، لكن حتى المصافحة بين الزعماء الثلاثة ستساعد في الإبقاء على بعض الديبلوماسية رفيعة المستوى على الأقل بعد تدهور العلاقات على مدى سنوات.
كذلك يرون أن القادة قد يحرزون تقدما في مجالات التعاون العملي مثل التبادلات الشعبية والشؤون القنصلية.
وقال يون لرئيس وزراء الصين إن البلدين عليهما العمل معا، ليس لتعزيز المصالح المشتركة بناء على الاحترام المتبادل فحسب، غنما أيضا لمواجهة التحديات المشتركة في ملفات إقليمية وعالمية، مشيرا إلى حرب أوكرانيا والحرب في غزة والغموض الذي يكتنف مستقبل الاقتصاد العالمي.
وذكر مكتب يون أنه قال في مستهل الاجتماع "كما تمكنت كوريا والصين من تخطي العديد من الصعوبات معا على مدى 30 عاما مضت وساهمتا في تطور ونمو بعضهما... أتمنى أن نواصل تعزيز التعاون الثنائي في مواجهة الأزمات المعقدة في العالم في الوقت الراهن".
وطلب يون من بيجينغ أن تضطلع بدور أكبر بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، بخاصة مع مواصلة كوريا الشمالية تطوير صواريخ نووية وتعزيز تعاونها العسكري مع روسيا، قائلا إن إطلاق قمر صناعي آخر للتجسس باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية العابرة للقارات أصبح وشيكا.
وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" بأن لي أبلغ يون بأن على الدولتين معارضة تحويل ملفات الاقتصاد والتجارة مسائل سياسية أو أمنية ويتعين عليهما العمل للحفاظ على استقرار سلاسل الإمداد.
وقال لي إن بيجينغ مستعدة لتعزيز التعاون في مجالات الصناعات المتطورة والطاقة الجديدة والذكاء الاصطناعي والطب الحيوي وغير ذلك.
وأضاف أن الصين ستوسع الدخول إلى الأسواق وتعزز الضمانات للاستثمار الأجنبي وترحب بالشركات الكورية الجنوبية، مثل سامسونج، بهدف زيادة الاستثمار والتعاون.
- مع كيشيدا -
ثم عقد الرئيس الكوري الجنوبي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الياباني، وأكد بعد اللقاء أن التبادل التجاري بين البلدين "ازداد بشكل كبير خلال العام الماضي". وأشاد بالتفاعل الديبلوماسي والاقتصادي والثقافي مع اليابان واتفقا على تقوية وتوثيق العلاقات العام المقبل بمناسبة احتفال البلدين بالذكرى الستين لتطبيع العلاقات، وذلك بحسب ما ذكره أيضا مكتب رئيس كوريا الجنوبية.
من جهته قال كيشيدا إنه يتعين على سيول وطوكيو تعزيز التعاون بشكل أكبر.
كذلك، التقى كيشيدا بشكل منفصل لي، قائلا إن استقرار مضيق تايوان شديد الأهمية بالنسبة لليابان والمجتمع الدولي.
وفي تصريحات للصحافيين بعد الاجتماع، قال كيشيدا إنه طلب من الصين رفع الحظر عن استيراد المأكولات البحرية اليابانية، والذي فرض بعد أن بدأت طوكيو في إطلاق المياه المعالجة من محطة فوكوشيما النووية المعطلة في المحيط الهادي.
كذلك طالب بالإفراج المبكر عن مواطنين يابانيين محتجزين في الصين.
أ ف ب
ويتناول الزعماء الثلاثة العشاء معا مساء الأحد.
الاثنين، يعقد الزعماء الثلاثة اجتماعا ثلاثيا هو الأول من نوعه منذ خمس سنوات بسبب وباء كوفيد بالاضافة إلى الخلافات الديبلوماسية والتاريخية بين كوريا الجنوبية واليابان، القوة الاستعمارية السابقة.
وقال مسؤولون في سيول إن الزعماء الثلاثة سيصدرون بيانا مشتركا بشأن ستة مجالات تشمل الاقتصاد والتجارة والعلوم والتكنولوجيا والتبادلات الشعبية والصحة وشيخوخة السكان.
وتخوض كوريا الجنوبية واليابان نزاعات قضائية يتعين حلها على خلفية احتلال اليابان لشبه الجزيرة الكورية في الفترة من 1910 إلى 1945.
وانتهج رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول منذ تسلمه السلطة في أيار 2022، سياسة تقارب مع اليابان، في مواجهة التهديد الكوري الشمالي.
قبل مغادرته إلى سيول، قال رئيس الوزراء الياباني إنه منذ القمة الثلاثية الأخيرة، "تغير مشهدنا الإقليمي والعالمي بشكل كبير" مضيفاً أن هذا الاجتماع الجديد "مهم للغاية".
- بحث القضايا الاقتصادية -
ورغم إجراء كوريا الشمالية تجارب أسلحة أكثر تقدما من أي وقت مضى وإجراء الصين تدريبات عسكرية واسعة يومي الخميس والجمعة حول تايوان، يتوقع خبراء أن تتجاهل القمة القضايا الأمنية وتسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة لتحقيق مكاسب ديبلوماسية سهلة.
وقال مسؤول في المكتب الرئاسي في سيول إن القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية "يصعب حلها بشكل واضح وسريع في وقت قصير" لذا ستركز القمة بشكل أكبر على التعاون الاقتصادي.
وأضاف "تجري حاليا مناقشة إعلان مشترك"، مشيرا إلى أن سيول ستحاول أن تُدرج فيه القضايا الأمنية "إلى حد ما".
واشارت صحيفة هانكوك إيلبو الكورية الجنوبية في افتتاحيتها إلى "أهمية التعاون بين الدول الثلاث التي تمثل 20% من سكان العالم وتجارته، أي 25% من إجمالي الناتج المحلي".
واضافت الصحيفة "من المهم جدًا أن تتحلى الدول الثلاث برغبة في تجاوز خلافاتها".
وتعدّ الصين أكبر شريك تجاري لكوريا الشمالية وحليفا ديبلوماسيا رئيسيا لها، وقد قاومت في السابق إدانة بيونغ يانغ بسبب اختباراتها العسكرية، وانتقدت بدلا من ذلك التدريبات المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
في آب الماضي، أعلنت سيول وطوكيو وواشنطن تدشين "حقبة جديدة" من التعاون الأمني عقب قمة تاريخية استضافتها الولايات المتحدة في منتجع كامب ديفيد.
وندّدت بيجينغ بالبيان الختامي للقمّة والذي انتقد فيه الحلفاء الثلاثة "السلوك الخطير والعدواني" للصين في النزاعات البحرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
والعام الماضي، قال رئيس كوريا الجنوبية إن التوتر بسبب تايوان يعود إلى "محاولات تغيير الوضع الراهن بالقوة".
ودانت الصين أخيرا مشاركة نائب كوري جنوبي وممثل سيول في تايبيه في احتفال تنصيب رئيس تايوان الجديد لاي تشينغ-تي.