يقول نوروز بعد شهر من الفيضانات التي اجتاحت الإقليم الذي يقيم فيه شمال أفغانستان "آبارنا مليئة بالوحول، لنشرب علينا أن نترك المياه تستقر". وبات العاملون في المجال الإنساني والسكان يتخوفون من الجفاف والأوبئة.
يضيف الأفغاني البالغ 46 عاما لفرانس برس من بلدته في ولاية بغلان "نملأ دلاءنا بالمياه الموحلة ونترك الرواسب تتجمع في القاع قبل استخدامها. ومن دونها ليس لدينا ما نشربه".
من حوله في منطقة منكوبة ظهرت فيها فجوات واسعة كانت مكانها منازل جرفتها الفيضانات، تقوم عائلات بملء صفائح بهذه المياه المالحة.
في الأوقات الطبيعية، لا يحصل نحو 80% من سكان البلاد التي مزقتها أربعة عقود من الحرب وتواجه اليوم أزمات اقتصادية وإنسانية ومناخية، على ما يكفي من مياه الشرب وفقا للأمم المتحدة.
- تدمير خزانات المياه وشبكة الانابيب -
وأدت الفيضانات الأخيرة إلى تفاقم الوضع.
في أيار قُتل ما لا يقل عن 480 أفغانيا بينهم العديد من النساء والأطفال جراء السيول الموحلة التي اجتاحت فجأة شمال وغرب البلاد، وهي واحدة من أفقر دول العالم والأكثر عرضة للتقلبات المناخية.
وقدرت منظمة الصحة العالمية نهاية أيار عدد الأشخاص الذين تضرروا من هذه الفيضانات بستين ألفا: دمرت آلاف المنازل أو تضررت، وغمرت المياه آلاف الهكتارات من المحاصيل ونفقت مواش بأكملها.
وصرح شير آغا شهراني لفرانس برس أن "أخطر المشاكل حاليا هي نقص المياه والمأوى" ولا تزال عالقة في ذاكرته الساعات الرهيبة يوم الجمعة المصادف العاشر من أيار عندما غطت الوحول قريته فجأة.
وروى أن خزانات المياه وشبكة الأنابيب التي كانت تزود جميع الأسر في المنطقة "دمرت وجرفتها السيول".
في ولاية بغلان تضررت أو دمرت 14 شبكة إمداد مياه وما يقارب 300 نقطة لضخ المياه، حسبما صرح مسؤول من طالبان مؤخرا للصحافة المحلية.
لكن بعد نحو شهر "لم يتم اتخاذ أي إجراء لإيجاد حل دائم" كما يقول شهراني.
- أطفال مرضى -
وصرح دانييل تيم المتحدث باسم منظمة اليونيسف لفرانس برس أن "الفيضانات تسبب أضرارا مادية لكنها تلوث الآبار أيضا" في حال صمدت.
وأكد أن العائلات الناجية قادرة على الوصول بسهولة إلى نقاط المياه هذه "لكنها عاجزة عن استخدامها لأنها موحلة وملوثة بالأوبئة". ووصف المشهد لدى عودته من بغلان بأنه "مليء بالوحول والقمامة والحيوانات النافقة".
من جهته قال بركات الله أحد سكان داشت الفلول إن "الرائحة لا تطاق" مضيفا أن الأهالي قلقون من ارتفاع حالات الإسهال بين الأطفال.
وأضاف "إذا لم يتم حل مشكلة مياه الشرب سنواجه أزمة واخرى وانتشار الأوبئة".
حاليا تقوم اليونيسف بنقل 500 ألف لتر من المياه يوميا إلى المناطق المنكوية - وهو ما يكفي لتأمين 15 لترا لكل فرد أو الحد الأدنى المحدد من الأمم المتحدة للبقاء على قيد الحياة.
ويقول رحيم عبد الجميل من بلدة غول دارا شيخا في إقليم غور الغربي الذي تضرر أيضا من الفيضانات المفاجئة "إذا كانت الكمية كافية احيانا فإنها لا تكفي أحيانا اخرى".
يضيف المعلم انه لاحظ زيادة في الاصابة بالحمى أو مشاكل في الجهاز التنفسي بين طلابه.
وصرح لفرانس برس "النقص في مياه الشرب يخلق مشاكل كبيرة: أطفالي وأطفال الجيران أصيبوا بأمراض".
هذا في بلد يعتبر فيه "النظام الصحي متداعيا أصلا" بحسب تعبير منظمة الصحة العالمية.