عاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط في مسعى جديد للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، فيما استهدفت غارات إسرائيلية جديدة القطاع الاثنين بعد أكثر من ثمانية أشهر على اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس.
وتشكل القاهرة المحطة الأولى في جولة بلينكن الثامنة في المنطقة منذ بدء النزاع بين اسرائيل وحماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، على أن يتوجه في وقت لاحق الاثنين إلى إسرائيل بعد اجراء محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن الحلول التي تسمح بإعادة فتح معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المغلق منذ شهر.
وفي سياق تشديد الولايات المتحدة الضغط الإثنين للدفع باتجاه هدنة، طلبت واشنطن من مجلس الأمن التصويت على مشروع قرار يدعو إسرائيل وحركة حماس إلى وقف إطلاق النار.
واندلعت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر مع شن حركة حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية، فخلّفت عشرات آلاف القتلى ودمرت جزءا كبيرا من قطاع غزة وأدت إلى تشريد معظم سكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة والذين يواجهون خطر المجاعة.
(دبابة إسرائيلية في غزّة - أ ف ب).
وشهد القطاع نهاية أسبوع دامية مع تنفيذ القوات الخاصة الإسرائيلية عملية أدت إلى تحرير أربعة رهائن هم امرأة وثلاثة رجال، في مخيّم النصيرات في وسط قطاع غزة.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس مقتل 274 شخصا وإصابة 698 بجروح منددة بـ"مجزرة وحشية". ولم يتسن التحقق من هذه الحصيلة من مصدر مستقل. وبين الضحايا ما لا يقل عن 64 طفلا و57 امرأة و37 مسنا بحسب المصدر ذاته.
في المقابل، قتل عنصر إسرائيلي خلال العملية الخاصة.
وعمت مشاهد الفرح إسرائيل عند إعلان عملية تحرير الرهائن التي من شأنها تعزيز إستراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو العسكرية، لكنها لم تحل الأحد دون استقالة بيني غانتس من حكومة الحرب الإسرائيلية احتجاجا على عدم وضع إستراتيجية لفترة ما بعد الحرب في القطاع الفلسطيني.
ومن غير المتوقع في الوقت الحاضر أن تحدث استقالة غانتس تغييرات سياسية كبرى، إذ لا يزال الائتلاف الحكومي يستند إلى غالبية في البرلمان بدعم من أحزاب يمينية متطرفة.
وتمثل استقالة غانتس مؤشرا جديدا على الانقسامات المتزايدة في إسرائيل حول طريقة محاربة حركة حماس.
يعتبر غانتس أن الأولوية هي إطلاق سراح الرهائن فيما يقول نتانياهو إنه يريد مواصلة الحرب حتى القضاء على حماس التي تتولى السلطة في قطاع غزة منذ العام 2007.
ضربات على أنحاء القطاع
على الأرض، واصل الجيش الإسرائيلي عملياته في قطاع غزة، وأفاد متحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني وكالة فرانس برس بسقوط خمسة قتلى بينهم امرأة حامل في شهرها الثامن ليل الأحد الإثنين في قصف طال منزلا في مدينة غزة.
وخلال الليل، استهدفت سفن حربية إسرائيلية ساحل مدينة غزة، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.
وفي شمال القطاع أيضا، أسفرت ضربة إسرائيلية عن مقتل شخصين في منزل في حي الشجاعية، بحسب المستشفى الأهلي. كما استهدفت المدفعية الإسرائيلية منازل في تل الهوى في جنوب غرب مدينة غزة، وفي الزيتون (جنوب شرق)، بحسب مراسل فرانس برس.
وفي جنوب القطاع، أفاد شهود بقصف مدفعي على شمال رفح فيما أفاد الدفاع المدني عن سقوط قتلى وجرحى.
كذلك، نفّذ الجيش الإسرائيلي ضربات جوية على دير البلح في وسط القطاع فيما سُمع دوي إطلاق نار مدفعي في شرق المدينة حيث قال شهود إنهم رأوا جثث قتلى بعد مواجهات.
(دمار في غزّة - أ ف ب)
وفي الجنوب، تدور معارك عنيفة في وسط مدينة رفح، بحسب شهود. وأكّد مهدي زعرب (25 عاما) لوكالة فرانس برس أن "الوضع صعب جدا في منطقة المواصي (...)، ما يحدث خطير جدا، المحتل يطلق النار على أماكن كان يفترض أن تكون آمنة".
واندلعت الحرب إثر الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1194 شخصا، غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
خلال هذا الهجوم، احتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 116 منهم محتجزين في غزة، بينهم 41 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وردت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 37124 شخصاً في غزة، معظمهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.
"فوري وكامل"
على الصعيد الدبلوماسي، قد يجري تصويت في مجلس الأمن على نص يدعم المقترح الذي كشفه الرئيس الأميركي جو بايدن في 31 أيار/مايو الإثنين، غير أن الرئاسة الكورية الجنوبية للمجلس لم تؤكد ذلك.
وبحسب النسخة الثالثة لمشروع القرار التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس، ينص المقترح في مرحلة أولى على وقف إطلاق نار "فوري وكامل" وإطلاق سراح الرهائن وانسحاب الجيش الإسرائيلي من "المناطق المأهولة في غزة " وإدخال مساعدات إنسانية.
وفي حين يستغرق تنفيذ المرحلة الأولى أكثر من ستة أسابيع، فإن وقف إطلاق النار سيتواصل "طالما استمرت المفاوضات".