النهار

مقترح الهدنة في غزة... بين الضغوط الأميركية وصعوبة المواءمة بين اسرائيل و"حماس"
المصدر: "أ ف ب"
مقترح الهدنة في غزة... بين الضغوط الأميركية وصعوبة المواءمة بين اسرائيل و"حماس"
غزّيون يعاينون الدمار (أ ف ب).
A+   A-
تلقي الولايات المتحدة بثقلها للتوصل إلى اتفاق يوقف إطلاق النار في غزة، لكن مواقف إسرائيل وحماس التي تصعب المواءمة بينها تلقي بظلال من الشك على إمكان تحقيق هذا الاحتمال بعد نحو ثمانية أشهر على اندلاع الحرب.

وقال جمال زقوت، مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض، إنه "من الناحية النظرية، ومنذ البداية، لا تملك المفاوضات اي فرصة للنجاح، لأن لا مصلحة لأي من الطرفين بذلك".

لكن الحكومة الإسرائيلية وحماس تواجهان ضغوطا دولية ومحلية متزايدة للتوصل إلى اتفاق.
 

ففي غزة يترقب الفلسطينيون انتهاء القتال، وفي إسرائيل تضغط عائلات الرهائن الذين تم احتجازهم في 7 تشرين الأول/أكتوبر من أجل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراحهم.

وبدا التوصل إلى هدنة بوساطة قطريين وأميركيين ومصريين قريب المنال مرارا، لكن هذه الوساطة لم تفض إلى شيء ملموس حتى الآن.

وقدّم الرئيس الأميركي جو بايدن في نهاية أيار/مايو أحدث مقترح لوقف إراقة الدماء يتضمن خطة من ثلاث مراحل قال إن إسرائيل عرضتها.

وبدا الإطار العام مشابها لمقترحات أخرى تسربت خلال أشهر من الوساطات المتتالية في باريس والقاهرة والدوحة، ونصت على إطلاق سراح الرهائن مقابل وقف إطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار غزة.

وفي الأسابيع التي تلت ذلك، حض قادة دول ومؤسسات دولية، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي، إسرائيل وحماس على إنهاء الحرب.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء إن بعض التعديلات التي اقترحتها حركة حماس "قابلة للتطبيق والبعض الآخر ليس كذلك"، بدون أن يحددها.

وفسرت بعض وسائل الإعلام، خصوصا في إسرائيل، الرد الفلسطيني على أنه رفض للاقتراح الذي طرحه بايدن.

ونفى أحد قادة حماس هذا الاتهام في بيان قائلا إن رد الحركة "يفتح طريقا واسعا للتوصل إلى اتفاق".

غير متوافق 
لم تقبل إسرائيل المقترح بشكل رسمي على الإطلاق، اذ وصف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ما عرضه بايدن بأنه "جزئي" ولا يتوافق مع أهداف حكومته المتمثلة بالحاق الهزيمة بحماس وإعادة الرهائن المحتجزين في غزة.

وفي اتصالاتها، تشدد حماس بانتظام على شروطها بالوقف الكامل للقتال والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وعودة النازحين إلى مناطقهم وعدم انتهاك حدود القطاع.

وقال زقوت "أحد شروط إسرائيل الأساسية هو جعل حماس تختفي، ومن الواضح أن حماس لن توقع اتفاقا يؤدي إلى ذلك".

وأوائل أيار/مايو، أعلنت حماس موافقتها على اقتراح لوقف إطلاق النار ما دفع بالغزيين إلى الاحتفال في الشوارع، لكن مكتب نتانياهو اعتبر أن المقترح لا يلبي المطالب الإسرائيلية الأساسية.

وأضاف زقوت "رفض نتانياهو ذلك، لأنه يريد أن تستمر هذه الحرب التي لا نهاية لها"، متابعا "إنه يحتاج إليها لتجنب استدعائه للمحاسبة على إخفاقاته وقضايا الفساد" ضده في المحاكم.

وقال مايكل هوروفيتز المحلل الجيوسياسي في مؤسسة "لو بيك إنترناشونال" للاستشارات الأمنية ومقرها في الشرق الأوسط، إن التوترات السياسية الداخلية في إسرائيل أثرت أيضا على الوساطات.

أضاف "يعلم رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن اتفاقا يشير بوضوح إلى نهاية الحرب سيعرّض ائتلافه للخطر".

وهدد وزيران يمينيان متطرفان في الحكومة الاسرائيلية هما ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بإسقاط الحكومة إذا تم التوصل إلى اتفاق قبل هزيمة حماس.

معاناة 
وقال هوروفيتز "بعض الإسرائيليين مستعدون لقبول إنهاء الحرب".

وتدارك "لكن هذا الموضوع يظل مثيرا للجدل لأن بعض الإسرائيليين يعتقدون أيضا أنه إذا تٌركت حماس وشأنها فإنها ستكرر ببساطة هجمات مماثلة لتلك التي وقعت في 7 تشرين الأول/أكتوبر".
 
اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر بعد شن حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية خلف 1194 قتيلا غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى معطيات إسرائيلية رسمية.

خلال هذا الهجوم احتُجز 251 رهينة ما زال 116 منهم في غزة بينهم 41 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وردّت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 37202 شخص في غزة معظمهم مدنيون وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.

ويشكل التبدد المستمر للآمال في التوصل إلى هدنة معاناة للطرفين.

ففي بداية أيار/مايو، خرجت احتفالات عفوية في دير البلح في وسط غزة مع إعلان حماس قبولها اتفاقا لوقف إطلاق النار.

حينها رحب خالد وهو من سكان غزة بالنبأ "بفرحة كبيرة" قائلا لوكالة فرانس برس إنه يأمل أن تنتهي الحرب.

وفي الوقت نفسه في إسرائيل، حض يهودا كوهين والد الرهينة في غزة نمرود كوهين الحكومة الإسرائيلية على المضي قدما.

وقال "أوقفوا هذا الرعب وأعيدوا أحباءنا إلى الوطن".

وبعد مرور أكثر من شهر، يشعر العديد من سكان غزة باليأس من الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه، حتى أن بعضهم ينتقد حماس علنا.

وقال أبو شاكر أحد سكان رفح "نحن أموات ومدمرون، ومآسينا لا تنتهي".

أضاف "ماذا تنتظرون؟ الحرب يجب أن تنتهي بأي ثمن. لم يعد بإمكاننا تحملها".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium