قبل 12 يوما من الدورة الاولى من الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا، تركز الجدل الثلاثاء حول مستوى العجز في الميزانية العامة للبلاد الذي بلغ 5,5% من الناتج الداخلي الإجمالي عام 2023.
وحذر حاكم البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيلوروا دو غالو بان "احترام (مواطنينا) يعني أيضا الاقرار بمتطلبات الواقع، وعدم زيادة عجز فادح لن نتمكن من تمويله بالشكل الكافي".
وستمهد المفوضية الأوروبية الطريق الأربعاء أمام إجراءات تأديبية بحق نحو عشر دول من الاتحاد الأوروبي بينها فرنسا، بسبب العجز الطائل في ميزانياتها العامة.
ووصل العجز عام 2023 إلى نسبة 5,5% من الناتج الداخلي الإجمالي متخطيا التوقعات التي كانت بمستوى 4,9%، ما حمل وكالة إس آند بي في مطلع حزيران/يونيو إلى خفض التصنيف الائتماني السيادي لفرنسا من "AA" إلى "AA-"، في أول خطوة من نوعها منذ 2013 وعزتها الشركة الأميركية إلى "تدهور وضع الميزانية" الفرنسية.
كما أن نسبة الفائدة على قروض ثاني قوة اقتصادية في أوروبا ازدادت منذ إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية ودعوته إلى انتخابات تشريعية مبكرة، بعد تراجع كتلته في الانتخابات الأوروبية التي جرت في التاسع من الشهر في فرنسا.
وبالرغم من أن هذا الوضع سجل في عهدها، هاجمت الحكومة المنتهية ولايتها الثلاثاء المعسكرين اللذين يتصدران نوايا الأصوات في الانتخابات التي تجري في دورتين في 30 حزيران/يونيو و7 تموز/يوليو، وهما التجمع الوطني اليميني المتطرف (33% بحسب معهد إيفوب) وتحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" (28%)، فيما يحل التحالف الحاكم في المرتبة الثالثة (18%).
وقال رئيس الوزراء غابريال أتال إن التجمع الوطني والجبهة الشعبية الجديدة "يعدان في برنامجيهما بحملة ضريبية شديدة على كل المستويات لتمويل تدابيرهما المالية الجنونية".
من جهته، حذر برونو لومير، وزير المالية منذ سبع سنوات، متحدثا لصحيفة لوموند من أن البلاد ستواجه "أزمة دين إذا طبق برنامجيهما بشكل كامل".
وردت الاشتراكية فاليري رابو عن الجبهة الشعبية الجديدة، فقدرت قيمة النفقات الجديدة المنصوص عليها في برنامج التحالف بـ106 مليارات يورو "خلال فترة 2024-2027"، موضحة أن البرنامج ينص على "عجز بقيمة 5,7% من الناتج الداخلي الإجمالي هذه السنة، ثم 5,4% عام 2025 و5,1% عام 2026، قبل أن يتدنى إلى 3,6% عام 2029".
وأضافت "بالطبع، نطيل المهل لتصحيح الحسابات العامة، لكن ... يجب أن ندرك أن الحاجة العاجلة هي النهوض بالاقتصاد الفرنسي".
من جهته، أعلن زعيم اليمين المتطرف جوردان بارديلا في الصباح أولى تدابير برنامج التجمع الوطني التي سيتم تطبيقها على مراحل في حال وصل حزبه إلى السلطة.
وقال إن "الإجراء الأول" الذي سيتخذ سيكون تمرير ميزانية تصحيحية تتضمن خفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة والوقود، في وقت تشكل القدرة الشرائية أحد مواضيع المطروحة في صلب الحملة الانتخابية.
في المقابل، فإن إلغاء ضريبة القيمة المضافة على "المنتجات الأساسية" الذي وعد به اليمين المتطرف، سينتظر حتى الميزانية المقبلة بعد انتهاء عطلة الصيف.
وقال بارديلا "هناك الضرورات العاجلة والإصلاحات"، وأوضح أنه يستعد لـ"يرث بلدا في حال شبه الإفلاس"، مؤكدا عزمه على إجراء "فور وصوله" إلى السلطة "تدقيقا في حسابات الدولة".
وكان بارديلا أعلن الإثنين أنه سيلغي "اعتبارا من الخريف" إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل الذي اعتمد بضغط من ماكرون في ربيع 2023 بعد أشهر من الاحتجاجات.
- "رفض للعرقلة" -
من جهة أخرى، ألمح بارديلا الثلاثاء إلى انه في حال فوز حزبه، لن يتسلم منصب رئيس الوزراء إن لم يكن واثقا من الحصول على الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية.
وقال "اذا كانت هناك غالبية نسبية فان رئيس الوزراء لا يمكنه التحرك".
فهل يعني ذلك أن اليمين المتطرف يهيئ الفرنسيين لاحتمال التراجع؟ قال أتال أنه "في ما يتعلق بجوردان بارديلا، هناك برنامج يتراجع وشروط تتزايد"، مضيفا "بدأ الأمر يشبه رفضا للعرقلة".
وفي هذه الأثناء، يبقى التحالف اليساري منقسما حول رئيس قائمة مرشحيه.
وأعلنت ماتيلد بانو وهي من قادة "فرنسا الابية" (يسار راديكالي) أنه يعود الى الحزب الذي "ينال أكبر كتلة برلمانية في الجمعية الوطنية" عن اليسار ان "يقترح على القوى الأخرى اسم رئيس للوزراء".
وهذا ما يصب في مصلحة حزب جان لوك ميلانشون، السياسي المثير للجدل، إذ قدم 229 مرشحا مقابل 175 للاشتراكيين و92 لأنصار البيئة و50 للاشتراكيين.
يدافع السكرتير الأول للحزب الاشتراكي أوليفييه فور عن مسار آخر فيدعو إلى "تصويت" من النواب المستقبليين للجبهة الشعبية الجديدة إذا حصلت على الغالبية مساء 7 تموز/يوليو.