عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سابق عهده ليظهر كـ"محاور ودود وسط تصفيق حارٍّ من جمهور من داعميه وليطالب مؤيّديه اليمينيين صراحة بالتصدي لعودة اليسار الإسرائيلي".
وفي مقابلة مع "القناة 14 الإسرائيلية"، أمس الأحد، تصدَّر رئيس الوزراء عناوين الأخبار بإعلانه أنّ "القتال الأشرس في غزة سينتهي قريباً"، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ "القوات الإسرائيلية ستواصل القتال لحين القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)".
وكرَّر نتنياهو موقفه الراسخ المتمثّل في استعداده للموافقة على وقف موقّت للقتال من أجل إطلاق بعض الرهائن، وليس الإنهاء الكامل للحرب الذي طالبت به "حماس" قبل الموافقة على أي هدنة.
وأثار هذا استنكار عائلات الرهائن التي دأبت على اتهامه بإرجاء إطلاق ذويها بإطالة أمد الحرب، وأيضا استياء "حماس" التي تقول إنّه "لم يلتزم بمقترح لوقف إطلاق النار أشادت به واشنطن ودعمته الأمم المتحدة".
وقال نتنياهو اليوم في كلمة أمام الكنيست إنّ "إسرائيل ما زالت ملتزمة باقتراح وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن مثلما قدّمه الرئيس الأميركي جو بايدن الشهر الماضي، لكنها لن توقف الحرب قبل القضاء على حماس".
غير أنّ اللافت أيضاً، مثل كل التصريحات التي أدلى بها نتنياهو أمس، هو المكان الذي اختاره نتنياهو للإدلاء بها. فقد اختار جمهوراً ودّياً ومرحّباً به، في استوديو وفي أول مقابلة على الهواء مباشرة على التلفزيون الإسرائيلي منذ هجوم السابع من أكتوبر.
وبهذا، عاد نتنياهو إلى جانب من طبيعته المتمثلة في الشكل التلفزيوني الذي يستمتع به في الحملات الانتخابية العامة العشر التي خاضها كزعيم لحزب ليكود اليميني على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفاز بالسلطة أو احتفظ بها في ثمان منها.
"مخاطبة قاعدة مؤيديه"
قال نتنياهو: "هذه حكومة يمينية وإذا سقطت فلن يمرّ وقت طويل قبل أن تفعل حكومة يسارية شيئاً واحداً على الفور وهو إقامة دولة فلسطينية إرهابية".
وقال جدعون رهط، أستاذ العلوم السياسية من المعهد الإسرائيلي للديومقراطية، أنه من السابق لأوانه الاعتقاد بأنّ نتنياهو ربما يستعد لإجراء انتخابات مبكرة ستكون السادسة فيما يزيد قليلا عن خمس سنوات، لكن عودته إلى أسلوبه المعتاد في الحملات الانتخابية تظهر حاجته إلى دعم ائتلافه.
وأضاف رهط: "كان يتحدث إلى قاعدة داعميه... ويحافظ على حكومته... هذا هو الهدف الرئيسي. وهو يحقق النجاح في ذلك ويكسب الوقت".
وفي الأشهر الثمانية الماضية، أجرى نتنياهو مقابلات مع التلفزيون الأميركي لكنه تحاشي مثل هذه المقابلات في إسرائيل. وحاول في هذا اللقاء تصوير نفسه كشخصية تتمتع بتوافق الآراء على رأس حكومة وحدة وطنية للطوارئ انضم إليها منافسه من تيار الوسط بيني غانتس بعد هجمات "حماس" في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقبل أسبوعين، استقال غانتس متهما حكومة نتنياهو بالافتقار إلى خطة طويلة الأمد لغزة بعد الحرب. ومنذ ذلك الحين، ركّز نتنياهو بصراحة أكثر على دعم الائتلاف اليميني الذي أعاده إلى السلطة قبل عام ونصف عام.
إلى ذلك، قاوم نتنياهو الضغوط التي يمارسها شركاؤه من اليمين المتطرف ومن المتدينين المتشددين فيما يتعلق بمجموعة من القوانين المثيرة للجدل مثل تعيينات الحاخامات والتجنيد. وقال الأسبوع الماضي إنّ مثل هذه المبادرات تخاطر بتقسيم الائتلاف، ويجب نبذها جانباً في فترة الحرب.
لكن لا دلائل على وجود جهد منظم من خصومه السياسيين للدفع نحو انتخابات جديدة قريباً. والمعارضة الأعلى صوتا حالية تأتي من عائلات الرهائن التي انتقدت تصريحاته بالأمس، التي قال فيها إنه لا يفكر إلّا في هدنة "جزئية" للإفراج عن "بعض" الرهائن قبل مواصلة القتال لإلحاق الهزيمة بـ"حماس".
وقال روبي تشين والد الجندي إيتاي تشين الذي تحتجز حماس جثته لراديو الجيش الإسرائيلي: "لا أفهم استراتيجية رئيس الوزراء... كيف تساعد هذه الثرثرة؟".
من جهته، لفتت المجموعة الرئيسية لعائلات الرهائن، في بيان، إلى أنّ "أُسر الرهائن لن تسمح للحكومة وزعيمها بالتراجع عن التزاماتهما الأساسية تجاه مصير أحبائنا. مسؤولية وواجب إعادة جميع الرهائن تقع على عاتق رئيس الوزراء".
وأصدر نتنياهو توضيحاً، في وقت متأخر من الليل، قال فيه إنّ إسرائيل "لن تغادر غزة قبل أن نعيد جميع رهائننا البالغ عددهم 120، الأحياء والأموات".