النهار

ازدياد أيّام الحرّ ينذر بصيف قاسٍ... التشجير و"التقنين" والوقاية الآن
فرح نصور
المصدر: "النهار"
ازدياد أيّام الحرّ ينذر بصيف قاسٍ... التشجير و"التقنين" والوقاية الآن
تعبيرية (تصميم النهار )
A+   A-
 
خلُص تحليل علمي إلى زيادة عدد الأيام التي تُسجّل درجات حرارة تتجاوز 35 درجة مئوية في 20 من أكبر عواصم العالم، من بينها نيودلهي وجاكرتا وبوينس آيرس، بنسبة 52 في المئة على مدى العقود الثلاثة الماضية.
 
ويعيش ما يربو على 300 مليون شخص في العواصم العشرين الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، وهم عرضة بصفة خاصة لمخاطر ارتفاع درجات الحرارة الناجمة عن تغيّر المناخ لأسباب منها امتصاص الأسفلت والمباني للحرارة والاحتفاظ بها، وفق ما نقلته "رويترز" عن ملخص التحليل.
 
 
 
وشهدت بعض العواصم مثل نيودلهي وداكا ومانيلا خلال هذا العام موجات حرّ خطيرة تسبّبت بحالات وفاة مرتبطة بالحرارة وإغلاق المدارس.
 
 
 
وأظهرت بيانات محطة أرصاد جوية أنّ نيودلهي شهدت أطول وأشد موجة حرّ منذ 74 عاماً، إذ سجّلت 39 يوماً متتالياً من درجات حرارة قصوى بلغت 40 درجة مئوية فأكثر خلال الفترة من 14 أيار إلى 21 حزيران.
 
 
 
وأجرى المعهد الدولي للبيئة والتنمية ومقرّه لندن تحليلاً يقيس التهديد المتزايد لموجات الحرّ الشديدة في بعض أكبر المناطق الحضرية في العالم.
 
 
 
ووفقاً لبيانات جمعها الباحثون من محطات الأرصاد الجوية في المطارات لدرجات حرارة السطح، فإنّهم توصّلوا إلى أنه في الفترة من 2014 إلى 2023، كان هناك ما يقرب من 6500 يوم أو حالة بلغت فيها درجات الحرارة في إحدى العواصم العشرين 35 درجة مئوية أو أكثر. وفي الفترة من 1994 إلى 2003، كان العدد 4755 فقط.
 
 
 
وتشير نتائج سابقة توصّل إليها علماء في إطار مبادرة "ورلد ويذر أتربيوشن" إلى أنّ موجات الحرّ أصبحت أكثر سخونة بما يصل إلى 1,2 درجة مئوية في المتوسّط على مستوى العالم عمّا كانت عليه قبل عصر الصناعة.
 
يقول الدكتور جورج متري، مدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في معهد الدراسات البيئية في جامعة البلمند اللبنانية، أن وتيرة موجات الحرّ أصبحت تصاعدية، فسابقاً، كانت هذه الوتيرة تمتدّ على عدد أيام أقلّ، وتتكرّر سنوياً في وتيره أقلّ من الآن. لكن بسبب الخلل الناتج عن التغيّر المناخي والاحتباس الحراري، بتنا نشهد موجات حرّ بأيام متتالية تصل إلى سبعة أيام مثلاً في لبنان وهنا يكمن الخطر.
 
ويورد أنه في العام الماضي مثلاً في اليونان، تخطّت موجات الحرّ 15 يوماً متتالية، ما تسبّب بحرائق كارثية. وأيضاً هذا العام في اليونان، تُوفي أكثر من 6 سياح بسبب موجات الحرّ. كذلك، في لبنان بدأنا نشهد موجات حرّ مبكرة كنّا نشهدها في شهرَي تموز وآب.
 
وقد رُصد الارتفاع في الحرارة أكثر بثلاث درجات عن معدلاتها السنوية. وأصبحنا نعيش في عالم معدّل الحرارة الطبيعي فيه سيتخطّى 1,5 درجة خلال الـ30 سنة المقبلة، فيما جميع البلدان وقّعت على اتفاقية الحدّ من التغير المناخي لعدم تخطّي هذه الدرجة، إذ إنّ ارتفاعها له عواقب وخيمة، ولا سيّما في العالم العربي الذي يعاني أصلاً من ارتفاع في الحرارة. وقد سجلت مناطق عربية درجات حرارة قياسية وقصوى لم نشهدها سابقاً مثلما حدث في المغرب والمملكة العربية السعودية.
 
ويشير خالد سليمان، الكاتب المتخصّص في شؤون التغيّر المناخي والقضايا البيئية، إلى أن درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفعت في السنوات الأخيرة، ربطاً بأن المنطقة هي من الأكثر تأثراً بتغيّر المناخ لأسباب منها: ندرة الغطاء النباتي، فغالبية الأراضي في هذه المنطقة قاحلة أو شبه قاحلة، إضافة إلى اختلاف نسبة المياه العذبة في المنطقة عن غيرها من المناطق في العالم بنسبة 1 في المئة، وهناك تفاوت واضح بين النسبة السكانية والطلب على المياه، ما سبّب تدهوراً بالمصادر الطبيعية المتجدّدة بما فيها المياه، وفي المصدر الوحيد للغطاء النباتيّ، ولترطيب التربة والجوّ. وهناك عوامل مرتبطة بالعمليات الصناعية والعمرانية والتكاثر السكّاني السريع النموّ، ما يتطلّب الكثير من المياه، والطاقة، والغذاء.
 
 
 
 
 
توقّعات تغيّر المناخ
 
 
 
في دراسة أجرتها "ناسا"، توقّعت فيها آثار التحولات المناخية العالية الدقّة لعام 2045، أكّدت أنّ هناك تغيّراً عالميّاً في مقياس يسمّى "مؤشّر طقس الحرائق" سيؤدّي إلى انخفاض في هطل الأمطار، ما يزيد من حالة الطقس الشديد للحرائق في المنطقة. وإذا استمرّت درجات الحرارة العالمية في الارتفاع ووصلت إلى درجتين (عتبة حرجة ذات آثار خطيرة) فوق مستويات ما قبل الصناعة، يمكن أن يواجه الناس في جميع أنحاء العالم آثاراً متعدّدة لتغيّر المناخ مع عواقب وخيمة. ووجد الباحثون أنّ أكثر من ربع سكان العالم يمكن أن يتعرّضوا لشهر إضافيّ من الإجهاد الحراري الشديد كلّ عام مقارنة بمنتصف القرن الـ20. ويمكن أن تتركّز درجات الحرارة المرتفعة والجفاف بشكل خطير في أماكن مثل الأمازون.
 
 
 
كيف يمكن مواجهة ارتفاع الحرارة؟
 
وفقاً لآليات ومشاريع قدّمتها الهيئة الدولية-الحكومية المعنية بتغير المناخ IPCC، لا بدّ من:
 
- إعادة التشجير، ما يؤدّي إلى انخفاض في موجات الحرّ، واللجوء إلى نباتات تزرع أو تنمو في مناطق صحراوية، قاحلة، أو شبه قاحلة، لأنّ التشجير يقلّل من الحرارة المرتفعة، فالأشجار قادرة على ضبط درجات الحرارة.
 
- التقنين في كلّ المجالات التي نلجأ إليها في حياتنا اليومية.
 
- الوقاية الآنية، أي التزام المنازل والأماكن المبردة في أوقات ذروة الحراراة.
 
- الوقاية المستدامة على المدى البعيد.
 
 
 
الأرقام تنذر بالأسوأ
 
 
 
وفق منظمة الصحة العالمية، يتزايد عدد المُعرّضين للحرارة الشديدة بسبب تغيّر المناخ في جميع العالم. وقد زادت الوفيات الناجمة عن الحرارة بين من تزيد أعمارهم على 65 عاماً بنسبة 85% تقريباً في الفترة الواقعة بين عامي 2000-2004 وعامي 2017-2021 .
 
وتثبت الدراسات أن الفترة الواقعة بين عامي 2000 و2019 شهدت وفاة 000 489 شخص تقريباً بسبب الحرارة سنوياً، منهم نسبة 45% في آسيا و36% في أوروبا.
 
وتشير التقديرات إلى أن أوروبا لوحدها شهدت في صيف عام 2022 نحو 672 61 وفاة إضافية ناجمة عن الحرارة. وقد يتسبّب اندلاع موجات الحر الشديدة في ارتفاع معدّل الوفيات بشكل حاد.

اقرأ في النهار Premium