تسعى الصين إلى تعزيز قيادتها لكتلة متنامية من الدول، إذ تعتبرها ثقلاً موازناً محتملاً للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.
التقى قادة دول منظمة شنغهاي للتعاون الأسبوع الماضي في كازاخستان الرئيس شي جينبينغ ودعوا الحليف الاستراتيجي روسيا وشركاء آخرين إلى "دعم بعضهم البعض بقوة".
أسست بيجينغ وموسكو المنظمة في 2001 لتكون تكتلا اقتصاديا وأمنيا. وتضم الصين وباكستان ودول أخرى في آسيا الوسطى.
وتوسعت العام الماضي لتشمل إيران ورحبت هذا العام ببيلاروس.
انعقدت المحادثات في أستانا قبل أيام من قمة حلف شمال الأطلسي هذا الأسبوع في واشنطن حيث يحيي قادة التحالف الغربي الذكرى ال75 لتأسيسه ويؤكدون دعمه لأوكرانيا.
وعلى نقيض صارخ لم يأت إعلان منظمة شنغهاي للتعاون المشترك على ذكر الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا، ولا على ذكر تايوان التي تقول الصين إنها جزء من أراضيها.
ومع تولي الصين الرئاسة الدورية السنوية للمنظمة يتوقع محللون أن تعمل على دمج العضوين الجديدين وتعزيز التعاون في مجالاتها الواسعة، وأن تعزز قيادتها للتحالف.
قال بيتس غيل الزميل في شؤون الأمن الآسيوي لدى المكتب الوطني للبحوث الآسيوية ومقره الولايات المتحدة إن "منظمة شنغهاي للتعاون تعرّف نفسها بشكل متزايد على أنها رؤية بديلة للنظام العالمي، تتعارض مع نظام ما بعد الحرب التقليدي بقيادة الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى".
ويمكن النظر إلى توسع الكتلة لتشمل أعضاء جددا على أنه تكرار لدعوات شي وبوتين المتكررة لمنطقتهما الشاسعة لمقاومة النفوذ الغربي.
تقول منظمة شنغهاي للتعاون إنها تمثل 40 بالمئة من سكان العالم ونحو 30% من ناتجه المحلي الإجمالي، ولكن أعضاءها يطبقون أنظمة سياسية مختلفة، بل هناك خلافات مفتوحة فيما بينهم.
وقال مدير مركز دراسات الصين وآسيا الوسطى في جامعة كيميب في كازاخستان تشانغ شياوتونغ إن بيجينغ تتطلع إلى تعزيز التجارة بين الأعضاء وتتصدى في الوقت نفسه لجهود احتواء نفوذها المتزايد في آسيا ولتباطؤ اقتصادي في الداخل.
وصرّح لوكالة فرانس برس إن "الصين على الارجح... ستشجع السلام في قارة أوراسيا وتضع الاقتصاد في قلب جدول أعمال منظمة شنغهاي للتعاون من أجل الإسهام في تعزيز نموها".
- رؤية بديلة -
دأبت الصين وروسيا على استخدام منظمة شنغهاي للتعاون لتقوية علاقاتهما مع دول آسيا الوسطى والتنافس على النفوذ في المنطقة.
لكن في الآونة الأخيرة قامتا بشكل متزايد بالترويج للمنظمة باعتبارها منافسا للغرب.
انتقد إعلان منظمة شنغهاي للتعاون الأسبوع الماضي "التعزيز الأحادي وغير المحدود" لأنظمة الدفاع الصاروخي في انتقاد مبطن على ما يبدو لواشنطن.
وقال شي أيضا إنه يتعين على المنظمة أن "تقاوم التدخل الخارجي" و"يدعم بعضها بعضا بقوة"، فيما رحب بوتين بحلول "عالم متعدد الأقطاب".
ورأت إيفا سايفرت المحللة في معهد مركاتور للدراسات الصينية ومقره برلين" أن "الصين ستحاول استغلال الأشهر الـ 12 المقبلة... لإيجاد أرضية مشتركة بين جميع الدول الأعضاء العشر".
وقالت أبانتي باتاشاريا أستاذة دراسات شرق آسيا في جامعة دلهي الهندية، إن الصين أعطت منظمة شنغهاي للتعاون "قوة جذب أكبر" وخصوصا أن مبادرة الحزام والطريق للبنى التحتية بدأت تثير انتقادات.
وتقول بيجينغ إن مبادرة الحزام والطريق جلبت تنمية مفيدة مشتركة للدول الشريكة، لكن المنتقدين يقولون إنها أثقلت كاهل الدول الفقيرة بالديون.
واعتبرت باتاتشاريا في تصريحات لوكالة فرانس برس أن "الأمر يتلخص ببساطة في حقيقة واحدة: عودة الحرب الباردة مع انقسام العالم إلى كتلتين ديموقراطية وسلطوية".
- خطاب متبجح -
شكك محللون آخرون في إمكان أن تمثل منظمة شنغهاي للتعاون تحديا مباشرا للغرب، مشيرين إلى خلافات طويلة الأمد بين دول أعضاء.
وقال الأستاذ المشارك في جامعة سنغافورة الوطنية جا-إيان تشونغ "يبدو أن الكتلة تعتبر نفسها وسيلة لمساعدة أعضائها على تحمل الضغوط من الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا وآسيا. ومع ذلك، لا يبدو أن جميع أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون متوافقو الرأي".
وفيما تتنافس الصين على النفوذ مع روسيا، ومع الهند على أراض، يظل من غير الواضح ما إذا كان التجمع قادراً على تحقيق طموحاته الكبرى.
وقال الزميل لدى مركز كارنيغي روسيا أوراسيا تيمور عمروف إن منظمة شنغهاي للتعاون "غير فعالة ومبالغ فيها"، وتفتقر إلى "هدف موحد" وفشلت في إسناد مسؤوليات جادة إلى أعضائها.
وخلف "الخطاب المتبجح والمثير للإعجاب... لا تملك منظمة شنغهاي للتعاون أي سلطة لإحداث تغيير... داخل أو خارج حدودها"، وفق عمروف.