قالت وكالات تابعة للأمم المتحدة، الأربعاء، إن الصراعات والاضطرابات الاقتصادية والمناخ أعاقت الجهود المبذولة للحد من الجوع العام الماضي، ما أثّر على نحو تسعة بالمئة من سكان العالم.
وقدّرت في تقرير بأن نحو 733 مليون شخص واجهوا الجوع في 2023، وهو مستوى ظل ثابتا لمدة ثلاث سنوات بعد ارتفاع حاد في أعقاب جائحة كوفيد-19.
وفي حين أثّر الجوع على واحد من كل خمسة أشخاص في أفريقيا، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ شخصا من كل 11، أحرزت أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي تقدماً وتعثرت آسيا في تحقيق هدف القضاء على نقص التغذية.
وتعثر أيضا الهدف الأوسع المتمثل في تأمين الوصول المنتظم إلى الغذاء الكافي للجميع في تلك الفترة.
و أصاب انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد، الذي يجبر الناس على تخطي بعض الوجبات في بعض الأحيان، 2,33 ملياري شخص في العام الماضي، أي ما يقرب من 29% من سكان العالم.
والتقرير صادر عن خمس وكالات متخصصة تابعة للأمم المتحدة هي منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية.
وحذر التقرير من أن العالم "لا يزال بعيدا جدا" عن تحقيق الهدف الأممي المتمثل بالقضاء على الجوع بحلول عام 2030.
ومعروف أن الصراعات والفوضى المناخية والانكماش الاقتصادي هي الدوافع الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والتي تجتمع مع العوامل الكامنة بما في ذلك استمرار عدم المساواة، وعدم القدرة على تحمل تكاليف النظم الغذائية الصحية والبيئات الغذائية غير الصحية.
وقال التقرير إن هذه العوامل الكامنة أصبحت أكثر تواترا وشدة، وتحدث بشكل متزامن في كثير من الأحيان، مما يعني تعرض مزيد من الناس للجوع وانعدام الأمن الغذائي.
ونقل التقرير عن تقديرات محدثة أن اتباع نظام غذائي صحي لم يكن في متناول أكثر من ثلث سكان العالم في عام 2022.
وكان هناك أيضا تفاوتات اقليمية صارخة: أكثر من 71% من الناس في البلدان المنخفضة الدخل لا يستطيعون تحمل تكاليف النظم الغذائية الصحية، مقارنة بما يزيد قليلا على ستة في المئة في الدول ذات الدخل المرتفع.
- "لا وقت لنضيعه" -
وأكد الخبير الاقتصادي في منظمة الأغذية والزراعة ديفيد لابورد الذي شارك في إعداد التقرير أن الانتعاش الاقتصادي في مرحلة ما بعد كوفيد كان غير متكافئ داخل البلدان وفي ما بينها.
وقال لوكالة فرانس برس إن الحروب والظواهر الجوية القاسية استعرت بلا هوادة في عام 2023، لكن العالم فشل في وضع خطة لزيادة الأموال المخصصة لمكافحة الجوع.
واقترح التقرير الأممي، الذي تم تقديمه لقمة مجموعة العشرين في البرازيل، إصلاحًا كبيرًا لتمويل الأمن الغذائي والتغذية للتخفيف من ذلك.
ويبدأ ذلك باعتماد تعريفات مشتركة تضمن توافق جميع الجهات الفاعلة.
وتشير التقديرات الحالية أن هناك حاجة إلى مبلغ يراوح بين 176 مليار دولار و3975 مليار دولار للقضاء على الجوع بحلول عام 2030.
ومع ذلك، ذكر التقرير أن الهيكل المالي "المجزأ للغاية" "يجعل توسيع نطاق التمويل والتنفيذ الفعال للأمن الغذائي والتغذية غير ممكن".
وقال إنه يتعين على الجهات المانحة والوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات التنسيق بشكل أفضل لأن النظام الحالي يفتقر إلى الأولويات المشتركة ويتميز "بانتشار مفرط للجهات الفاعلة التي تقدم في الغالب مشاريع صغيرة وقصيرة الأجل".
وأكد لابورد أن الأمن الغذائي والتغذية لا يقتصران على مجرد "توزيع أكياس الأرز في حالات الطوارئ"، بل يتعلقان أيضاً بتقديم المساعدة لصغار المزارعين وضمان توفير الطاقة في المناطق الريفية والتي يمكن أن تغذي أنظمة الري بالكهرباء.
ويشير التقرير إلى نقطة ضعف أخرى في النظام الحالي هي أن نوايا المانحين لا تلبي دائماً احتياجات السكان.
واشار لابورد الى منطقة الساحل في أفريقيا، حيث أدى عدم الاستقرار المزمن والانقلابات العسكرية إلى قيام المانحين بتعليق مساعداتهم في الوقت الذي يحتاج فيه السكان إليها بشدة.
وأوصى التقرير أيضًا بتطوير أدوات مالية تجمع بين الأموال الخاصة والعامة ليتمكن القطاع الخاص من الاستثمار في الأمن الغذائي، وهو مصدر للإنتاج والاستقرار السياسي.
وخلص التقرير إلى أنه "ليس هناك وقت لنضيعه، لأن تكلفة التقاعس عن العمل تتجاوز إلى حد كبير تكلفة العمل الذي يدعو إليه هذا التقرير".