النهار

بين بايدن وهاريس... من يريح الأسواق؟
بايدن وهاريس (أ ف ب).
A+   A-
جاء انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من السباق الرئاسي، وتسميته نائبته كامالا هاريس مرشحة عن الحزب الديموقراطي، في وقت اقتصادي حساس، إذ تتطلع الأسواق إلى الاستقرار السياسي سعياً وراء هدوء اقتصادي.
 
لكن صدمة انسحاب بايدن لم تكن كبيرة، كما يقول المحلل الاستراتيجي للأسواق المالية جاد حريري، مضيفاً لـ"النهار": "لقد حصل الأمر في عطلة نهاية الأسبوع، تزامناً مع اغلاق الأسواق المالية أبوابها، وبالتالي لم تتأثر الأسهم، خلافاً للعملات الرقمية، وتحديداً البيتكوين، التي لا تقفل أسواقها، فارتفعت نحو ثلاثة في المئة، مسجلة 68 ألف دولار"، بعد تنحي بايدن عن السباق نحو البيت الأبيض.
 
وبحسب حريري، كانت الأسواق تتوقع انسحاب بايدن، "خصوصاً بعد أداءه الضعيف في المناظرة الأميركية، وبعد محاولة الاغتيال التي رفعت حظوظ دونالد ترامب في الجلوس إلى الكرسي الرئاسي، وبالتالي كانت الأسواق جاهزة"، إلا أن عوامل أخرى أثرت على الأسواق، كالتوترات الجيوسياسية في اليمن مثلاً.
 
ويقول أحمد عزام، محلل الأسواق المالية، لـ"النهار" إن الانتخابات الأميركية ليست المحرك الوحيد للأسواق، "فالتوقعات تشير إلى احتمال تخفيض الفدرالي أسعار الفائدة، فيما النمو الاقتصادي والأرباح سيظلان مرنين، وهذا قد يكون العامل الأساسي لتحركات الأسواق حتى موعد الانتخابات الأميركية".
 
الرؤية نفسها!
 
ثمة مراهنات كثيرة اليوم، في الولايات المتحدة وخارجها، على قدرة هاريس على مقارعة ترامب في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وتأثير هاريس، مقارنة ببايدن، في الأسواق المالية متصل بطريقة تقييم المستثمرين سياسات هاريس، حيث يسعى المستثمرون إلى فهم اتجاهاتها الجديدة وتحليل خططها الاقتصادية المحتملة.
 
يرى الحريري أن حظوظ هاريس بالفوز "مرتفعة"، لافتاً إلى أن لا فروقات كبيرة بين رؤيتها ورؤية بايدن الاقتصادية، "فالحزب هو من يحكم أميركا برأيي، وليس الرئيس، وهما ينتميان إلى الحزب الديموقراطي نفسه"، فيما يقول عزام إن سياسات هاريس ستكون أفضل للشركات الكبرى والمؤسسات الدولية.
 
وحين يتبنى الحزب الديموقراطي ترشيحها رسمياً في المؤتمر العام للحزب في آب (أغسطس) المقبل، هل ستقدم مشروعاً اقتصادياً مختلفاً عن مشروع بايدن؟ 
 
لقد ركز بايدن في ولايته الرئاسية على زيادة الضرائب على الشركات والأفراد ذوي الدخل العالي لتمويل البرامج الاجتماعية والبنية التحتية، وعمل على تحسين الأجور، فيما يتوقع أن تقدم هاريس تعديلات لتحقيق التوازن بين تشجيع النمو الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية، مع التركيز على تجسير الفجوة الاقتصادية بين الفئات المختلفة، خصوصا أنها أصدرت في عام 2019 انتقادات لاذعة لسياسة ترامب الاقتصادية، وكانت بعد عضواً في مجلس الشيوخ عن كاليفورنيا، واتهمته بتقديم التخفيضات الضريبية "هدية للأثرياء".
 
 هاريس تريح الأسواق
 
في المقلب التكنولوجي، يتوقع أن تواصل هاريس نهج بايدن، بإطلاق خطط ضخمة للاستثمار في البنية التحتية، بما فيها مشاريع النقل، لكنها قد تركّز أكثر على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة لتعزيز الاستدامة والنمو الاقتصادي. فهاريس تولي الشركات الصغيرة وريادة الأعمال اهتماماً خاصاً، من خلال تعزيز برامج الدعم، وتوفير قروض ميسرة، وتسهيلات ضريبية لتحفيز عملها. وربما تتساهل أكثر مع شركات العملات المشفرة، بعد أن استفادت من دروس ترامب الذي يحظى بدعم كبير من كبرى الشركات التكنولوجية والرقمية. إلاّ أنها قد تصطدم بشركات التكنولوجيا في ملفّ تنظيم القطاع التكنولوجي وجعله أكثر أماناً للمستخدمين، الذي كان يدعمه بايدن وأيدته بدورها، وهو ما اعتبره الرأسماليان مارك أندريسن وبن هورويتز "مبالغة في التنظيم"، وكان ذلك أحد أسباب دعمهما ترامب.
 
وبحسب عزام، صلات هاريس وثيقة بقادة شركات التكنولوجيا الكبرى، "وهي تؤمن بالعولمة، فقد يكون موقفها تجاه الشركات الأجنبية الكبرى، مثل شركات أشباه المواصلات التايوانية، أكثر إيجابية وأقل حدة من ترامب". من هنا، يظن عزام أن وجودها في البيت الأبيض لن يخيف الاستثمارات الخارجية، وهذا يريح الأسواق".
 
وترامب أيضاً... ولكن!
 
وربما يكون ترامب مؤثراً إيجابياً أيضاً، لكن بشكل مختلف عن هاريس. يقول عزام: "سيشجع ترامب الصناعات الداخلية ويحميها، نظراً إلى سعيه لرفع التعريفات الجمركية، ما يصعب على الشركات نقل عملياتها إلى خارج الولايات المتحدة"،  علماً أن للتعريفات الجمركية والحرب التجارية ضد الصين جانب سلبي على الاقتصاد برمته، "ما سيجعل الاقتصاد عرضة لتضخم مرتفع وبقاء أسعار الفائدة المرتفعة لفترة زمنية أطول"، بحسب عزام الذي رأى أن "عودة ترامب قد تتسبب بتقلبات كبيرة في الأسواق، جراء قراراته المفاجئة".
 
تجارياً، تبنى بايدن سياسة تجارية متعددة الأطراف، محاولاً إصلاح العلاقات التجارية مع الحلفاء التقليديين. وربما تتبنى هاريس نهجاً مماثلاً، لكن مع تركيز أكبر على قضايا حقوق الإنسان والبيئة في الاتفاقيات التجارية، إضافة إلى اتخاذها موضوع الطاقة النظيفة محوراً أساسياً في أجندتها الاقتصادية. وهذه نقطة قد تصبّ في صالحها في معركتها مع ترامب الذي أعلن انسحاب بلاده من اتفاقية باريس بشأن التخفيف من آثار التغير المناخي، عندما كان رئيساً للولايات المتحدة في عام 2017.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium