أيقظت أصوات الأرض المتحركة العامل اليدوي عبد الكريم وزوجته ما مكنهما من الفرار على عجل قبل أن تبتلع المياه الموحلة قريتهما النائية في ولاية كيرالا الهندية.
شهدت ولاية كيرالا الثلثاء انزلاقات تربة أودت بحياة 160 شخصا على الأقل معظمهم من العمال وعائلاتهم في مناطق زراعة الشاي كما يرجح، فيما تعرقلت الأربعاء عمليات الإنقاذ بسبب الأمطار الغزيرة والرياح.
وبينما كان عبد الكريم ينتظر خارج عيادة مزدحمة لمتابعة وصول الجثث التي تنتشلها فرق الإنقاذ بانتظام، لا يتوقع أن أقاربه وجيرانه تمكنوا من الفرار كما فعل.
وقال لوكالة فرانس برس "والد زوجتي لا يمكنه المشي بشكل جيد. اتصلت بأخواتي في الليلة السابقة، كن محاصرات في المنزل".
وأضاف "نحن بدون أي أمل. هذا هو مدى سوء الوضع هناك".
ويعتقد عبد الكريم (52 عاما) أن عشرة أو أكثر من أفراد أسرته الذين يعيشون في المنطقة هم بين 160 شخصا على الأقل لقوا حتفهم عندما ضربت الانهيارات الأرضية ركنهم النائي في ولاية كيرالا الساحلية قبل فجر الثلثاء.
بعض المنازل قد طمرت تحت الطين والحطام، بينما غمرت مياه الفيضانات منازل أخرى، وزحزحتها أطنان من الصخور والأتربة.
وتشهد منطقة واياناد التي تشتهر بمزارع الشاي الخصبة، فيضانات منتظمة في ذروة موسم الرياح الموسمية السنوي عندما تستمر الأمطار الغزيرة لأيام.
وقال عبد الكريم إنه اعتاد على اللجوء مؤقتا إلى أقاربه كل عام عندما يفيض نهر إيروفاجينجي القريب ويغمر منزله جزئيا، مضيفا أن "هذا العام كأن الأمر مروعا".
وظل عبد الكريم ومئات السكان الآخرين المنكوبين يراقبون بقلق طوال الليل خارج العيادة في ميبادي، التي تحولت إلى مركز فرز للذين تم إنقاذهم ومشرحة مؤقتة للجثث المنتشلة.
وتجمعت حشود حول سيارات الإسعاف بينما كان أفراد الأسرة يمدون أعناقهم لرؤية قطعة ملابس أو مجوهرات مألوفة من تحت الأغطية التي كانت تغطي الجثث للتعرف عليها.
- "صوت قنبلة ضخمة" -
وعمل فريق من المتطوعين على تنظيف بقايا الجثث التي تم جلبها إلى داخل العيادة من الوحل والطين لتحديد هوياتها.
وقال آرون ديف، الذي يعيش قرب العيادة وعرض مساعدته على الفريق الطبي المحاصر، إن قوة مياه الفيضانات حاصرت العديد ممن تمكنوا من الفرار من التأثير الأولي للانهيارات الأرضية.
وقال لفرانس برس إن "أولئك الذين نجوا جرفهم الفيضان مع المنازل والمعابد والمدارس"، مشيرا الى أن رجال الإنقاذ اكتشفوا بشكل مروع أطرافاً مقطوعة وأجزاء أخرى من الجسم على بعد عدة أميال من موقع الكارثة.
ورأى أن "الأمر سيكون سيئاً في الأيام القليلة المقبلة".
وجرف الفيضان الجسر الوحيد الذي يربط بين القرى الأكثر تضرراً في تشورالمالا ومونداكاي، لذلك اضطرت فرق الإنقاذ إلى استخدام طرق غير تقليدية لنقل الجثث الى خارج موقع الكارثة.
وأنقذ جنود ورجال إطفاء ومتطوعون مئات الأشخاص بينما لجأ أكثر من ثلاثة آلاف آخرين إلى مخيمات الإغاثة التي أقيمت في مكان قريب.
وقالت عاملة في مزرعة الشاي كيدارباي لفرانس برس إن هدير الانهيار الأرضي أيقظها، ما أتاح لها وقتا للفرار من غرفة نومها مع طفلها الصغير قبل أن يدفن غرفتها الوحل.
وقالت المرأة (30 عاما) لفرانس برس "كان الأمر أشبه بصوت قنبلة ضخمة"، مضيفة "لم نكن متأكدين مما سيحدث لنا. نحن محظوظون جدا لأننا ما زلنا على قيد الحياة".