يحتمل أن يعزز مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية الأربعاء في طهران، جناح الصقور في الحركة الفلسطينية، وأن تعقبه عمليات ثأر ضد إسرائيل.
وبينما حيت العديد من الشخصيات السياسية الفلسطينية مساهمة هنية في الكفاح لأجل حقوق الفلسطينيين، يخشى سكان الأراضي المحتلة التبعات المحتملة لمقتل القيادي الذي سبق له ان تولى رئاسة الوزراء في غزة.
ولا يزال الوضع متفجرا جدا بعد ما يقارب عشرة أشهر على اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، والتصعيد بين الأخيرة وحزب الله في جنوب لبنان.
من يخلف هنية؟
قبل مقتل هنية كانت حماس قد خسرت نائبه صالح العاروري الذي قتل في ضربة في ضاحية بيروت الجنوبي في 2 كانون الثاني/يناير، نسب إلى إسرائيل.
واليوم يبرز اسمان مرشحان لخلافته، هما أبو موسى مرزوق وخليل الحية.
الأول مسؤول كبير في المكتب السياسي لحماس ويعتبر قريبا من مواقف هنية. وهو أكثر اعتدالا من الجناح المسلح للحركة، إذ يدعو إلى قبول إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967. وهو موقف لا يحظى بالإجماع داخلها.
وسبق أن أوقف في الولايات المتحدة، حيث كان يقيم في التسعينات، لاتهامه بتمويل الجناح المسلح لحماس. وانتقل بعدها إلى العيش في الأردن، فمصر ثم قطر.
كما سبق أن مثل حماس في عدة مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل.
أما خليل الحية فيعد بمثابة الرجل الثاني في المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، وهو على معرفة جيدة بقائد جناحها العسكري يحيى السنوار.
في العام 2006 كان المسؤول عن الكتلة البرلمانية لحماس، إثر فوزها بالانتخابات التي سرعان ما تحولت إلى مواجهات مسلحة مع حركة فتح بقيادة الرئيس محمود عباس.
يعد الحية مؤيدا كبيرا للكفاح المسلح، وفقد العديد من أفراد عائلته في الهجمات الإسرائيلية على القطاع العام 2007.
عدا هذين الاسمين، يطرح بعض المراقبين أيضا اسم خالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة.
أي أثر على حماس؟
أكد مصدر في الحركة لوكالة فرانس برس أنها "سوف تتجاوز هذه الأزمة"، مضيفا أن "الاحتلال اغتال قادة كبارا مثل مؤسس الحركة الشيخ احمد ياسين"، لكن "الحركة تزداد قوة بعد اغتيال قادتها وأبنائها".
وتوقع مدير برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية جوست هيلترمان أن كوادر حماس سيكون بإمكانهم، عندما يجتمعون، الاختيار بين "العديد من الشخصيات المؤهلة للقيادة".
لكن الباحث في مركز دراسات المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية هوغ لوفات رأى أن هذا "الحدث مؤلم جدا للحركة (...) ويمكن أن يشجع أنصار الخط المتشدد".
واوضح أن "هنية أطلق دينامية معتدلة داخل حماس ولو أن الأمر يبقى نسبيا".
أي تداعيات على إسرائيل؟
إذا كان إسرائيليون عبروا الأربعاء عن سرورهم لمقتل هنية على الشبكات الاجتماعية، فإن كثيرين يخشون أن يلي ذلك تصعيد عسكري.
فالمباحثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وعودة الرهائن الذين احتجزتهم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر باتت معرضة للفشل، كما اورد هوغ لوفات، وذلك باعتبار "أن القيادة السياسية الموجودة في الدوحة، بقيادة هنية، ربما تكون ضغطت على السنوار وقيادة حماس للقبول بوقف إطلاق النار".
من جهته اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني مخيمر أبو سعدة أن الرد يمكن أن "يأتي من الضفة الغربية أو من جماعات تابعة لحماس في جنوب لبنان".
ولم يستبعد احتمال تنفيذ "هجوم انتحاري، أو إطلاق النار على جنود أو مستوطنين إسرائيليين".
أي تداعيات إقليمية؟
من جهتها اعتبرت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس أن "عملية الاغتيال الإجرامية بحق القائد هنية وفي قلب العاصمة الإيرانية هي حدثٌ فارقٌ وخطير، ينقل المعركة إلى أبعادٍ جديدةٍ وسيكون له تداعياتٌ كبيرةٌ على المنطقة بأسرها".
وأوضحت الباحثة في مركز شاتمان هاوس لينا الخطيب "رغم أن أطراف النزاع ليس من مصلحتهم اندلاع حرب شاملة، إلا أن أي تصعيد يزيد من مخاطر أن يصبح الوضع غير قابل للتحكم فيه".
وبينما لم تعلن إيران بعد كيف سترد على الهجوم الذي وقع على أراضيها، رأى معظم المحللين أنه ليس من مصلحتها الدخول في حرب شاملة ضد إسرائيل، مشيرين إلى أن الأخيرة استهدفت أيضا في الساعات ال24 الأخيرة حزب الله.
وقال هيلترمان إن "إيران لن ترد ولن تعبئ حلفاءها إلا إذا كانت مصالحها الحيوية مهددة، وهو ما لا ينطبق على الوضع الحالي".