أعلن الكرملين، الجمعة، أن عملية تبادل السجناء التاريخية مع الغرب أتاحت إطلاق سراح ثلاثة جواسيس روس كانوا يعملون لصالح الاستخبارات الروسية.
وقالت موسكو إن فاديم كراسيكوف الذي كان يمضي عقوبة السجن مدى الحياة في ألمانيا بتهمة قتل قائد انفصالي شيشاني سابق في وضح النهار في متنزّه في برلين، كان عميلا في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي.
وكان كراسيكوف أحد الشخصيات المركزية في عملية التبادل التاريخية التي جرت الخميس، مع ممارسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضغوطا علنية من أجل إطلاق سراحه لإنجاز الصفقة في مواجهة تردد برلين.
وفي العادة، لا يكشف الكرملين أي تفاصيل حول أجهزة استخباراته، لكنّه أكد الجمعة أن اثنَين آخرَين على الأقل أطلقا بموجب الصفقة كانا أيضا عميلَين سرّيَين متمركزَين في الاتحاد الأوروبي.
وقدّمهما بوتين على أنهما بطلَان وشكرهما شخصيا على الخدمة التي أدياها من أجل "الوطن الأم" ووعد بإغداقهما بالتكريمات.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين الجمعة "كراسيكوف هو عضو في جهاز الأمن الفيدرالي".
وأضاف "خدم في ألفا (وحدة النخبة في جهاز الأمن الفيدرالي). وخدم مع العديد من الموظفين (الحاليين) في جهاز أمن الرئيس" فلاديمير بوتين.
كشف تحقيق أجراه موقع "بيلينغكات" الاستقصائي في السابق عن ارتباط كراسيكوف بجهاز الأمن الفيدرالي، لكن اعتراف الكرملين الجمعة بذلك كان المرة الأولى التي تؤكد فيها موسكو علنا أنه كان عميلا للدولة.
وأقرّ المستشار الألماني أولاف شولتس الخميس بأن إطلاق سراح كراسيكوف الذي قال قضاة ألمان إنه نفّذ عملية الاغتيال بناء على أوامر من موسكو، "لم يكن سهلا".
وفي المقابل، ضمنت برلين إطلاق سراح خمسة مواطنين ألمان يحمل بعضهم أيضا الجنسية الروسية.
وأفرجت روسيا كذلك عن ثلاثة مواطنين أميركيين هم الصحافيان إيفان غيرشكوفيتش وألسو كورماشيفا وعنصر المارينز السابق بول ويلان، بالإضافة إلى بعض أبرز المعارضين الروس في صفقة وصفها الرئيس جو بايدن بأنها "إنجاز دبلوماسي تاريخي".
- "غير شرعيين" -
وأكد بيسكوف أيضا أن زوجَين روسيَين أفرج عنهما في إطار الصفقة من سلوفينيا كانا أيضا جاسوسَين.
كان أرتيم دولتسيف وآنا دولتسيفا اللذان أُرسل طفلاهما إلى روسيا في إطار الصفقة، يتظاهران بأنهما زوجان أرجنتينيان يديران شركة لتكنولوجيا المعلومات ومعرضا فنيا في ليوبليانا.
وقال بيسكوف "اكتشف ولدا (الجاسوسين) المقيمَيْن بصورة غير شرعية واللذين وصلا أمس، أنهما روسيان على متن الرحلة التي أقلتهما من أنقرة. إنهما لا يتحدثان الروسية".
و"المقيمون بصورة غير شرعية" هو مصطلح يستخدم للإشارة إلى الجواسيس الروس الذين يعيشون في بلدان أجنبية سنوات وحتى عقوداً، بهويات مزورة ويجمعون معلومات استخبارية لإرسالها إلى موسكو.
ورحب بوتين بالطفلَين قائلا لهما بالاسبانية "بويناس نوتشيه" (وتعني مساء الخير)، بعد وصولهما الخميس.
وقال بيسكوف الجمعة "لم يعرفا حتى من هو بوتين. هذه هي الطريقة التي يعمل بها المقيمون بصورة غير شرعية، ويضحّون من أجل عملهم وتفانيهم في أداء الواجب".
وفي مطار فنوكوفو في موسكو الخميس، قال بوتين للمواطنين الروس المفرج عنهم "وطنكم لم ينسكم".
وفي مقابل إطلاق سراحهم، وافق بوتين على الإفراج ليس فقط عن المواطنين الأميركيين الثلاثة بل أيضا عن بعض من أشد منتقديه الروس المسجونين.
وقال السياسي المعارض فلاديمير كارا-مورزا الذي حُكم عليه بالسجن 25 عاما بتهمة "الخيانة" وتهم أخرى "كنت متأكدا من أنني سأموت في السجن".
وأعلن هو والسياسيان المعارضان الآخران اللذان أفرج عنهما أيضا في إطار الصفقة، إيليا ياشين وأندريه بيفوفاروف، أنهم سيعقدون مؤتمرا صحافيا في بون مساء الجمعة.
- "رائع" -
وفي الولايات المتحدة، وصل المواطنون الأميركيون الثلاثة المفرج عنهم إلى تكساس الجمعة لإجراء فحوص طبية بعد هبوطهم في وقت سابق في قاعدة أندروز قرب واشنطن.
واستُقبلوا بترحيب حار من عائلاتهم وأصدقائهم لدى نزولهم من الطائرة قبل أن يعانق كل منهم الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس.
وقال بايدن للصحافيين "إنه شعور رائع طال انتظاره".
وفي المجموع، أطلق سراح 24 سجينا، ثمانية من جانب الغرب و15 من جانب روسيا وواحد من بيلاروس.
وفي مشاهد عاطفية في القاعدة الجوية، صُوِّر مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" غيرشكوفيتش وهو يحتضن والدته بعد 16 شهرا من الأسر.
بدورها، عانقت كورماشيفا، المحررة في راديو فري يوروب/راديو ليبرتي والتي تحمل أيضا الجنسية الروسية، طفليها، في حين أعرب بول ويلان الذي أمضى أكثر من خمس سنوات في السجون الروسية، عن ارتياحه لأنه أصبح حرا.
وقال ويلان "أنا سعيد بالعودة. لن أعود إلى هناك (روسيا) إطلاقا".