اندلعت اشتباكات، الأحد، بين مئات الآلاف من المتظاهرين البنغلادشيين الذين يطالبون باستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، وأنصار حزب رابطة عوامي الحاكم، ما أسفر عن مقتل العشرات في أحد أكثر الأيام دموية منذ بدء الاحتجاجات.
وتحولت التظاهرات التي بدأت الشهر الماضي ضد وضع نظام حصص لوظائف الخدمة المدنية إلى أسوأ اضطرابات تشهدها البلاد منذ تولي الشيخة حسينة السلطة قبل 15 عاما، لتتوسع لاحقا إلى دعوات تطالب باستقالة رئيسة الوزراء البالغة 76 عاما.
وأفادت تقارير عن مقتل نحو 77 شخصا الأحد وحده، بينهم 14 شرطيا، خلال صدامات استخدمت فيها العصي والسكاكين، بينما أطلقت قوات الأمن النار، ما يرفع إجمالي حصيلة القتلى منذ بدء الاحتجاجات في تموز إلى أكثر من 283.
وقالت الشرطة إن المتظاهرين هاجموا عناصرها، بما في ذلك اقتحام أحد مراكزها في بلدة اينايتبور شمال شرق البلاد.
وقال بيجوي باساك نائب المفتش العام للشرطة إن "الإرهابيين هاجموا مركز الشرطة وقتلوا 11 شرطيا".
وأفاد صحافيون من وكالة فرانس برس أنهم سمعوا إطلاق نار متواصلا بعد حلول الظلام الأحد، بعدما تحدى متظاهرون حظر التجول المفروض على مستوى البلاد.
وقالت الشرطة وأطباء في المستشفيات إن 12 شخصا على الأقل قتلوا في العاصمة، وقد أصيب العديد منهم بطلقات نارية، بينما قتل 18 شخصا في منطقة سيراغانج بشمال بنغلادش.
وقيّدت السلطات خدمة الانترنت بشكل صارم.
"التظاهرة النهائية"
وخلافا للشهر الماضي، لم يتدخل رجال الشرطة والجيش في أوقات كثيرة الأحد لقمع الاحتجاجات واكتفوا بالمراقبة.
وفي توبيخ بالغ الدلالة للشيخة حسينة، طالب قائد سابق للجيش يحظى باحترام البنغلادشيين الحكومة بسحب قواتها من الشوارع والسماح بالتظاهرات.
ولوّح متظاهرون في دكا بعلم بنغلادش الوطني من أعلى عربة مدرعة وسط حشد كبير كان يردد هتافات أمام أنظار رجال الأمن، وفق مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وتحققت منها وكالة فرانس برس.
ودعا آصف محمود، أحد قادة الاحتجاج الرئيسيين في حملة العصيان المدني على مستوى البلاد، أنصاره إلى التظاهر الاثنين.
وقال "حان وقت التظاهرة النهائية".
وتمكن الجنود من فرض النظام لفترة قصيرة لكن الحشود عادت الى الشوارع بأعداد كبيرة هذا الشهر في تعاون جديد بينها يهدف إلى شل الحكومة.
"العدالة"
قالت الشرطة إن حشودا كبيرة من المتظاهرين، كثر منهم يحملون عصيا، تجمعوا في ساحة شاهباغ بوسط دكا الأحد، حيث وقعت حرب شوارع في مواقع عدة.
وقال مفتش الشرطة الهلال لوكالة فرانس برس "وقعت اشتباكات بين طلاب ورجال الحزب الحاكم" مضيفا أن شابين قُتلا في حي مونشيغانج بدكا.
أضاف "أحد القتيلين ضرب على رأسه وقضى آخر بجروح ناجمة عن إطلاق نار".
وأفاد شرطي آخر طلب عدم الكشف عن اسمه أن "المدينة بأسرها تحولت إلى ساحة معركة".
وانضم بعض العسكريين السابقين إلى الحركة الطالبية الاحتجاجية، كما بدّل قائد الجيش السابق إقبال كريم بويان صورة صفحته الشخصية على فيسبوك إلى اللون الأحمر تعبيرا عن دعمه للاحتجاجات.
وقال بويان للصحافيين الأحد في بيان مشترك مع ضباط كبار سابقين آخرين "نشعر بقلق عميق وحزن إزاء كل عمليات القتل الفظيعة والتعذيب والاختفاء والاعتقالات الجماعية التي شهدتها بنغلادش مدى الأسابيع الثلاثة الماضية".
وأضاف "ندعو الحكومة الحالية إلى سحب القوات المسلحة من الشوارع على الفور"، مضيفا أن الناس "لا يخشون التضحية بأرواحهم بعد الآن".
وتابع "هؤلاء المسؤولون عن دفع شعب هذا البلد إلى حالة من البؤس الشديد يجب تقديمهم إلى العدالة".
"قاتلة"
وقال قائد الجيش الحالي وقر الزمان أمام ضباط في المقر العام للجيش في دكا السبت إن "الجيش البنغلادشي رمز لثقة الناس".
أضاف أن الجيش "دائما ما وقف بجانب الشعب وسيفعل ذلك من أجل الشعب"، على ما جاء في بيان لم يقدم مزيدا من التفاصيل أو يذكر صراحة ما إذا كان الجيش يدعم الاحتجاجات.
توسعت التظاهرات لتصبح حركة مناهضة للحكومة في كافة أنحاء البلد الواقع بجنوب آسيا ويعدّ 170 مليون نسمة.
وتضم الحركة الاحتجاجية كافة أطياف المجتمع البنغلادشي وبينهم نجوم سينما وموسيقيون ومغنون.
وقالت المتظاهرة الشابة سخاوات إن "الأمر لم يعد يتعلق بحصص الوظائف". وكانت تكتب على جدار في موقع احتجاج في دكا أن حسينة "قاتلة".
أضافت "ما نريده هو أن يتمكن الجيل المقبل من العيش بحرّية في هذا البلد".
وأكدت مجموعة من 47 مصنعا من قطاع الملابس المهم لعجلة الاقتصاد، الأحد "تضامنها" مع المتظاهرين.
ودعا الأمين العام لحزب رابطة عوامي الحاكم عبيد الله قادر نشطاء الحزب الى التجمع "في كل منطقة" في أنحاء البلاد لإظهار دعمهم للحكومة.
تحكم حسينة (76 عاما) بنغلادش منذ العام 2009 وفازت بولاية رابعة على التوالي في انتخابات كانون الثاني التي لم تشهد منافسة حقيقية.
وتتهم منظمات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ إمساكها بالسلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك عبر القتل خارج نطاق القضاء.
انطلقت التظاهرات مطلع تموز بسبب إعادة تطبيق نظام الحصص في منح الوظائف والذي قلصته المحكمة العليا منذ ذلك الحين.