النهار

"يديعوت أحرونوت": لحرب بكل القوة اللازمة حتى لا نواجه إيران النووية
المصدر: "النهار"
"يديعوت أحرونوت": لحرب بكل القوة اللازمة حتى لا نواجه إيران النووية
البحرية الأميركية.
A+   A-
في مقال أوردته صحيفة "يديعوت أحرونوت" للكاتب Shachar Citron، وهو باحث في منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، يقول إنه "يتعين على الغرب أن يدرك أن الحرب ضد إيران والمحور الشيعي يجب أن تُخاض الآن باستخدام كل القوة اللازمة، وليس في أيّ وقت في المستقبل، حتى لا نواجه إيران النووية في وقت لاحق".
 
وكتب في المقال: "يتعين على الغرب أن يعيد النظر في تفكيره. عليه البدء في تهديد إيران عسكرياً، وصولاً إلى اتخاذ تدابير فعالة في هذا السياق، إذا كان راغباً في تغيير مسار أسلوب عمل إيران، أي التقدم نحو امتلاك القدرة النووية ورعايتها للإرهاب في مختلف أنحاء العالم".
 
وأضاف: "منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، تغيرت إيران من صديقة لإسرائيل، تتعاون معها مجالات مختلفة ومتحالفة مع الولايات المتحدة، إلى إيران التي وضعت نصب أعينها تصدير ثورتها الإسلامية وفتح جبهة ضد الغرب. ومن الأمثلة على ذلك إنشاء الحرس الثوري، الذي يتولى مهمة تصدير الثورة إلى بلدان مختلفة وشعاره المعروف: "الولايات المتحدة هي الشيطان الأكبر وإسرائيل هي الشيطان الأصغر".
 
بالتزامن مع دعمها للإرهاب، بنت إيران أيضاً برنامجاً نووياً عسكرياً تحت شعار أنه برنامج نووي مدني، وهو قد بدأ خلال سنوات ما قبل الثورة. لكن هذا البرنامج النووي العسكري بقي معطلاً، لأنه كان يعتقد أنه يتعارض مع الإسلام، في عهد الخميني. وبعد وفاته في عام 1989، تم إحياء خطة البرنامج، على الرغم من مزاعم إيران بأنها لم تكن تعمل على تحقيق القدرة العسكرية النووية. وأصرت إيران على أن برنامجها يركّز بحتاً على إنتاج الطاقة.
 
ونتيجة لذلك، قررت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران. فُرِضَت العقوبات الأولى في تشرين الثاني 1979، في أعقاب أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية في طهران. ورفعت هذه العقوبات في كانون الثاني 1981 بعد إطلاق سراح الرهائن، ثم أُعيد فرضها في عام 1987 رداً على دعم إيران للإرهاب والخطوات التي اتخذتها ضد حركة الملاحة البحرية في الخليج العربي. ومنذ ذلك الحين، استمرت الولايات المتحدة في فرض عقوباتها على إيران في ظل إدارات متعاقبة وبموجب العديد من القوانين والمراسيم الرئاسية.
 
إلى جانب العقوبات التي فرضتها واشنطن، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عدة قرارات تدعو إيران إلى تعليق أنشطتها النووية، أبرزها القرار 1696. وفرض مجلس الأمن عقوبات على إيران محاولاً تقييد أنشطتها النووية.
لكنه في عام 2015، وقعت القوى العظمى العالمية اتفاقاً مع الجمهورية الإسلامية، تعهّدت فيه إيران بإبطاء أنشطتها النووية مقابل رفع معظم العقوبات التي فرضت عليها من قبل أميركا والأمم المتحدة.
 
في أيار 2018، وبعد وصوله إلى الرئاسة، انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، وهو كان معروفاً بانتقاده له، وأعاد فرض العقوبات الأميركية على إيران، لا بل وسّع نظام العقوبات ضد الدولة الإيرانية ومختلف المؤسسات والشركات والأفراد الإيرانيين. وأغرق نظام العقوبات هذا إيران في أزمة اقتصادية عميقة. ومع تولّي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة، تمّ تخفيف تطبيق العقوبات الأميركية قليلاً (على الرغم من أن الإطار القانوني بقي من دون تغيير تقريباً).
 
بالإضافة إلى ذلك، واصلت القوى العالمية ضغوطها الدبلوماسية على إيران من خلال التصريحات الإعلامية بأن على طهران أن توقف برنامجها النووي وأنشطتها الإقليمية أيضاً. وترجمت هذه الضغوطات من خلال تمرير قرارات في المنظمات الدولية التي تدعو إيران إلى وقف أنشطتها النووية. على سبيل المثال، في أيلول 2003، أصدر مجلس مفوّضي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا يدعو إيران إلى وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم. وعلى مر السنين، تبنّت الوكالة قرارات أخرى مشابهة.
 
ما الذي يجري حالياً ضد أنشطة إيران؟
 
لقد سلطت حرب "السيوف الحديدية" الضوء على دعم إيران للمنظمات الإرهابية المختلفة في الشرق الأوسط (حماس، حزب الله، الحوثيون، الميليشيات الشيعية في العراق)، وعلى نيتها تدمير إسرائيل والقضاء على التهديد الذي تشكّله بالنسبة إليها. حاولت تحقيق هذا الهدف في الهجوم الإيراني في 13 نيسان 2024، حيث أطلقت إيران مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ المجنحة والصواريخ الباليستية باتجاه إسرائيل. وها هي اليوم، إيران وبرنامجها النووي، ويقترب موعد "العودة السريعة" (إمكانية إعادة فرض العقوبات على إيران، في حال تقرر أنها تنتهك دورها في الاتفاق). من هنا، لابد للغرب من أن يغير أساليبه من أجل وقف الأنشطة النووية الإيرانية.
 
حالياً، تتلخص التدابير الغربية ضد إيران بطريقين: العقوبات والضغوط الدبلوماسية. لكن في السنوات الأخيرة أثبتت هذه التدابير عدم كفايتها في ثني إيران عن الكفّ عن أنشطتها العدائية، إذ لم ينجح أي من هذه التدابير في تغيير مسارها، خاصّة في ظل عدم تعاون الصين وروسيا مع الغرب وحفاظهما على علاقات اقتصادية مع إيران. وبالنسبة إلى النظام الإيراني فإن المبدأ الأسمى هو ضمان بقائه. وتتحرك إيران وفقاً لمنطق استمرارية النظام على المدى الطويل. وتقاس كل تحركاتها وفقاً لهذا المعيار. ولهذا السبب، فإن أسلوب عمل الغرب لا بد أن يكون له هدف واحد، هو تقويض قدرة النظام الإيراني على الصمود على النحو الذي يرغمه على تغيير سلوكه، والانسحاب من برنامجه النووي، ووقف تمويل المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط، التي تزرع الفوضى والشر بلا تمييز. ويتعين على الغرب أن يقلب المعادلة رأساً على عقب، ويخلق علاقة عكسية، وليس علاقة مباشرة، بين البرنامج النووي وبقاء النظام.
 
إن الوسيلة الرئيسية لتقويض شعورها بالقدرة على الصمود هي التهديد العسكري الملموس، والذي من شأنه أن يوضح لإيران بشكل لا لبس فيه أنها إذا لم تغير من أساليبها فإنها تخاطر بهجمات عسكرية واسعة النطاق من جانب الغرب، الأمر الذي من شأنه أن يضعف مؤسسات الدولة ويضع مستقبل حكم آيات الله في خطر جسيم. ولا يعني هذا التهديد العسكري بالضرورة سحب الأسلحة الثقيلة منذ البداية. على سبيل المثال، قد يتخذ الغرب تدابير مثل إغلاق مضيق هرمز، الذي يتم من خلاله تصدير كل السلع الإيرانية تقريباً، خاصة النفط ومنتجاته الثانوية. ومن شأن مثل هذا الحصار أن يؤثر أيضاً على قدرة إيران على استيراد السلع. وغني عن القول إن مثل هذه التدابير قد تؤدي إلى حرب شاملة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ولكن الظروف الحالية في الشرق الأوسط تستدعي اتخاذ تدابير جذرية. ففي نهاية المطاف، إذا استمرت إيران بمسارها الحالي، فإن هذا قد يستفزّ إسرائيل والدول السُنّية المعتدلة ودول أخرى مثل المملكة العربية السعودية، ويجعلهم يذهبون إلى معركة أكثر تدميراً ضد قوى الإرهاب والشر في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وعلى رأسها إيران والمنظمات الإرهابية التي تدعمها. إن مثل هذه التدابير لا بدّ لها من أن تفرض بهدف واضح ومفهوم، وهو أن نوضح للحاكم الإيراني ونظامه أن المعادلة الحالية لم تعد صالحة للاستمرار. فلا يجوز لإيران أن تستمرّ بربط بقائها بتقدّمها في مجال برنامجها النووي ونشر الإرهاب الإسلامي في كل الاتجاهات. وسوف يضطر زعيمها إلى الاختيار بين قبول المعادلة الجديدة، التي تمنحه الحرية في العمل في داخل الحدود الإيرانية، أو استعداده للمجازفة بخوض معركة تنتهي بخلعه هو والنظام الشيعي بأكمله في إيران. ولكي يحدث هذا، لا بد وأن يدرك الغرب أن حروب اليوم لا بدّ لها من أن تشنّ الآن، وليس في أيّ وقت في المستقبل. ولا بد من التعامل بحزم مع إيران والمحور الشيعي، باستخدام كل القوة اللازمة. وفي غياب هذا فإن القوى الغربية سوف تواجه واقعاً مختلفاً في المستقبل، وهو إيران النووية".
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium