قدم الرئيس الإيراني الجديد الإصلاحي مسعود بزشكيان الأحد تشكيلته الوزارية المقترحة الى مجلس الشورى، والتي سمّى فيها على وجه الخصوص الديبلوماسي المخضرم عباس عراقجي المنفتح على الحوار مع الغرب لوزارة الخارجية، وامرأة لتولي وزارة الطرق.
وتلا رئيس المجلس محمد باقر قاليباف أسماء الوزراء التسعة عشر خلال جلسة برلمانية بثها التلفزيون الرسمي. وسيبدأ المجلس الإثنين درس أسماء الوزراء، على أن يقوم بالتصويت على كلّ منهم على حدة اعتباراً من السبت.
ويأتي طرح التشكيلة الحكومية في فترة من التوتر الإقليمي بعدما توعدت إيران وحلفاؤها بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) اسماعيل هنية في طهران بعملية اتهمت إسرائيل بتنفيذها، واغتيال القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر بضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وعراقجي الذي اقترحه بزشكيان للخارجية ديبلوماسي مخضرم كان نائباً للوزير السابق محمد جواد ظريف، وتولى في الفترة الأخيرة أمانة المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، وهو هيئة استشارية مرتبطة بالقيادة الإيرانية، تضم عدداً من كبار الديبلوماسيين السابقين.
وعرف عراقجي بانفتاحه على الغرب، ودوره المحوري في المباحثات التي أدت الى إبرام الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني عام 2015.
وباتت مفاعيل الاتفاق الذي أتاح تقييد أنشطة طهران النووية مقابل رفع عقوبات اقتصادية عنها، في حكم اللاغية بعد انسحاب الولايات المتحدة أحادياً منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وأعادت فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية.
وردت الأخيرة بالتراجع تدريجاً عن عدد من التزاماتها الأساسية بموجبه.
الى ذلك، سمّى بزشكيان فرزانه صادقي المجازة في التخطيط الحضري وسبق أن تولت مهاماً في وزارة الإسكان، لتولي وزارة الطرق والتنمية الحضرية.
وفي حال صادق مجلس الشورى على اسمها، ستصبح ثاني امرأة تشغل منصباً وزارياً منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979.
واختار بزشكيان لوزارة الداخلية اسكندر مؤمني، وهو ضابط سابق في الحرس الثوري وقائد سابق للشرطة، ولوزارة الدفاع عزيز نصير زاده، القائد السابق للقوة الجوية في الجيش ومساعد رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة منذ العام 2021.
ولا يتمتع رئيس الجمهورية في إيران بصلاحيات مطلقة، لكنه يرئس المجلس الأعلى للأمن القومي، والسلطة التنفيذية (لا منصب لرئيس الوزراء في البلاد)، وهي إحدى السلطات الثلاث الى جانب التشريعية والقضائية. ويؤدي دوراً أساسياً في توجيه الحكومة وسياساتها الخارجية والداخلية.
الا أن رأس الدولة وصاحب الكلمة الفصل في سياساتها العليا هو المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.
وانتخب بزشكيان في تموز، بفوزه في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية على المحافظ المتشدد سعيد جليلي. وأجريت الانتخابات بشكل مبكر بعد مصرع المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في تحطم مروحية في أيار.
وأبقى بزشكيان في تشكيلته وزارة الاستخبارات في عهدة اسماعيل خطيب الذي كان يتولاها في حكومة رئيسي، وطرح اسم الحاكم السابق للمصرف المركزي عبد الناصر همتي لوزارة الاقتصاد والمال.
وتعهد بزشكيان خلال حملته الانتخابية السعي لإحياء الاتفاق النووي. وأبدى في رسالة نشرتها صحيفة محلية صادرة بالانكليزية في تموز، استعداده للدخول في "حوار بنّاء" مع الدول الأوروبية على الرغم من "تراجعها عن التزاماتها"، لتخفيف تأثير العقوبات.
ورسم الخطوط العريضة لسياسته الخارجية، مشدداً على "ضرورة أن تعترف واشنطن بالواقع، وأن تفهم، مرةً واحدةً وإلى الأبد، أنّ إيران لا ولن ترضخ للضغوط".