في سياق التصعيد الحاصل في المنطقة، وانتظار الردّ الإيرانيّ على اغتيال القياديّ اسماعيل هنيّة في طهران، يرى بعض المحلّلين أنّ إسرائيل، وعكس التوقّع العامّ، تُريد ردّاً إيرانيّاً "قاسياً" يستدرج الطرفَين إلى حرب واسعة، وذلك لأسباب سياسيّة مرتبطة برئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو ومستقبله السياسيّ، خصوصاً وأنّه يشعر بفائض قوّة نتيجة الدعم الغربيّ العسكريّ له، وعلى رأسه الدعم الأميركيّ.
في هذا السياق، نشرت صحيفة
"الغارديان" البريطانيّة مقالَ رأي بعنوان "
إيران ستقع في فخّ نتنياهو إذا ضربت إسرائيل بقوّة – لكنّها لا تزال قادرة على تجنّب الكارثة" لكاتبه اسفنديار باتمانغيليتش، تحدّث فيه عن "الفخّ" الذي تنصبه إسرائيل لإيران في حال ردّت الأخيرة بقوّة.
وبرأي الكاتب، "فإنّ المنطقة تقف على شفا حرب كبرى، في الوقت الذي تدرس فيه إيران ردّها على استفزاز إسرائيليّ كبير، وفي نظر المحلّلين الإيرانيّين، فإنّ مثل هذه الاستفزازات هي "فخاخ" نصبها نتنياهو، الذي يريد جرّ إيران إلى حرب أوسع نطاقاً، وخاصّة مع تصاعد الضغوط من أجل وقف إطلاق النار في غزّة، ومن غير المرجّح أن يظلّ نتنياهو، الذي أصبح أقلّ شعبية على نحو متزايد، رئيساً للوزراء في أعقاب وقف إطلاق النار. فلسنوات، بالغ نتنياهو في تضخيم التهديد الذي تشكّله إيران، وخاصّة برنامجها النوويّ، لتغذية صعوده السياسيّ. والآن يسعى إلى شنّ حرب مع إيران لتجنّب سقوطه الشخصيّ".
"تجنبت إيران هذا الفخّ مرّة من قبل"، يُذكّر الكاتب الذي يعود إلى تاريخ الأوّل من نيسان، "حينما أسفرت غارة جوية إسرائيليّة على القنصلية الإيرانية في دمشق عن مقتل العديد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين. وكان ردّ إيران الذي وقع في الثالث عشر من نيسان، غير مسبوق. فقد أُطلِق وابل من الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية من الأراضي الإيرانية في اتّجاه إسرائيل. وساعد الجيش الأميركيّ في تنسيق دفاعات إسرائيل، وهو ما ساعد، إلى جانب الطبيعة المعلنة للهجوم الإيرانيّ، في الحدّ من أضراره".
ولم تنجح الاستجابة الإيرانية "المدروسة" في استعادة الردع، برأي المقال، لأنّ "نتنياهو ظلّ جريئاً بما يكفي لاستهداف هنيّة في طهران بعد بضعة أشهر فقط. ولكنّها كشفت عن حدود الضمان الأمنيّ الأميركيّ "الصارم" (لعدم جرّ المنطقة إلى حرب واسعة)، وكانت الولايات المتّحدة غير راغبة في دعم الهجوم الإسرائيليّ المضادّ، فوعد الرئيس الأميركيّ جو بايدن "بردّ ديبلوماسيّ" على إيران، وعندما ردّت إسرائيل في التاسع عشر من نيسان، فعلت ذلك من جانب واحد، مستهدفة منشأة عسكريّة واحدة. وبذلك تمّ تجنّب حرب أوسع نطاقاً.