رولا عبدالله
نسرينا بارغزي واحدة من أربع موظّفات معروفات بوفائهن لمرشحة الحزب الديموقراطي في الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة كامالا هاريس. حكايتها مثل أحوال كثيرات من بنات آسيا اللواتي يجمعهن قضايا الجندر وحقوق المرأة وثقافة المجتمع واللون والتهميش والتمييز القانوني.
كانت مايا شقيقة كامالا رفيقة درب نسرينا في النضال النسوي، وهما الوافدتان من خارج المجتمع الأميركي وعاداته وتقاليده. الأولى هنديّة أكثر من كونها أميركيّة ونسرينا الآتية من قلب قندهار العاصمة الأفغانية التي لا تلبث أن تحرر بناتها من سطوة المجتمع حتى تعود منصاعة إلى حركات متشددة آخرها طالبان حيث النساء محكومات بالبرقع الأزرق. فكان أن اختارتا ميدان المحاماة للدفاع عن الشعوب المضطهدة، ومعاً تسلمتا قضايا إنسانية في أفغانستان والعراق وفلسطين لتكون المواجهة الكبرى مع جاليات يهودية تعاير نسرينا بأنها من غير المستبعد أن تكون ابنة أحد الجهاديين ويدعى عبدالقادر بارغزي. فما حكاية نسرينا "اليتيمة" التي فازت بطلب لجوء إلى أميركا لتسطر حكايات نجاح أوصلتها لتكون المسؤولة عن التواصل مع الأميركيين المسلمين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة؟
ولدت نسرينا في قندهار مطلع الثمانينيات لعائلة ثريّة اختبرت ويلات الحرب السوفياتية الأفغانية.
في سنواتها الأولى اختفى والدها، ووفق والدتها: "أخذه السوفيات أسيراً"، أما الجالية اليهوديّة فإنها تنبش في تاريخ نسرينا لتبدّل في رواية: "لقد كان جهاديّاً ودّع أسرته ذات يوم وقال إنه ذاهب للجهاد".
وبغياب الأب ومصادرة أملاك الأسرة انتقلت عائلة نسرينا إلى باكستان حيث عاشت في مخيّمات اللجوء لثلاث سنوات قبل الفوز عام 1985 ببطاقة تخوّلها الانتقال إلى إيست باي في كاليفورنيا ضمن برنامج قبول اللاجئين.
انتقلت وأخواتها الست إلى نمط عيش مختلف في أميركا مع الحرص خلال الجلسات العائليّة على التكلّم بلغة "البشتو" التي تعشقها. ومن هناك تميّزت في دراستها لتحصل على الدكتوراه في القانون من جامعة ولاية بنسلفانيا. في مقابلة مع مجلة "غلامور"، ذكرت أن "السياسة الفاشلة في بلدها كانت باهظة الثمن".
تميّزت نسرينا في مهنة المحاماة حيث عملت في محكمة الاستئناف الأميركيّة للدائرة التاسعة وفي مشروع الأمن القومي للاتحاد الأميركي للحريّات المدنية. وعلى الرغم من اندماجها في المجتمع الأميركي، فإنّها لم تساير في ما يتعلّق بحقوق المجتمعات الآسيويّة لتنظم حملة دعم عام 2008 لمعتقلي غوانتنامو في كوبا الذين تعرّضوا لأبشع ظروف الاعتقال، وكذلك قادت مشروعاً بشأن الضحايا المدنيين في أفغانستان والعراق إبان الغزو الأميركي، ومن حملاتها الأخيرة دعاوى فازت بها ضد جامعات أميركية تنمرت على الطلاب الفلسطينيين في الأشهر الأخيرة بتحريض من اللوبي اليهودي.
وعلى الرغم من نشأتها في أميركا، حافظت نسرينا على علاقات وثيقة مع وطنها، حيث عملت رئيسة لجمعية المحامين الأفغان الأميركيين، جنبًا إلى جنب مع مجموعات أفغانية أخرى، وتبرّعت بالمال لبلدها وكتبت عن حبها للغة "البشتو".
بحلول عام 2019، وُصفت بأنها تمثل "سبعة عشر منظمة حقوق إنسان أفغانية مختلفة". وبتعرفها إلى كامالا، شقيقة مايا صارحتها ذات يوم: "يجب قول الحق في أن لأميركا الدور الأكبر في تصاعد أعداد اللاجئين في العالم". ابتسمت كامالا لتدخلا معاً في جدال في السياسة انتهى بإعجاب الأولى بنسرينا التي "ظلت تميّز بين الخطأ والصواب ولم تعمِها أضواء القارة الأميركيّة عن المطالبة بحقوق المدنيين حول العالم. ومن حينها باتت اللاجئة الأفغانية نائبة لكامالا التي حين تريد الحقيقة من دون مسايرة تسأل نسرينا".
وبالتزامن مع اختيار كامالا لنسرينا بغرض بناء جسور للحزب مع الجالية المسلمة في أميركا، فإنّ المرشحة الجمهورية اختارت في المقابل الناشط إيلان غولدنبرغ مسؤول اتصال مع الجالية اليهودية الأميركية. ويعرف عن غولدنبرغ بأنه ناشط حقوقي لطالما انتقد إسرائيل في محاولات قضمها لحقوق الفلسطينيين ولاسيما في المؤسسات وميادين العمل.
فهل تكون اللاجئة الأفغانية الوافدة من بلد آسيوي اختبر شتى أصناف انتهاك حقوق الإنسان بمثابة الجسر الذي يأخذ السياسة الأميركية لمزيد من إعادة النظر في قضايا الشرق الأوسط الراكدة على فوهة بركان.