النهار

والدتان في قطاع غزة فرقتهما الحرب عن طفلاتهن
المصدر: "أ ف ب"
تخشى حنان بيّوك (26 عاماً) أن تموت قبل أن تحضن بناتها الثلاث التوائم اللواتي أنجبتهن قبل سنة في القدس واضطرت لتركهن بعد أقلّ من ساعة على ولادتهن وعادت إلى قطاع غزة حيث علقت بسبب الحرب.
والدتان في قطاع غزة فرقتهما الحرب عن طفلاتهن
فلسطينيون يتجمعون لتفقد مبنى بعد فترة وجيزة من قصف إسرائيلي له في مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة في 22 آب، 2024 - أ ف ب.
A+   A-
تخشى حنان بيّوك (26 عاماً) أن تموت قبل أن تحضن بناتها الثلاث التوائم اللواتي أنجبتهن قبل سنة في القدس واضطرت لتركهن بعد أقلّ من ساعة على ولادتهن وعادت إلى قطاع غزة حيث علقت بسبب الحرب.

ولدت نجوى ونور ونجمة في 24 آب 2023 في مستشفى المقاصد في القدس الشرقية المحتلة بعد محاولات تلقيح اصطناعي معقّدة لتحمل بهن حنان التي اضطرت بعد ذلك لتركهن في حاضنات الخدج في المستشفى وتعود الى قطاع غزة بسبب انتهاء مدة الإذن الإسرائيلي الخاص الذي سمح لها بدخول القدس.

وقالت حنان لوكالة فرانس برس في اتصال عبر الفيديو قبل أيام، "أريد ان أحضن بناتي. سيصبح عمرهن عاماً، أريد أن أضمّهن إلى صدري قبل أن أموت في القصف".

وتعيش بيّوك حالياً في مواصي خان يونس في جنوب قطاع غزة. ويتعرّض القطاع المحاصر منذ السابع من تشرين الأول، تاريخ الهجوم غير المسبوق لحركة حماس على جنوب إسرائيل الذي أدّى إلى مقتل 1199 شخصاً، وردّت عليه الدولة العبرية بقصف مدمّر تسبّب بمقتل أكثر من أربعين ألف شخص وبنزوح غالبية سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون مرة واحدة على الأقلّ.

وقالت بيّوك بصوت تخنقه الغصّة "أكاد أجن، أشعر بأنني سأنهار، أنا أتخبّط، والله يعلم بحالي".

وروت قصة حملها "صبرنا كثيراً حتى حملت، وتعبت كثيراً حتى أصبحت أمّاً"، مضيفة أنها تزوّجت قبل سبع سنوات، ولم تتمكّن من الإنجاب. بعد خمس سنوات، بدأت محاولات التلقيح وحملت بعد فترة بالتوائم، لكن وضعها ساء جداً، واضطر الأطباء في قطاع غزة لإرسالها بشكل طارىء إلى مستشفى المقاصد في مدينة القدس.

وتمنح إسرائيل عدداً محدوداً من الأذونات الخاصة لفلسطينيين من قطاع غزة لدخول القدس، لأسباب صحية.

وتابعت بيّوك: "مجموع ما قضيته في مستشفى المقاصد وفي القدس 30 ساعة فقط بينها ساعات العملية والإنجاب. رأيت بناتي للحظات مرة، وكنت متعبة جداً، ثم مرة أخرى لنصف ساعة وهن في حاضنات الخدج".

وأوضحت أنها كانت مضطرة لمغادرة المستشفى "لأن تصريحي الإسرائيلي انتهت مدته، وكان على البنات البقاء في العناية المكثّفة لحاضنات الخدج حتى يكتمل نموهن".

- الهجوم -
في الخامس من تشرين الأول، تقدّمت حنان البيّوك بطلب الحصول على تصريح إسرائيلي جديد لتأتي إلى القدس وتصطحب طفلاتها بعد تحسّن حالتهن. في السابع من تشرين الأول، شنّت حماس هجومها غير المسبوق، ثم اندلعت الحرب، وبات الخروج من قطاع غزة عملية شبه مستحيلة.

وقالت بيّوك "أبكي كثيراً. راودتني نفسي مرة وطلبت أن ترسل إليّ بناتي الى غزة، لكنني عدتُ وعدلتُ عن ذلك وفضّلت لهن السلامة بعيداً عن الحرب في القطاع".

وتعيش بيّوك اليوم مع زوجها فتحي بيّوك (27 عاماً) وسبعة أفراد آخرين من عائلته في مواصي خان يونس في خيمة واحدة من النايلون، بعدما نزحت مرّات عدّة.

من القدس، ترسل ممرضات وطبيبة بيّوك بين وقت وآخر صوراً وأشرطة فيديو للطفلات الثلاث إلى الوالدة.

في المستشفى، قال الطبيب حاتم خماش لوكالة فرانس برس معلّقاً على قصة حنان بيّوك وطفلاتها الثلاث، "الوضع صعب جداً على الأم وعلى الطفلات".

وأوضح أنه عادة "لا يكون هناك مكان لإبقاء الأطفال هذه الفترة الطويلة في المستشفى بعد انتهاء علاجهم وفترة وجودهم في الحاضنات"، لكن "قبل الحرب، كانت ربع حالات الخدج تأتي من قطاع غزة. كما تراجع عدد المرضى من الضفة الغربية بسبب صعوبة التنقل، لذلك أبقيناهن عندنا".

وتشبه قصة هبة إدريس قصة حنان بيّوك.

وقال الدكتور خماش الذي يرأس قسم الأطفال الخدّج في مستشفى المقاصد، إن هبة إدريس ولدت طفلتها سائدة في 28 تموز 2023. "كانت صغيرة جداً ولديها تعقيدات وكان من غير الممكن أن تصطحبها والدتها معها".

وأشار إلى أنّ وضع سائدة التي أصبح عمرها اليوم 27 أسبوعاً، "جيد جيداً".

من مواصي خان يونس، قالت هبة إدريس (37 عاماً) عبر الفيديو، وهي تبكي، "سائدة هي أول العنقود لي ولزوجي... أريد رؤيتها، أريد أن أجتمع بها. الله أعلم بمدى الألم الذي أكابده منذ أن وضعتها".

وبكى صالح إدريس، والد سائدة الذي لم ير ابنته لأنه لم يحصل على تصريح ليرافق زوجته الى القدس لدى إنجابها. وقال "أشتاق اليها كثيراً". ويخشى الزوجان "أن يموتا" دون رؤية ابنتهما، "أو ألا تعرفنا في المستقبل".

ونزح الزوجان من بيتهما في حي الشجاعية في مدينة غزة في شمال القطاع من دون أن يحملا معهما شيئاً. وقالا لفرانس برس: "لا بيت لنا. جرفته إسرائيل في بداية الحرب، ونزحنا تسع مرات"، وهما يعيشان الآن في خيمة مع باقي أفراد عائلة الزوج.

بالإضافة الى قسوة الفراق عن بناتها، تحدّثت حنان بيّوك عن الجوع والطعام غير الصحي والعطش والمياه الملوّثة في قطاع غزة. وأضافت: "الظروف هنا صعبة، صعبة جدا. أُصبنا بأمراض جلدية ولا تتوافر الأدوية"، مشيرة الى أنها بحاجة أيضا "لعلاج خلل في الغدة الدرقية، والعلاج غير متوافر في القطاع".

لكن كلّ ما تتمناه هو "أن تتمكّن المؤسسات الدولية والصليب الأحمر من التوسّط لدى إسرائيل للسماح لي بالبقاء مع بناتي في القدس".




الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium