مع بدء العام الدارسي الجديد في بولندا الأسبوع المقبل، سيجد التلاميذ مجموعة جديدة من الرفاق هم أطفال أوكرانيون يعيشون في البلاد، ولكن لم يسبق أن التحقوا بالنظام التعليمي البولندي.
ويفرض قانون جديد إلزامية التعليم على أطفال العائلات اللاجئة لكن لا أحد يعرف بالضبط عدد الذين سيلتحقون فيما تشير التقديرات إلى أنه يتراوح ما بين 20 ألفا و80 ألفا.
وقالت مارينا رود، والدة ناديا البالغة 12 عاما والتي غادرت أوكرانيا مع بداية الغزو الروسي عام 2022 "ما زلنا نعيش في حالة من عدم اليقين".
سجّلت رود ابنتها في مدرسة بولندية، لكنها قالت إن الفتاة عانت التنمر من رفاقها على مدى أشهر، حتى أخرجتها من المؤسسة في نهاية المطاف.
وأوضحت "كانوا يضحكون على نطقها غير الصحيح. كانت تقول لي +أقول كلمة، يضحكون، أقول كلمة، يضحكون+".
العام الماضي، تابعت ناديا دروسها عبر الإنترنت في مدرسة أوكرانية، وهو الحل الذي تلجأ إليه العديد من العائلات اللاجئة.
- عدد التلاميذ "غير معروف" -
وقال ييدرزيه فيتكوفسكي، رئيس منظمة "مركز التربية على المواطنة" غير الحكومية، إن العدد الدقيق للأطفال غير المدرجين في نظام التعليم البولندي "غير معروف".
وفي الأسابيع التي تلت الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط 2022، فتحت بولندا حدودها لإيواء اللاجئين فيما منحهم الاتحاد الأوروبي الحق في التحرك بحرية ضمن الكتلة.
وأضاف فيتكوفسكي "لا نستطيع أن نحدد بالضبط عدد التلاميذ، أو حتى على نطاق أوسع، عدد الأوكرانيين الذين لجأوا إلى بولندا ولا عدد الذين ما زالوا في بلادنا".
وارتاد حوالى 134 ألف طفل أوكراني المدارس البولندية قبل العطلة الصيفية.
وتقدّر المنظمة أن ما بين 20 ألف طفل و80 ألفا كانوا حتى الآن خارج نظام التعليم البولندي.
وقال فيتكوفسكي إنه في "أفضل الأحوال"، كان الأطفال يتابعون الدروس عن بعد.
وهذه كانت الحال بالنسبة إلى إيفان البالغ 12 عاما والذي انتقل من أوكرانيا إلى بولندا مع والدته ناتاليا خوتسينوفسكا مباشرة بعد الغزو الروسي.
تعلّم إيفان اللغة البولندية في الصيف، لكن والدته قرّرت إرساله إلى مدرسة أوكرانية خاصة، وهو حلّ سمّته "فترة انتقالية سلسة".
وقالت ناتاليا لوكالة فرانس برس "ليس لدينا أصدقاء هنا، ليس لدينا أحد لنتواصل معه".
- تنمر -
شارك ابنها في دورات لتعلّم اللغة والاندماج يديرها نادي المثقفين الكاثوليك (KIK) في وارسو.
وصمّم هذا المشروع الذي يسمى "ترامبولين" لمساعدة الأطفال الأوكرانيين وأهاليهم في تجاوز المرحلة الانتقالية.
وقالت أوليسيا كوليسنيك، وهي واحدة من المسؤولين عن المشروع، إن هذه الدورات تظهر "طريقة الرد على التنمر وتعلّم الآباء كيف يتصرّفون".
وأوضحت لوكالة فرانس برس أن "99% منهم (الآباء) يواجهون مشكلة التنمر"، مكرّرة تحذيرات الخبراء من أنها إحدى مشكلتين رئيسيتين يعانيهما الأطفال الأوكرانيون، إلى جانب حاجز اللغة.
وبهدف مساعدتهم، بدأت منظمة Homo Faber غير الحكومية ومقرها في مدينة لوبلين، تقديم دورات لغة للأوكرانيين الذين بدأوا التعلم في المدارس البولندية.
وقالت المدرّسة بولينا سكرزيبيك إن هناك أوجه تشابه بين اللغتين البولندية والأوكرانية لكن ذلك لا يصب بالضرورة في صالح الأطفال اللاجئين، إذ هناك الكثير من الكلمات التي يعتقدون أنها تعني الشيء نفسه باللغة البولندية كما في الأوكرانية، لكن الحال لا تكون كذلك".
- نشاطات اندماج -
واعتبرت دانوتا كوزاكيفيتش، وهي مديرة مدرسة ابتدائية في وارسو، أن اللغة تؤدي دورا حاسما في انسجام الأطفال الأوكرانيين مع رفاقهم البولنديين.
وتنظم كوزاكيفيتش أيضا العديد من نشاطات الاندماج منها بطولات في كرة القدم ورحلات مدرسية.
وقالت ضاحكة "أثناء مباراة كرة قدم، يصرخ أحد الأطفال بالبولندية وآخر بالأوكرانية، لكنهما يفهمان بطريقة ما ماذا يحدث ويلعبان للفريق نفسه".
لكن المشكلات تبقى موجودة، خصوصا عندما يختفي الأطفال الأوكرانيون فجأة حين يقرر آباؤهم العودة إلى أوكرانيا أو الانتقال إلى بلد آخر دون إخطار المدرسة.
وما زال العديد من تلاميذ المدارس الأوكرانية في بولندا يتوقون للعودة إلى ديارهم.
وقالت مارينا رود "يتفقدون وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم ويتابعون التطورات" في انتظار انتهاء الحرب والعودة إلى الديار.