رحّلت الحكومة الألمانية، فجر الجمعة، 28 أفغانيا مدانا بارتكاب جرائم، للمرة الأولى منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في آب 2021، في رسالة حازمة بشأن الهجرة.
وتأتي هذه الرسالة السياسية بعد أسبوع من هجوم طعنا أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص في مدينة زولينغن في غرب ألمانيا نفّذه سوري يبلغ 26 عاما وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنه. كما تأتي عملية الترحيل عشية نهاية الأسبوع التي تشهد انتخابات إقليمية حاسمة في مقاطعتي ساكسونيا وتورينغن في شرق البلاد.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر للصحافيين "كان ذلك ضروريا لتستمر الثقة بدولة القانون لدينا".
ونقلت مجلة "دير شبيغل" الألمانية عن مصادر أمنية أن طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية متجهة إلى كابول غادرت الجمعة قبل الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش مطار لايبزيغ في شرق ألمانيا.
وأضافت المجلة أن العملية كانت ثمرة شهرين من "المفاوضات السرية" كانت فيها قطر وسيطا بين برلين وسلطات طالبان.
وأعلن المتحدث باسم الحكومة شتيفن هيبيشترايت أن "هؤلاء مواطنون أفغان، وجميعهم مدانون بارتكاب جرائم ولا يحق لهم البقاء في ألمانيا وقد صدرت بحقهم أوامر ترحيل".
وأكدت سلطات محلية مختلفة أن العديد منهم ارتكبوا جرائم جنسية، وشارك أحدهم في اغتصاب جماعي لقاصر تبلغ 14 عامًا في منطقة أولم (جنوب غرب). ودين آخرون بمحاولات قتل واعتداء وضرب وسرقة بواسطة أسلحة.
واوضحت وزيرة الداخلية أنه لم يحصل "أي اتصال مباشر" مع حكومة طالبان (التي لا تعترف بها برلين). وتداركت "لكننا تمكنا من تنفيذ (الترحيل) مع شركائنا"، من دون أن تحدد ما إذا كانت تشير تحديدا الى قطر.
- "الحق في الاختيار" -
وقال هيبيشترايت "أرسلنا إشارة أيضًا إلى المجرمين المحتملين أو الأشخاص الذين يخططون لارتكاب جرائم، هنا في هذا البلد".
وبعد عودة طالبان إلى السلطة في كابول عام 2021، أوقفت ألمانيا عمليات الترحيل إلى أفغانستان وأغلقت سفارتها في العاصمة الأفغانية.
وتأتي عملية الترحيل الجمعة فيما تواجه الحكومة الألمانية دعوات متزايدة إلى الحد من الهجرة غير الشرعية واتخاذ إجراءات أكثر صرامة بحق طالبي اللجوء الخطرين والمدانين، عقب سلسلة من الجرائم ارتكبها مهاجرون مشتبه بهم.
وأحيت عملية الطعن التي وقعت في مدينة زولينغن بغرب البلاد الجدل حول الهجرة والأمن، وذلك قبيل الانتخابات الإقليمية التي ستجرى الأحد في شرق البلاد ما عرّض الائتلاف الحكومي أي الحزب الديموقراطي الاشتراكي بزعامة المستشار أولاف شولتس، وحزب الخضر والحزب الديموقراطي الحر (ليبيراليون) للضغط ودفعه إلى التحرّك.
وتعد هذه الانتخابات دقيقة لشولتس إذ قد يفوز فيها اليمين المتطرف الذي يثير قضايا الهجرة وانعدام الأمن.
وأعلنت فيزر الخميس مجموعة من الإجراءات بهدف تعزيز مراقبة الهجرة وتقييد استخدام السلاح الأبيض.
وقال شولتس في مقابلة نشرتها مجلة دير شبيغل الجمعة "من الواضح أن الشخص الذي يرتكب جريمة خطيرة لا يمكن أن يستفيد من الحماية نفسها التي يتمتع بها شخص يتصرف بشكل صحيح". وأضاف "لدينا الحق في اختيار من يمكنه أن يأتي إلينا ومن لا يستطيع".
- "خطر التعذيب" -
أعلن الائتلاف الحكومي قبل الصيف أنه يدرس إمكان استئناف عمليات ترحيل مرتكبي الجنح إلى سوريا، علما أنها مغلقة منذ 2012 بسبب الحرب في هذا البلد.
وتثير هذه المشاريع تحفظ العديد من المنظمات الحقوقية.
وقالت جوليا دوتشرو، رئيسة فرع منظمة العفو الدولية في ألمانيا الجمعة "ينبغي عدم ترحيل أي شخص إلى بلد يتعرض فيه لخطر التعذيب".
ورأت أن برلين يمكن أن تصبح بذلك "متواطئة مع طالبان".
وشدّد الرئيس المشارك لحزب الخضر أوميد نوريبور على أن "من يلتزمون القانون، وخصوصا العائلات والأطفال الذين فروا من الإسلاميين المتطرفين"، سيستمرون في الاستفادة من الحماية في ألمانيا.
وصل منفذ هجوم زولينغن إلى ألمانيا في كانون الأول 2022، وصدر بحقه أمر بالإبعاد إلى بلغاريا، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي والتي تم تسجيل وصوله فيها وحيث كان ينبغي عليه تقديم طلب لجوء، لكنه توارى عندما أرادت السلطات الألمانية ترحيله.
وفي أيار، نفذ أفغاني يبلغ 25 عاماً هجوماً بسكين في مانهايم (غرب) أسفر عن مقتل شرطي وإصابة خمسة أشخاص آخرين.