يتوقع أن يكون لزهرا فاغنكنخت، السياسية اليسارية المتشددة الداعية الى إحلال السلام مع روسيا، دور محوري في الانتخابات المحلية التي تجرى في اثنتين من مقاطعات شرق ألمانيا الأحد.
ولدت فاغنكنخت (55 عاما) لأب إيراني وأم ألمانية في ألمانيا الشرقية خلال حقبة الحرب الباردة. انفصلت العام الماضي عن حزب دي لينكه اليساري المتشدد، وأسست حزبها الخاص الذي يحمل اسم "تحالف زهرا فاغنكنخت"، ويعرف اختصارا بـ"بي أس في" (BSW).
أثارت فاغنكنخت ضجة في الأوساط السياسية الألمانية بدعوتها صراحة الى الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإنهاء دعم برلين لكييف في مواجهة غزو موسكو، والمطالبة بالتشدد في التعامل مع المهاجرين.
وعلى رغم الجدل الذي تثيره هذه المواقف، حصد حزبها 6,2 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الأوروبية في حزيران، ويتوقع أن ينال ما بين 15 و20 بالمئة في الانتخابات المحلية في مقاطعتي ساكسونيا وتورينغن الأحد.
وخلال تجمع انتخابي في مسقطها يينا، تحدثت فاغنكنخت عن نشأتها في أوروبا الشرقية "والخوف من أن القنابل النووية ستسقط هنا في أوروبا".
وأضافت "هذا الخوف عاد الآن".
يدعو حزب فاغنكنخت الى وقف الدعم العسكري لأوكرانيا، ويرفض الخطط للسماح للولايات المتحدة بأن تنشر في ألمانيا، صواريخ بعيدة المدى.
ودعت السياسية اليسارية الى أن تكون قوانين الهجرة أكثر تشددا، وذلك بعد أيام من عملية طعن في مدينة زولينغن أدت الى وفاة ثلاثة أشخاص، تبناها تنظيم الدولة الإسلامية، وأكدت السلطات أن شابا سوريا اعترف بتنفيذها.
لم تخف فاغنكنخت رغبتها في "قلب" سياسة الحكومة بشأن الهجرة لأنه "لا يمكننا الترحيب بالعالم أجمع في ألمانيا".
- "لن نخضع للترهيب" -
وبحسب استطلاعات الرأي، يتقدم حزب "البديل من أجل ألمانيا" في تورينغن مع نحو 30 بالمئة من الأصوات، بينما ستكون المنافسة متقاربة مع الاتحاد الديموقراطي المسيحي في ساكسونيا.
كذلك يتقدم حزب البديل في مقاطعة براندربرغ (شرق) التي من المقرر أن تجرى انتخاباتها في أيلول.
الا أنه من غير المرجح أن يتمكن "البديل من أجل ألمانيا" من ان يحكم في أي من هذه المقاطعات حتى في حال فوزه بالغالبية، اذ أن الأحزاب الأخرى استبعدت التعاون معه لتشكيل غالبية.
وسيتطلب ذلك من الأحزاب الأخرى التعاون لتشكيل تحالفات، ما قد يجعل من حزب فاغنكنخت "صانعا للملوك" على الساحة السياسية في المقاطعتين.
وخلال مهرجان انتخابي مساء الخميس في إيرفورت عاصمة تورينغن، ألقى شخص طلاء أحمر على فاغنكنخت التي علّقت بالقول عبر منصة إكس "لن نخضع للترهيب".
وأكدت السياسية الألمانية في حديث لوكالة فرانس برس أن الانتخابات ستكون "بالغة الأهمية" بالنسبة لحزبها.
وقالت "اذا دخلنا الى كل من هذه البرلمانات الإقليمية" مع نسبة أصوات تفوق عشرة بالمئة كحد أدنى "لن تعود النظرة إلينا تقتصر على اعتبارنا ظاهرة إعلامية، بل (سنُعتبر) حزبا مصمما على تغيير سياسات بلادنا".
وقالت الاستاذة في جامعة دريسدن للتكنولوجيا ماريان كنوير إن "السؤال المثير للاهتمام" بشأن انتخابات المقاطعات هو "الى أي حد سيكون تحالف زهرا فاغنكنخت قويا" بنتيجتها.
أضافت "من الممكن أن التحالف سيصبح عاملا مهما في تشكيل ائتلاف في براندنبرغ، ثورينغن وساكسونيا"، متوقعة أن يتمكن الحزب الجديد من دخول البرلمان الألماني (البوندستاغ) للمرة الأولى السنة المقبلة.
- "صوت موسكو" -
لا تقتصر مواقف فاغنكنخت على السياسة الداخلية. فهي أقرت بأن "بوتين أطلق حربا مخالفة للقانون الدولي"، لكن "للغرب حصته من المسؤولية".
وأوضحت أنه "كان في إمكاننا تفادي هذا النزاع في ما لو أخذنا المخاوف الأمنية لروسيا على محمل الجد".
ورفضت فاغنكنخت الاتهامات بشأن قيام عدد من أعضاء حزبها بالترويج لمعلومات خاطئة مؤيدة لروسيا، معتبرة أنه "من المخزي اتهامنا بذلك".
وتابعت "نحن متهمون بأننا صوت موسكو أو نمثل المواقف الروسية لأننا نؤيد مفاوضات السلام، وهذا سخيف تماما".
وفي ملف الهجرة، لفتت فاغنكنخت الى سياسة التقييد الدنماركية كمثال يمكن لألمانيا اتباعه. وأوضحت "لقد خفّضوا أعدادهم بشكل جذري بعدما أوضحوا للعالم أجمع بأنه لا أمل بالبقاء (في البلاد) في حال رفض طلب اللجوء".
وفي حين يرى البعض بأن مواقف حزب فاغنكنخت بشأن أوكرانيا والهجرة تتماهى عامة مع "البديل من أجل ألمانيا"، استبعدت السياسية الألمانية أي تعاون مع اليمين المتطرف.
وقالت "للبديل من أجل ألمانيا جبهة يمينية بالغة التطرف، خصوصا في الشرق"، ولا يمكن لحزبها "المشاركة في ائتلاف مع أشخاص ايديولوجيتهم قومية عرقية".
تلقى مواقف فاغنكنخت صدى لدى أنصارها. وخلال التجمع في يينا، قالت مارغريت هوفمان (83 عاما) إن "الأهم بالنسبة إلي هو السلام".
أضافت الممرضة المتقاعدة "يجب أن يتم استثمار الأموال العامة الألمانية في أمور غير تسليم الأسلحة".