يختتم الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور ولايته بإصلاح للنظام القضائي أيدته الرئيسة المنتخبة كلاوديا شينباوم لكنه تسبب في توتر العلاقات مع الولايات المتحدة وأثار قلق المستثمرين.
وقبل شهر من تسليم السلطة في الأول من تشرين الأول، يستعرض الرئيس الذي أوصل اليسار إلى الحكم، الأحد سجل ولايته في تقليد سنوي يشمل كذلك الحكومة على اختلاف مستوياتها.
ويمثل ذلك آخر لقاء للرئيس الذي أكمل، وفقا للدستور، ولايته الوحيدة البالغة ست سنوات، مع الحشد في ساحة زوكالو. ويؤيد 73% من المكسيكيين سياسات الرئيس، بحسب استطلاع أجرته مؤخرا صحيفة "إل يونيفرسال".
وسيتطرق لوبيز أوبرادور الى إصلاح النظام القضائي، وهو إرث سيتركه للرئيسة التي تم انتخابها في الثاني من حزيران بنسبة تناهز 60% من الأصوات.
وتنتمي رئيسة بلدية مكسيكو السابقة كلاوديا شينباوم، على غرار مرشدها السياسي لوبيز أوبرادور، إلى حزب حركة التجديد الوطني اليساري (مورينا)، وهي أول امرأة تفوز بالانتخابات الرئاسية في البلاد.
ومن المقرّر أن يعرض هذا الاصلاح الذي ينصّ على انتخاب القضاة عن طريق التصويت الشعبي، على البرلمان الجديد الذي يبدأ عقده الأحد أيضا.
ويتمتّع مشروع الإصلاح بكل الفرص اللازمة لإقراره، إذ إنّ الحزب الحاكم (مورينا) يحظى وحلفاؤه بأغلبية الثلثين، وفقاً لآخر التقديرات الصادرة عن المعهد الانتخابي الوطني.
وتسمح هذه الأغلبية المؤهّلة لمورينا بتعديل الدستور دون استشارة المعارضة.
وفي مجلس الشيوخ، يحتاج الحزب ثلاثة أصوات ليحصل على أغلبية الثلثين المؤهّلة، وفقاً لنفس التقديرات التي نشرتها الصحافة المكسيكية.
بدأ الرئيس المنتهية ولايته هذا الإصلاح وتبنّته الرئيسة المنتخبة، معتبرين أن القضاء فاسد ويخدم النخبة.
وينص الإصلاح على انتخاب أعضاء المحكمة العليا الأحد عشر والقضاة من خلال "تصويت شعبي" اعتبارا من عام 2025، على أن تقترح السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية المرشحين.
وفي الوقت الحالي، يقوم الرئيس بتعيين "وزراء" المحكمة العليا بعد مصادقة مجلس الشيوخ. ويتم تكليف القضاة من قبل هيئة إدارية، هي مجلس القضاء الاتحادي.
وفي بلد يسجل حوالى 30 ألف جريمة قتل سنويا، يفتقر القضاء بشكل كبير إلى الكفاءة مما يسهم في الإفلات من العقاب، بحسب منظمة "صفر إفلات من العقاب" غير الحكومية.
وأشارت المنظمة إلى أنه "من أصل 100 جريمة، يتم تقديم شكوى بـ6,4 جريمة فقط، يتم الكشف عن ملابسات 14% منها، أي أن احتمال الكشف عن ملابسات الجريمة المرتكبة في بلادنا هو 0,9%".
وأثار مشروع الإصلاح القضائي أزمة إضافية في العلاقات بين المكسيك والولايات المتحدة، تضاف الى تلك التي تشهدها مجالات عدة مثل التجارة والأمن والهجرة وتهريب الأسلحة.
حذّرت الولايات المتحدة من أن المشروع يشكل "خطرا" على سير الديموقراطية في المكسيك و"تهديدا" لمعاهدة التجارة الحرة التي تربط البلدين وكندا، ويسهّل تأثير مهربي المخدرات على قضاة يفتقرون إلى الخبرة.
وقال السفير الأميركي لدى مكسيكو كين سالازار إن النقاش حول الانتخاب الشعبي المباشر للقضاة (...) يهدد العلاقة التجارية التاريخية التي بنيناها" والتي ترتكز على "ثقة المستثمرين بالإطار القانوني المكسيكي".
وفي 2023، أصبحت المكسيك أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، متقدمة بذلك على الصين.
وانتقد لويز أوبرادور "تدخل" السفير في شؤون المكسيك الداخلية، وقرر "وقف" علاقته "الجيدة" مع سالازار، ولكن ليس مع الإدارة الأميركية.
- قلق المستثمرين -
ويثير هذا الإصلاح قلق المستثمرين، مع تدهور الاقتصاد المكسيكي، اذ تمّ تعديل نسبة النمو هبوطا في 2024 من 2,4% إلى 1,5%، وتراجع سوق الأوراق المالية بنسبة 2,8% في آب، وانخفض سعر صرف البيزو مقابل الدولار.
وفي سوق صرف العملات الأجنبية، ناهزت العملة المكسيكية عتبة دولار واحد مقابل 20 بيزو بعدما قدمت أداء أفضل (بين 16,5 و18 بيزو) لعدة أشهر. ويعكس ذلك نتائج "الآثار الضارة" المباشرة لمقترح الحكومة، على ما قدر المصرف المحلي "إنفيكس" في تقرير.
أوصى بنك الاستثمار "مورغان ستانلي" عملاءه بتقليص تعاملهم مع الشركات المكسيكية المدرجة في البورصة.
وكعادته، قلل الرئيس المكسيكي من شأن هذه التعليقات، مؤكدا أنها نابعة من متواطئين مع منتقدي حكومته و"لا يمكننا أن نأخذها على محمل الجد".