تتواجه كامالا هاريس ودونالد ترامب، مساء الثلاثاء بتوقيت الولايات المتحدة (فجر الأربعاء بتوقيت بيروت)، في مناظرة تلفزيونية هي الأولى، وربما الأخيرة، بينهما قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، في محطة قد تكون فاصلة في السباق الى البيت الأبيض.
وتجتمع نائبة الرئيس الديموقراطية ومنافسها الرئيس السابق الجمهوري في موعد يترقبه عشرات الملايين من الأميركيين الذين لم يتسنَّ لهم بعد الاستماع إليهما في مواجهة مباشرة، في حدث يُعدّ من الأبرز في الطريق الى الخامس من تشرين الثاني.
ويمكن لأيّ طرفة أو زلة لسان أن ترجّح الكفة لصالح مرشح على حساب الآخر، في خضم سباق هو من الأشد تنافسا في التاريخ الحديث للسياسة الأميركية، وتقارب بينهما بحسب استطلاعات الرأي قبل أقل من شهرين على موعد الاقتراع.
وتُعَدّ هذه المناظرة فرصة بالنسبة الى هاريس (59 عاما) لكسب تأييد الناخبين الذين ما زالوا لا يعرفون الكثير بشأن سياساتها، مع بدء انكفاء الحماسة التي أثارها ترشّحها بدلاً من الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن.
ويتوقع أن تضغط هاريس على ترامب بشأن مسألة الحقوق الإنجابية بعدما أدلى الجمهوري بعدد من التعليقات المتناقضة أخيرا بشأن الإجهاض.
أما ترامب (78 عاماً) فمن المرجح أن يحاول حشر منافسته في مسائل جدلية مثل الاقتصاد والهجرة، لكن أيضا شنّ المزيد من الهجمات الشخصية بحقّها على خلفيات العرق والنوع الاجتماعي، استكمالاً لما يقوم به منذ بدء حملتها.
وسيكون هذا اللقاء المباشر الأول بين هاريس وترامب، وسيجمع بينهما مسرح المناظرة التي تديرها شبكة "إيه بي سي" في ولاية بنسيلفانيا، ما يفسح في المجال أمام نقاش حادّ بلا قفازات.
ومن المقرّر أن تستمر المناظرة 90 دقيقة وستُجرَى من دون جمهور.
وتوقَّع محلّلون وخبراء أن يخرج المرشّحان كلّ ما جعبتهما من أسلحة لهذه المواجهة الفاصلة.
وقال أندرو كونيشوسكي، السكرتير الصحافي السابق لزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: "قد يُسجَّل هذا النقاش في كتب التاريخ. لا تنسوا إحضار الفشار".
انحدار بلا قعر
ووصلت هاريس، وهي أول سيدة وسوداء وجنوب آسيوية تتولّى نيابة الرئاسة في الولايات المتحدة، إلى فيلادلفيا الإثنين، بعدما أمضت الأيام الخمسة الماضية في فندق تستعد مع فريقها للمناظرة.
وأشارت تقارير إلى أنّ أحد مساعديها ارتدى بدلة رسمية واسعة وربطة عنق طويلة في زيّ مشابه لما يرتديه ترامب عادة، لتعتاد هاريس على توجيه الكلام إليه وتدلي بأفضل ما لديها ضده.
في المقابل، أكد فريق ترامب أن الملياردير الجمهوري اعتمد نهجا أكثر استرخاء قبل المناظرة، واختار أن يحضر الى فيلادلفيا قبل ساعات فقط من الموعد، وأبقى تحضيراته محدودة.
وستفتقد المناظرة لأحد عناصر الإثارة والحِدّة التي كانت تطبع مثيلاتها في الأعوام الماضية، إذ أنّ ميكروفون المرشح سيُغلَق أثناء تحدث خصمه، في إجراء اعتمد بناء لطلب فريق ترامب.
رغم ذلك، ستبقى المناظرة موعداً محوريّاً في السباق الانتخابي، خصوصا أنها ستجمع مرشّحَين على طرفَي نقيض.
ففي إحدى الزوايا، ستقف مدّعية عامة سابقة عرفت بتوجيه ملاحظات قاسية للخصوم خلال المناظرات، بمن فيهم بايدن نفسه (خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي قبل اقتراع 2020)، ونائب ترامب السابق مايك بنس.
وقالت هاريس بشأن ترامب في مقابلة إذاعية بثت الإثنين: "لا قعر للانحدار الذي يمكن أن يبلغه... سيُدلي على الأرجح بالعديد من الأكاذيب".
الملاكم أما في الزاوية الأخرى، فسيقف أحد أشرس السياسيين الأميركيين، ورئيس سابق مدان بتزوير بيانات محاسبية لإخفاء دفع أموال لنجمة أفلام إباحية سابقة بغرض التستر على علاقة جنسية مفترضة بينهما، ومتهم بمحاولة قلب نتائج انتخابات 2020 لصالحه.
وقال المتحدث باسمه جايسون ميلر: "لا يمكن التحضير (لمواجهة) الرئيس ترامب... تخيّل أن ملاكما يحاول التحضير لفلويد مايويذر أو محمد علي"، الاسمان الأسطوريان في عالم الملاكمة. وسيكون أمام هاريس الكثير لإثباته في هذه المناظرة.
والأحد، أظهرت سلسلة استطلاعات جديدة لآراء الناخبين أنّ الفارق بين المرشحين ضئيل حيث يمكن لأيّ منهما أن يفوز في تشرين الثاني.
وعلى المستوى الوطني، يتقدّم ترامب بنقطة واحدة (48 في المئة مقابل47 في المئة)، وفقاً لاستطلاع أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" بالتعاون مع كلية سيينا في الفترة الممتدة بين 3 و6 أيلول.
وستكون هاريس تحت ضغط شرح العناوين العريضة لسياستها، المبهمة حتى اللحظة بالنسبة إلى الناخبين الذين أكدوا حاجتهم لمعرفة المزيد عنها، بحسب استطلاع "نيويورك تايمز/سيينا".
وترامب، النجم السابق لتلفزيون الواقع، أجرى ست مناظرات تلفزيونية رئاسية الى الآن، وهو يتمتع بخبرة واسعة في هذا المجال. إلّا أنّ أداءه سيكون تحت المجهر خصوصا من الناخبين المتأرجحين الذين قد لا يستسيغوا شنّه هجمات شخصية على هاريس التي تسعى لأن تصبح أول امرأة تتولّى سُدّة الرئاسة في تاريخ الولايات المتحدة.
وسيعوّل ترامب على أدائه في المناظرة الأخيرة في 27 حزيران، حين تفوّق بشكل صريح على جو بايدن. وكان الأداء الكارثي للرئيس الحالي، من أبرز الأسباب التي دفعته بعد نحو شهر للانسحاب من السباق ودعم هاريس لتحلّ بدلا منه كمرشحة الحزب الديموقراطي.
ومن المقرّر أن يعقد المرشحان لمنصب نائب الرئيس، الديموقراطي تيم والز والجمهوري جاي دي فانس، مناظرة في 1 تشرين الأول.