حظيت المناظرة التي جمعت بين المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب، ومنافسته الديموقراطية كامالا هاريس، بكثير من الاهتمام.
وفي هذا الشأن، أوضح أحد خبراء لغة الجسد أن المتنافسين كشفا عن كثير من الأمور عبر الإيماءات والحركات الجسدية.
المصافحة الأولى
وأشار جو نافارو، الذي كان موظفاً سابقاً في وكالة التحقيقات الفيديرالية، إلى أن مبادرة هاريس إلى مصافحة ترامب توحي أن نائبة الرئيس الحالي، "سجلت بعض النقاط" على الرئيس الجمهوري السابق الذي "بدا متردداً" في مدّ يده.
واعتبر نافارو في مقال نشرته مجلة "بوليتيكو" الأميركية، أن هاريس "حصلت على ما أرادت"، مشدداً على أن "المصافحة هي أكثر من مجرد تحية. فهي وسيلة لنقل الأدب والكياسة من شخص إلى آخر".
وتابع: "عندما بادرت هاريس إلى المصافحة، جسّدت رسالتها عن الوحدة بدلاً من الإنقسام، وأظهرت أنها لم تكن خائفة من مواجهة ترامب. لقد فاجأته عندما عادت إلى منصّتها على المسرح، كانت هناك ابتسامة كبيرة على محيّاها، فقد حصلت على ما تريد، وكانت تعي ذلك".
توتر في الرقبة والحنجرة
وأشار الى أن التوتر والقلق كانا باديين على هاريس لدى إجابتها عن أول سؤال طرح عليها، لافتاً إلى أنه كان ممكناً ملاحظة ذلك من خلال "عضلات رقبتها وطريقة بلع ريقها".
ونوه بأن تلك الإيماءات الجسدية "تعدّ نوعاً من التوتر العصبي الذي ينتقص كثيراً من مظهر الثقة"، مضيفاً: "رغم أن الأمر لم يكن واضحاً، فإنه لا يمكن إخفاؤه عن العين الخبيرة، وقد استغرق الأمر وقتًا أطول من المتوقع لتبديد ذلك التوتر".
أما ترامب فقد ظهر أكثر هدوءاً وأقل توتراً في البداية، رغم أن هاريس تعافت من القلق مع استمرار المناظرة.
لغة العيون
تحاشى ترامب النظر مباشرة إلى منافسته الديموقراطية، متفاخراً بانتصاره على رئيسها جو بايدن، قبل نحو 3 أشهر.
ووفقاً لنافارو، فإن "الرئيس السابق كان حريصاً على التحديق أمامه مباشرة، وكأن النظر إلى هاريس سيشكل نقطة ضعف له".
وتابع: "تتطلب مواصفات القيادة الجيّدة مواجهة الخصم وجهاً لوجه، وبالتالي فإن رفض ترامب النظر في عيني هاريس لمدة 90 دقيقة تقريباً يمكن قراءته بطرق عديدة: كشكل من أشكال اللامبالاة، أو عدم الاحترام، أو حتى الخوف من أن ذلك قد يجعله بطريقة ما منزعجاً".
وعلى النقيض من ذلك، نظرت هاريس مباشرة إلى ترامب عندما تحدثت، وكانت تخاطبه بشكل مباشر في بعض الأحيان، حيث أظهرت أنها "لا تخشى النظر في عينيه، أو التواصل معه، أو تحديه بشكل مباشر".
ذقن هاريس والتعجب
عندما اتهم ترامب هاريس بأنها "ماركسية" بسبب المسيرة الأكاديمية لوالدها، نظرت إليه ويدها على ذقنها وكأنها "تكذّبه بشكل مطلق".
وقال نافاور إن تلك الحركة "كانت طريقة لافتة للنظر بشكل متعمد، لتقول بصمت: (لا أستطيع حتى أن أصدق ما تقوله)".
وشدّد على أن هاريس استخدمت الحركة نفسها مرات عدة عندما كان ترامب يقول أموراً اعتبرتها شائنة، مضيفاً: "لا أستطيع أن أتذكر مناظرة رئاسية أخرى خلال 50 عاماً رأينا فيها مثل هذا السلوك، وهذا يقول أمراً عن هاريس واستعدادها لنقل مشاعرها بشكل مباشر وصريح، وومن ون خوف، والنظر إلى ترامب بتركيز شديد".
الشفاه المزمومة
غالبًا ما يظهر ترامب، بحسب نافارو، "سلوكًا غريبًا بشكل جلي تمامًا عندما يسمع أمراً لا يعجبه، فهو يطبق شفتيه وكأنه على وشك التقبيل، ويرتبط هذا السلوك عادةً بعدم الإعجاب أو الخلاف".
وأوضح أن هذا التصرف أصبح سمة بارزة لدى ترامب، قائلاً: "رأينا ذلك عندما واجه العديد من موظفيه السابقين، الذين لم يعودوا يدعمونه".
ضحكات مسموعة
حسب نافارو، فإن المرء لا يستطيع في بعض الأحيان سوى الضحك عندما يسمع حديثاً فظيعاً لا يستحق التعليق عليه بشكل فوري.
وضرب مثلاً فقال إن هاريس "ضحكت عندما زعم ترامب من دون دليل أن المهاجرين يأكلون الحيوانات الأليفة للأميركيين".
واعتبر نافارو أن تلك الضحكة "شكّلت تناقضاً واضحاً مع النبرة الجادة" التي كان يتحدث بها المرشح الجمهوري بشأن الموضوع، مضيفاً "الإستخدام للتباين العاطفي يقوّض حجّة ترامب. لقد رأيت هذه التقنية نفسها في المحكمة، عندما يستخدم المحامون الفكاهة للمطالبة بتخفيف عقوبات كبيرة.. وربما تعلمت هاريس هذه التقنية في عملها مدعية عامة".
ابتسامة "الجوكر"
عندما كان ترامب يسمع أموراً تزعجه بشده خلال المناظرة - مثل انتقاده لدوره في حوادث اقتحام مبنى الكونغرس في 6 كانون الثاني 2020 - كان يمطّ شفيته بابتسامة ضيّقة مبالغ فيها مع رفع حاجبيه، بما يذكّر بشخصية "الجوكر" الشهيرة، حسب المقال.
ونوه الخبير بأن ابتسامات كل من ترامب وهاريس في المناظرة كانت مثل "ابتسامة الجوكر"، والمقصود منها أن تكون بمثابة لفتة استخفاف، مليئة بالسخرية أو الازدراء.
ونبه نافارو إلى أنه في الابتسامة الحقيقية التي تعرف باسم "ابتسامة دوشين"، تتجعّد العيون بشكل طبيعي، لكن مع ترامب، فإن "ثبات شفتيه كشف عن زيف التعبير. وهو سلوك أظهره في المناظرات السابقة أيضًا، وهو أمر فريد من نوعه، إذ لم أره عند أي مرشح سياسي آخر".
الرَمش كثيراً
وهذه الحركة كانت مشتركة بشكل واضح بين ترامب وهاريس، وفق كلام نافارو، الذي عدّها شيئاً مثيراً للإهتمام لأنهما كان يقومان بذلك عندما يسمعان أمراً "يجدانه سخيفاً".
وزاد: "غالباً ما نستخدم الرَمش المتكرر لإظهار الخلاف أو عدم التصديق. إنه سلوك تواصل فعال لأنه مرئي للغاية، ولا يعطّل تدفق الاتصال. وقد أظهر المرشحان هذا السلوك (خلال المناظرة)".
وتابع: "فعلت هاريس ذلك بشكل ملحوظ عندما اتهمها ترامب بنسخ خطط بايدن السياسية. وقد استخدمت الرَمش لرفض حجته بشكل غير لفظي باعتبارها غير جادة".
لا مصافحة أخرى
انتهت المناظرة من دون مصافحة الخصمين كما حدث في بدايتها، إذ غادر ترامب منصته مسرعاً، بينما كانت هاريس تلملم أوراقها.
ويبدو من ذلك التصرف أن الرئيس الجمهوري السابق، لم يكن مستعداً لمجاملة نائبة الرئيس الحالي، وبالتالي فإن المغادرة من دون مصافحة هي "أفضل ما كنا نأمله"، حسب تعبير نافارو.