بعدما ظفرت بمناصب مهمة لا سيما تلك المتعلّقة بالسياسة الخارجية والدفاع، في المفوضية الأوروبية برئاسة أورسولا فون دير لايين، تبدو بلدان شرق أوروبا الأكثر تحفّظا حيال روسيا في طريقها لاداء دور أكثر تأثيرا.
مع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا للعام الثالث، صعد بعض أبرز داعمي كييف إلى أعلى هرم السلطة مع إعادة بروكسيل ترتيب بيتها الداخلي.
ولعل أبرز هؤلاء رئيسة الوزراء الإستونية السابقة كايا كالاس التي تم اختيارها لمنصب مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي للسنوات الخمس المقبلة.
وعيّنت فون دير لايين للعمل إلى جانبها الثلثاء رئيس الوزراء السابق لدولة أخرى في البلطيق هو الليتواني أندريوس كوبيليوس في منصب المفوض الأوروبي لشؤون الدفاع والفضاء، وهو منصب جديد يهدف لتعزيز قطاع الدفاع في الاتحاد الأوروبي.
حصلت مرشحة فنلندا على دور واسع في التعامل مع القضايا الأمنية بينما اختير مرشح بولندا لمجال الاقتصاد، على أن يثبّت البرلمان الأوروبي جميع المرشّحين خلال الأسابيع المقبلة.
وقال ديبلوماسي من شرق أوروبا لفرانس برس "ليس تحوّلا في السلطة بقدر ما هو احداث توازن فيها".
يُنظر إلى تعيين ممثلين لبلدان ترى في روسيا تهديدا وجوديا في مناصب مهمة على أنه بمثابة قبول بالواقع الجديد من ناحية بروكسيل.
وقال كوبيليوس للصحافيين إن الخطوة "تظهر أن هناك فهما واسعا في الاتحاد الأوروبي لنوع التهديدات التي نواجهها، بحيث أن التهديدات الأكبر حاليا للأسف تأتي من الشرق، من روسيا".
وأضاف "من الجيد أن الاتحاد الأوروبي مستعد للاستفادة من معرفتنا وخبرتنا من أجل المصلحة العامة، لإيجاد حلول حقيقية للتحديات التي يواجهها أمننا".
- ضمان الدعم الأوكراني؟ -
تبدو أوكرانيا من بين الرابحين من التعديلات الجديدة.
مع تواصل الغزو الروسي، يتزايد شعور بعض الحلفاء بالإنهاك فيما تبرز تساؤلات حول تواصل الدعم من الولايات المتحدة قبيل الانتخابات المرتقبة في تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال الخبير في شؤون وسط وشرق أوروبا لدى مركز أبحاث "صندوق مارشال الألماني" دانيال هيغيدوس "من الواضح أن فون دير لايين ترغب في ضمان تواصل الدعم لأوكرانيا في التشكيلة الجديدة للمفوضية الأوروبية".
لكن على الرغم من ذلك، لا يعني وجود جهات داعمة بشدّة لأوكرانيا في أعلى هرم السلطة في بروكسيل أنه لا يمكن لبلدان الاتحاد الأوروبي تغيير رأيها مستقبلا بشأن دعم أوكرانيا.
وقال هيغيدوس إن فون دير لايين "تحاول تشكيل السياسات المستقبلية، لكنه ليس أمرا مفروغا منه".
وأكد أن دول أوروبا الشرقية ليست الوحيدة التي ازدادت هيمنتها في المفوضية المقبلة، مشيرا إلى أن البلدان الواقعة في جنوب أوروبا حظيت بمناصب مهمة أيضا.
يعود ذلك جزئيا إلى ضعف الحكومتين في مركزي القوة التقليديين: فرنسا وألمانيا.
ولفت هيغيدوس إلى أن الأمر يعود أيضا إلى أن المناطق التي كانت تعد "هامشية" لديها رؤى واضحة في ما يتعلّق بمواجهة روسيا أو التخلي عن سنوات من التقشّف.
وبينما حققت بلدان دعمت كييف بقوة وعارضت روسيا مكاسب، فقدت تلك التي حافظت على تقاربها مع موسكو بعض الوزن.
وأثار صعود شخصيات متشددة حيال روسيا لتولي شؤون السياسة الخارجية والدفاع ضمن التكتل نوعا من القلق في بروكسيل من احتمال أن يغفل الاتحاد الأوروبي عن الوصول إلى أجزاء أخرى من العالم.
لكن المحللين قللوا من أهمية هذه المخاوف، مشيرين إلى أن الاتحاد الأوروبي قادر على التعامل مع العديد من القضايا.
وقالت ستفيانيا بيناغليا من "مركز دراسات السياسة الأوروبية" إن "الاهتمام بروسيا مؤشر واضح.. لكنني لا أعتقد أن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى استبعاد مناطق أخرى. نعرف جميعا أن السياسة الخارجية لا يمكن أن تكون سياسة إقليمية".