بدأ الناخبون في مقاطعة براندنبورغ الإدلاء بأصواتهم الأحد في انتخابات محلية في هذه الولاية الألمانية الشرقية السابقة، حيث يتقدم حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف بشكل طفيف في استطلاعات الرأي، ويسعى لتحقيق فوز جديد في عمليات الاقتراع الإقليمية.
ولطالما انتقد الحزب المناهض للهجرة، الائتلاف الحكومي بزعامة المستشار أولاف شولتس الذي يواجه تراجعا في شعبيته قبل انتخابات وطنية عامة خلال سنة.
ويأمل "البديل من أجل ألمانيا" أن يكرر في براندنبورغ، المكاسب القوية التي حققها في انتخابات محلية في مقاطعتين شرقيتين أجريتا في الأول من أيلول، حين فاز في تورينغن وحل ثانيا في ساكسونيا.
وفي حال تحقيقه الفوز في براندبورغ القريبة من برلين، سيلحق "البديل من أجل ألمانيا" ضربة جديدة بالاشتراكي الديموقراطي، حزب يسار الوسط بزعامة شولتس، والذي يحكم هذه المقاطعة منذ إعادة توحيد ألمانيا في العام 1990.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيمنيتز التقنية بنجامان هوينه إن "عدم حلول الحزب الاشتراكي الديموقراطي في الصدارة في الانتخابات سيكون ضربة قاسية للاشتراكيين الديموقراطيين وشولتس".
وأوضح أن تلّقي حزب شولتس هزيمة قاسية في انتخابات الأحد سيعني "أن النقاش داخل الحزب الاشتراكي الديموقراطي بشأن من هو المرشح الأفضل لمنصب المستشار، سيتسارع على الأرجح".
وتسببت الخلافات داخل الائتلاف الحكومي بتراجع شعبية شولتس، بينما يتصدر وزير الدفاع بوريس بيستوريس المنتمي الى الحزب نفسه، استطلاعات الرأي بشأن السياسي الأكثر شعبية في ألمانيا.
ومع بدء الاستعدادات للانتخابات العامة في أيلول 2025، اختار التحالف المعارض المحافظ المكوّن من حزبي الاتحاد الاجتماعي المسيحي والاتحاد الديموقراطي المسيحي، فريدريش ميرتس مرشحه للمستشارية.
وقال ميرتس في آخر تجمع ضمن الحملة الانتخابية لحزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي في بوتسدام السبت "ليس فقط سكان براندنبروغ يراقبون هذه الانتخابات إنما كل ألمانيا وخارجها".
- هجمات -
ويحق لنحو 2,2 مليوني شخص ممن أتموا السادسة عشرة من العمر، الإدلاء بأصواتهم في براندنبورغ التي تضم مزيجا من المدن الحديثة مثل بوتسدام، والمناطق الريفية والصناعية.
وعلى رغم أن بوتسدام هي الدائرة الانتخابية لشولتس، لكن زميله في الحزب رئيس حكومة المقاطعة ديتمار فويدكه نأى بنفسه عنه خلال الحملة.
وعوضا عن دعم شولتس، تعهد فويدكه (62 عاما) الذي يشغل هذا المنصب منذ نحو عقد، بتقديم استقالته في حال لم يحقق الحزب الاشتراكي الديموقراطي فوزا صريحا يمنحه الغالبية في المقاطعة.
الا أن آخر استطلاعات الرأي أعطت "البديل من أجل ألمانيا" الأفضلية، مع ترجيح بأن يحصد ما بين 27 و29 بالمئة من الأصوات، في حين تمكن الحزب الاشتراكي الديموقراطي من تقليص الفارق، وباتت الاستطلاعات تتوقع أن يحصل على ما بين 25 و26 بالمئة.
وقال الموظف الاداري كارو لانجر (60 عاما) لوكالة فرانس برس بالقرب من أحد مكاتب التصويت "يجب أن تؤخذ الطبقات الوسطى في الاعتبار بشكل أفضل في هذا البلد، بحيث لا نرسل الأموال إلى الخارج فحسب، بل نفكر أكثر في شعب هذا البلد".
وقال روبن فيستفال، وهو طالب يبلغ 20 عاما "الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لي هو ألا يكون حزب البديل من أجل ألمانيا قويا جدا، أنا ألاحظ مدى تطور اليمين المتطرف في براندنبورغ".
وحتى في حال فوزه بالغالبية، يستبعد أن يتمكن "البديل من أجل ألمانيا" من أن يحكم المقاطعة نظرا لأن كل الأحزاب الأخرى رفضت تشكيل ائتلاف يضمه.
الا أن صعود الحزب في الآونة الأخيرة فرض ضغوطا إضافية على ائتلاف شولتس الحاكم الذي يضم الخضر والليبراليين.
وأثار حزب "البديل من أجل ألمانيا" واستغل المخاوف الشعبية المتنامية من الهجرة غير النظامية، خصوصا بعد سلسلة اعتداءات في الآونة الأخيرة نفّذها مهاجرون ميولهم إسلامية متطرفة.
وكان أبرز هذه الاعتداءات عملية طعن في مدينة زولينغن (غرب) أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثمانية.
وبعد العملية التي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية، أكدت السلطات أن شابا سوريا كان قد طلب اللجوء ونجح في الافلات من أمر بترحيله، سلّم نفسه وأقر بتنفيذ الهجوم.
- الهجرة في الصدارة -
وأظهر استطلاع للرأي أجري حديثا في براندنبورغ، أن مسألة الهجرة هي مصدر القلق الرئيسي للعديد من الناخبين.
وقالت إدلترود وندلاند (82 عاما) لفرانس برس في حي تجاري ببوتسدام "الناس يتحدثون عن الاندماج ويقولون إنهم غير راضين على ما يجري".
أضافت "بالطبع علينا مساعدة الناس، لكن لا يمكننا أن نستقبل الكثيرين".
وإضافة الى مواقفه المناهضة للهجرة والإسلام والتعدد الثقافي، يطرح "البديل من أجل ألمانيا" تساؤلات بشأن التغير المناخي، ويعكس مواقف مؤيدة لروسيا في الحرب ضد أوكرانيا.
وشهدت ألمانيا هذه السنة بروز حزب يساري هو "تحالف زهرا فاغنكنخت" المعروف بـ"بي أس في" (BSW)، وتضعه استطلاعات الرأي في المركز الثالث في انتخابات براندنبورغ.
ولدت فاغنكنخت (55 عاما) لأب إيراني وأم ألمانية في ألمانيا الشرقية خلال حقبة الحرب الباردة. انفصلت العام الماضي عن حزب دي لينكه اليساري المتشدد، وأسست حزبها الخاص.
أثارت فاغنكنخت ضجة في الأوساط السياسية الألمانية بدعوتها صراحة الى الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإنهاء دعم برلين لكييف في مواجهة غزو موسكو، والمطالبة بالتشدد في التعامل مع المهاجرين.
ووصفت فاغنكنخت سياسات حزبها بـ"اليسارية المحافظة"، وتمزج بين السياسات الاقتصادية التي تساعد العمال والطبقة الفقيرة، ومواقف ثقافية محافظة منها ضبط الهجرة.
وكما في ثورينغن وساكسونيا، يمكن لحزب "بي أس في" أن يتحول الى صانع للملوك في براندنبورغ، ما يصعّب مهمة التحالف معه للأحزاب الأخرى التي لا تتفق مع آرائه القريبة من روسيا والمناهضة لحلف شمال الأطلسي.