قد تسرّع الحرائق المستعرة في الأمازون الوصول إلى "نقطة لاعودة" ستحوّل أكبر غابة استوائية في العالم إلى سهول سافانا، على ما يحذّر المتخصص البرازيلي كارلوس نوبري (73 سنة)، في مقابلة مع وكالة فرانس برس.
يعرب هذا العضو السابق في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي والذي يشارك حاليا في رئاسة اللجنة العلمية لمنطقة الأمازون (SPA)، عن "قلق كبير" بشأن الزيادة "المتسارعة" في درجة الحرارة العالمية.
وقد تم بدءا من "حزيران 2023" تخطي عتبة الاحترار بدرجة مئوية ونصف درجة مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
ويقول نوبري من مكتبه في سان جوزيه دوس كامبوس القريبة من ساو باولو "لقد حُطّمت كل الأرقام القياسية. يتعين العودة 120 ألف سنة إلى الوراء للعثور على درجة حرارة مماثلة".
سؤال: كيف يُفسّر هذا الارتفاع في درجات الحرارة؟
إجابة: "يحاول آلاف العلماء تفسير سبب الارتفاع السريع في درجات الحرارة. تم تحطيم أرقام قياسية في ما يخص المحيطات، والمياه باتت أكثر دفئا (...). ولا يمكن أن يعزى ذلك إلى ظاهرة ال نينيو وحدها. وللأسف لم تنخفض انبعاثات غازات الدفيئة، بل حُطمت أرقام قياسية عام 2023 ومن المتوقع أن تكون أعلى هذه السنة.
في مرحلة اتفاق باريس (عام 2015)، ثم في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتغير المناخي (COP26) في غلاسكو سنة 2021، قيل إننا بحاجة إلى خفض الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030 وتحقيق الهدف المتمثل بصفر انبعاثات سنة 2050، لتجنب تجاوز عتبة 1,5. لكن بما أنّ هذه العتبة تم تجاوزها أصلا سيكون التحدي أكبر".
- جريمة منظمة -
س: كيف سيؤثر ذلك على حياتنا؟
ج: "إنه ليس تغييرا يحدث ببطء شديد (...). بمجرد الوصول إلى عتبة 1,5 درجة مئوية، تتزايد الظواهر المناخية بشكل كبير".
"موجات الحر، والأمطار الغزيرة، والجفاف، وحرائق الغابات، وذوبان الجليد، وعواصف المحيطات، ومستويات البحار: كل شيء يتزايد بشكل أسرع، كما حدث عام 2023. وسنة 2024، بدأنا نرى أن وتيرة هذه الظواهر المتطرفة تتسارع بشكل أكبر ويتم تحطيم أرقام قياسية".
س: يبدو أن أميركا الجنوبية تتأثر بشكل خاص في الوقت الراهن، وخصوصا البرازيل.
ج: "إنها مشكلة عالمية... الفرق الكبير هو أن كل الحرائق تقريبا في كندا وأماكن أخرى، كانت طبيعية، بسبب الصواعق، وبدأت النيران تنتشر سريعا لأن الغطاء النباتي كان جافا جدا".
"في البلدان التي تضم الأمازون، أكثر من 95% من الحرائق سببها البشر (...). ولو لم يكن الأمر كذلك، وحتى لو كنا نشهد جفافا قياسيا، لكان عدد الحرائق أقل بكثير لأنّ لدينا أقل بكثير من السحب المسببة للصواعق".
"إنّ الجريمة المنظمة تشعل الحرائق، إنها طريقة جديدة لإزالة الغابات (بهدف الاستيلاء على الأراضي، خصوصا للمواشي). في العام الماضي، انخفضت إزالة الغابات بشكل كبير بفضل المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية التي ترصدها على الفور (...). لكنّ المجرمين أدركوا أن هذا النظام لا يكتشف الحرائق إلا عندما تصل منطقة الحرائق إلى ما بين 30 و40 مترا مربعا، وهو ما يمنحهم الوقت لمغادرة المنطقة من قبل يتم توقيفهم.
- باريس غير صالحة للسكن؟-
س: لقد حذّرت من أن الأمازون تقترب من نقطة لاعودة تحوّل الغابة إلى سهول سافانا. هل سرّعت الحرائق من الوصول إلى نقطة اللاعودة هذه؟
ج: "بلا شك (...). إذا استمرت ظاهرة الاحترار المناخي وإذا عجزنا عن وقف إزالة الغابات والحرائق، فسنكون قد وصلنا إلى نقطة اللاعودة عام 2050".
"في تلك المرحلة، سنخسر ما لا يقل عن 50% من الغابات الاستوائية في غضون 30 إلى 50 عاما، مما سيقضي على أكبر منطقة تضم تنوعا بيولوجيا في العالم وسيتسبب بإطلاق ما بين 250 إلى 300 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وسيكون من الأصعب، إن لم يكن من المستحيل، البقاء تحت عتبة 1,5 درجة مئوية.
س: هل ما زلت متفائلا بأنّ الوضع سيتحسن؟
ج: "يجب أن يتحسن، ليس هناك حل آخر. إذا وصلنا عام 2050 إلى احترار أعلى بـ 2,5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، يمكن تجاوز نقاط لاعودة أخرى كخسارة تامة للأمازون، وذوبان جزء كبير من التربة الصقيعية (...)، مما يؤدي إلى انبعاث مئات المليارات من الأطنان من ثاني أكسيد الكربون".
"إذا حدث ذلك، فإن متوسط درجة حرارة العالم سيكون أعلى بثلاث إلى أربع درجات بحلول نهاية القرن. وإذا ارتفعت أربع درجات، فإن المنطقة الاستوائية ستكون غير صالحة للسكن، إذ ستكون قد تجاوزت ما يستطيع جسم الإنسان تحمّله. وستكون باريس غير صالحة للسكن في الصيف".