النهار

عازفة الـDrums كريستين بجاني... الشغف لا يحتاج إلى "عضلات"
فرح نصور
المصدر: النهار
عازفة الـDrums كريستين بجاني... الشغف لا يحتاج إلى "عضلات"
كريستين بجاني.
A+   A-

شغف الطفولة لا يتغيّر، في معظم الأحيان، في الكِبر. فهو شغف يواكب الشخص ويرسم بعضاً من شخصيّته وصورته ومواهبه التي سيخرج بها إلى الناس. فقد هوت عازفة الطبول (drums)، كريستين بجاني، العزف على هذه الآلة الضخمة منذ طفولتها. رافقها هذا الشغف حتى أصبحت شابة تحترف العزف على آلة لا تشبهها بالشكل ولا بالهوية، لكنها شكّلت وسيلة جاذِبة لمكامن شخصيّتها.

 

أحبّت هذه الآلة منذ صغرها، عندما كانت تشاهد قناة "ديزني". لطالما لفت عازف الطبول نظرها، وسكنتها رغبة دفينة في الجلوس مكانه أمام هذه الآلة لتختبر شعور العزف عليها. تحمست كريستين في عمر العاشرة لفكرة العزف. ارتبطت خالتها بعازف طبول اصطحبها مرة إلى مكان عزفه، "وحينها أحببت فعلاً ما شاهدت وكنت صغيرة لدرجة أنّ رجليّ لم تكونا تصلان إلى دعسة الطبل الكائنة في أسفله"، تروي الشابة.

 

ابنة الـ21 عاماً طالبة طب أسنان في الجامعة اللبنانية. تروي أنّها كانت فتاة خجولة جداً وهادئة كذلك، وتمارس الرسم المحترف، "مظهري لم يكن يوحي بمظهر فتاة تعزف على آلة صاخبة كالطبول، وكان أهلي يرونني مهندسة عندما أكبر بسبب شخصيتي الهادئة". 

 

ألحّت على أهلها ليسمحوا لها بالعزف وخوض هذه التجربة، لكنّهم رفضوا في المرحلة الأولى، وكان لديهم صورة نمطية عن الفتاة التي تعزف الطبول بأنّها تتّجه إلى زينة الوشوم والأقراط على أجسادها، و"كانوا يخافون من أن أصبح "مصروعة"، لكنّني فعلاً لم أكن ولست كذلك اليوم"، تقول كريستين ضاحكة.

 

A post shared by Krystine (@krystinebejjani)

ولتبرير رفضهم، تحجّج أهلها بأنّها صغيرة وبأنّ رجليها لا تصلان إلى دعسة الآلة. لكن في عمر الـ14 عاماً، "بدا إصراري كبيراً، لدرجة أنّني أبلغتهم بأنّني سأتوقّف عن صفوف الرسم لأتوجّه إلى عزف الطبول"، تسرد كريستين. حينها وافق أهلها، واشتروا لها الطبول، و"كانت فرحتي لا توصَف لدى رؤيتي أستاذ الموسيقى يركّبها ويجهّزها، لكن الوقت تأخّر آنذاك، وحلّ الليل، ولم يكن باستطاعتي تجربتها حتى، منعاً لإزعاج الجيران". تلك الليلة، كانت تودّ النوم بجانبها أرضاً من شدّة حماستها، لكن أهلها لم يسمحوا لها، "ولدى استيقاظي في اليوم التالي، اتّجهت فوراً نحوها"، وبدأت رحلتها مع الطبول.

 

تدرّبت الشابة على العزف خلال سنتين مع أستاذ موسيقى من شدّة حماستها، ولم تدخل معهد الموسيقى، فما درسَته في سنتين يحتاج إلى دراسة 4 أو 5 سنوات في المعهد. وبدأت بنشر موهبتها على الإنستغرام. وذات مرة، نشرت صفحة "راديو فيرجين" دعوة للمواهب لنشرها. وأرسلت كريستين واحداً من فيديوهاتها، وكانت الأصداء جميلة جداً عليه، وقد أعادت الإذاعة نشر الفيديو بعد حوالي سنة. 

 

ومع دخولها عالم "تيك توك"، حصدت نسبة مشاهدات عالية على عزفها، إذ وصل فيديو من فيديوهاتها إلى حوالي 10 ملايين مشاهدة. 

 

وتستذكر كريستين أنّ يدها أُصيبت من جراء انفجار 4 آب. وبعد أسبوع على وقوع الكارثة، عزفت على الطبول بيد واحدة، ووثّقت شغفها وصمودها بفيديو من 30 ثانية، لاقى إعجاباً كبيراً على المنصّة، لما عكسه من روحية اللبناني، إذ أعادت صفحات عديدة نشره.

 
 

كانت أول أغنية عزفتها وانتشرت على منصّات التواصل  stereo hearts، إذ تعتمد كريستين أسلوب الـcover في محتواها الموسيقي، وتسعى إلى إضافة لمستها الخاصة من العزف على الأغاني. كما تحاول الخروج من العزف العادي على الطبول وإيجاد إضافة مبتكَرة على الأغاني كإدخال إيقاع عربي على الأغاني الأجنبية.

 

تمكنت كريستين ذات الوجه الناعم والرقيق الذي يفيض أنوثة، من آلة موسيقى تصدح أصواتاً قوية. "وجدت في هذه الآلة وسيلة لأن أُخرج كل الأجزاء القويّة التي لا تظهر من شخصيتي". 

 

والجميل في عزف الطبول، وفق كريستين، هو أنّه يمكن تغيير إيقاع أي أغنية وتبديل روحيّتها. وتعزف الشابة حالياً في بعض المناسبات وتقدّم عروضاً جاذبة بالطبول والعصيّ، يستحسنها المشاهدون، وتلمس استحسانهم من خلال تفاعلهم معها. لكنّها ترفض الالتزام بفرقة موسيقية، كما تجري العادة، وتسعى لتقديم عروضها وحدها. 

 
 
 وبحسب كريستين، كان الناس يستغربون وجود شابّة وحدها تعزف الطبول خلال العروض، لكنّهم كانوا يستمتعون بالموسيقى. ومؤخراً، بدأ عدد كبير من الفتيات بالتواصل مع كريستين متأثّرات بعزفها، ويرغبن في القيام بما تقوم به. وحتى هناك أهالٍ يسألونها عمّا إن كانت تعطي دروساً لأولادهم الصغار.
 

و"تتمظهر نظرة خاطئة عن عازف هذه الآلة"، وفق كريستين، إذ يعتقد الناس أنّه يجب أن يكون العازف شاباً وأن العزف يحتاج إلى قوة جسدية، لكنّها "نظرة خاطئة، فالأمر يحتاج إلى سلاسة بالعزف فقط لا إلى عضلات". 

 

ومن جراء المسابقة التي دخلتها مع "إذاعة فيرجين"، هناك مشروع، وفق الشابة، لإبرام عقد مع شركة إنتاج موسيقى عالمية. 

 

كذلك، تعزف كريستين على البيانو والغيتار. لكن طبعاً، تأتي الطبول في أولوية تفضيلاتها، إذ ترسم مستقبلها بأن تكون طبيبة أسنان نهاراً، وعازفة طبول ليلاً.

 

  

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium