النهار

"ياه عالزمن" حقاً يا "أبو وديع"
جورج وسوف ونجله الراحل وديع.
A+   A-
هي الحياة التي غنّى لها "دوارة الإيام". نعم كم هي دوّارة ودورانها مرعب. تباغتنا، تنهال علينا بما هو حتميّ ولكنّ بقساوة. تسحبنا إلى خياراتها من دون استئذان، تنقض علينا بكل ما أوتيت من قدر وقوّة، لا تأبه لا لبطل ولا لـ"كومبارس"، فجميعنا لحظة انتهاء العرض والصعود إلى خشبتها نصبح سواسية. لا ليست عادلة، ولا تعرف الرأفة، تعطي الكثير وتأخذ الأكثر منه، تتشعّب فيها الدروب لكنّها تختار في النهاية الدرب الأوحد بلا مواعيد ولا ترتيبات، تقول كلمتها وتمضي، فالحكم حكمها.

ما من مفردات ترقى إلى حجم خسارة سلطان الطرب جورج وسوف نجله وديع نتيجة مضاعفات عمليّة جراحيّة أجراها قبل أيام، ولا كلمات توفي مشاعر انكسار أب بفقدان ابنه، ولكنّ هو حقّ من منحنا فرحاً كبيراً حقيقياً أن نشاركه حسرته هذه. وهو الذي لم يبخل علينا بمشاعره وانفعالاته الصادقة. هو العاشق الذي كان "قلبه دليله" يحاول أن "يرضى بالنصيب" في "يوم الوداع" الذي جعله يختبر "أصعب فراق".

خانه الزمن، وخانه المرض، وكان وديع دائماً هناك. السند والكتف والعكاز. هو الذي قال عنه في لقاء تلفزيوني "مسمّيه علي تليفوني يسوع وودي، لأنّه أحن حدا في حياتي". وديع الذي احتفل مع سلطان الطرب بعيد ميلاده، كان قد نشر صورتهما الأخيرة مرفقة بعبارة "كل عام وأنت بخير يا أبي وأخي وصديقي المقرّب وعمودي الفقري... أحبك"، هكذا كانا، عظمتان في عامود فقري تتكئان على بعضهما بعضًا في وجه الكسور والحياة الطاحنة.

خسر سلطان الطرب "الغالي"، "دمعة عينه" و"حبيب قلبه من جوا"، خسر جورج "وودي" كما كان يحبّ مناداته.

"ياه ع الزمن والدنيا واللّي بتعملوا"، نعم، ولكنّك غنيّت يوماً "بيقولو الصبر طيّب" أيضاً، عسى أن يلهمك الله الصبر... وداعاً وديع جورج وسوف.

اقرأ في النهار Premium