في العام 2017، وبعد أن أوقف مصرف لبنان قروض الإسكان، بدأ سوق البناء يتراجع. استمر الجمود حتى العام 2019 بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية التي حلّت على لبنان. حينها، توقّفت سوق البناء بشكل كامل، وشُلّ معها سوق العقارات من بعد حركة شرائها عبر الشيكات المصرفية.
تحوّل الاقتصاد إلى اقتصاد نقديّ، وضعف هامش الربح في قطاع الأخشاب، كقطاع حيوي من مواد البناء، نتيجة ضعف الطلب عليها. ومع غياب القروض التي كانت توفرها المصارف للتجار، انخفضت الأسعار أيضاً وزادت المنافسة.
حينها، أقفلت مصانع أخشاب كبرى كانت تستلم ورشاً ضخمة مثل المستشفيات والمدارس والمراكز التجارية، واتجهت إلى تصدير خبرتها إلى الخارج. هنا، كان تحدّي شركات الأخشاب بإمكانية صمودها في السوق، وبقدرتها على الاستمرار في استيراد تصاميم جديدة وحديثة، وفي ابتكار الأخشاب المصنعة التي تدخل في ديكورات المنازل والمكاتب والمحالّ.
شركات أخشاب عديدة أقفلت أبوابها، والتي استمرت، خاضت مغامرة شرسة، فكانت إحداها شركة Hijazi Wood للأخشاب، وهي من الشركات الرائدة في عالم الأخشاب والتصميم في لبنان.
يتحدث صاحب الشركة ووكيل علامة "Starwood" للأخشاب، غالب حجازي، لـ"النهار" عن واقع قطاع الأخشاب ما بعد الأزمة في لبنان، ويشير إلى أنّ المصانع الكبرى في سوق الأخشاب توجّهت إلى الأسواق العربية والأفريقية لإيجاد مشاريع ضخمة فقدتها السوق اللبنانية بعد الأزمة. والمشاريع التي استلمتها هذه المصانع في الخليج وأفريقيا لا شكّ في أنها مشاريع كبيرة، وجميع أخشابها من صناعة لبنانية، وتُشحن إلى دول السوق مجدداً.
استطاع حجازي الصمود والمواظبة على إدخال أخشاب مصنعة جديدة، وتصاميم حديثة، لاسيما أخشاب الملامين، وفتح خطوطاً إلى أسواق في دول أفريقية وخليجية، حيث واكب أذواق كلّ منها كأخشاب الـ mfc (melamine face chip)، التي تغطي 70 في المئة من الأخشاب، وهي الأكثر رواجاً حالياً.
بالتوازي، بقي حجازي في لبنان، ووسّع خدماته، وأدخل التكنولوجيا في عالم الأخشاب، "لإيماننا بلبنان، وبأنّنا حالياً في فترة ركود. لكننا في الوقت الذي تستقر فيه الظروف سينهض البلد بسرعة. لذلك، كان علينا ركوب العاصفة، واتخاذ خيار التوسّع خارج لبنان في ظل الأزمة". حالياً، لشركة Hijazi Wood فروع في 9 دول أفريقية وعربية.
و"التحدّي أمامنا، نحن كشركات استمرّت بالرغم من الأزمة، أكبر"، يشدّد حجازي، لناحية تأمين أحدث اتجاهات الأخشاب، جودةً وتصاميم وخدمات متكاملة، لافتاً إلى تحمّل الشركات عواقب تأخّر الشحن وارتفاع تكلفته بشكل كبير، بسبب الأحداث الإقليميّة.
يضيف: "حافظت الشركة، في ظل التحديات هذه، على تطبيق أعلى المعايير الدولية للسلامة والجودة والصحة في منتجاتها، عملاً بمبدأ الاستدامة والمسؤولية البيئية، بنيل أخشابها شهادات عالمية".
وعن الطلب على الأخشاب حالياً في السوق اللبنانية، يقول حجازي بأنّ "معظم الموردين من الولايات المتحدة الأميركية وتركيا وآسيا يستغربون حجم بضائع الأخشاب الضخمة الذي يدخل إلى لبنان نسبة إلى عدد سكّانه القليل، مقارنه بدول أخرى وأسواق أخرى". فصحيح أن سوق الأخشاب اللبنانية ليست الأكبر في العالم العربي، لكن نسبة إلى عدد السكان، فإنّ حجم السوق في لبنان مقبولة جداً.