لم يقتصر الفن قط على الرجال دون النساء، فهو موهبة تولد مع المرء، لكن لا شك في أنّه لدى بعض المجتمعات، لا سيما في العقود الفائتة، لم يكن رائجاً بين النساء. ملهمتنا في هذه المقالة، هي إحدى الفنانات البارزات في الحركة الفنية السعودية المعاصرة. عرضت أعمالها في معارض عربية وعالمية، وكان بارزاً جداً تطويع فنّها لإيصال صوت المرأة وحقوقها، والإضاءة على تمثيل المرأة في المملكة العربية السعودية.
الفنانة السعودية منال الضويان، في حوار مع "النهار" في اليوم العالمي للمرأة.
تنطلق الضويان في حديثها من تجربتها الخاصة في عالم الفن، لتطرح رأيها في كيفية خوض المرأة مجالات أعمال جديدة. وتروي أنّها منذ صغرها، كانت تتطلّع لأن تصبح فنانة "لكنّني لم أكن أستطيع تسمية نفسي فنانة لعدم رؤية نموذج لامرأة تمتهن الفن أمامي وفي مجتمعي، لأتمثّل بها".
وتستند إلى أبحاث عن تمكين المرأة، خلُصت إلى أنّه "عندما ترى المرأة، يمكنها أن تكون". لذلك، هناك مسؤولية كبيرة لدى المرأة التي تحظى بفرصٍ مهمة ومناسِبة في وقتنا هذا، بأن تتواصل مع الجيل الجديد من النساء لتسرد لهنّ ما معنى "أن توجد المرأة نفسها"، إذ وفق تعبيرها "استغرقت وقتاً كثيراً لأطلق على نفسي لقب فنانة"، بينما الآن، الفنانة الشابة تطلق على نفسها هذا اللقب فور شعورها ويقينها بأنّها قادرة على أن تصبح كذلك.
وما يدعم هذا التوجّه والانطلاقة في اللقب التعريفي لمهنة الفن لدى المرأة، هو وجودها في عالم الفن وفي جميع المتاحف والمعارض المحلية والدولية، إذ يفتح ذلك المجال واسعاً أمام الجيل الجديد من النساء لكسر حاجز وعتبة التعريف المهني الذاتي، أي كيف تعرّف السيدة عن مهنتها وصورتها المهنية.
وقد اختارت دار أزياء Dior العالمية، الفنانة الضويان لتجسّد فنّها في قصة الحقيبة الاستثنائية، لتكون بذلك أول امرأة عربية تبتكر تصميماً لحقيبة Lady Dior الشهيرة. في هذا الإطار، وعن موقع المرأة العربية في عالم الإبداع، ترى الضويان أنّ المرأة العربية لطالما كان لها مجالها على هذا المستوى، لكن الآن الإبداع تعزّز أكثر لديها في جميع الدول العربية بالفن والتصميم والمجوهرات. وترى الفنانة أنّ هناك نقلة نوعية في هذا الإطار الآن، إذ هناك اهتمام على مستوى الوطن ومن الدولة بالتصميم والإبداع، فهذا الاهتمام هو محطة لانتقال الإبداع من المحلي إلى العالمي.
أُدرج اسم الضويان على لائحة BBC لأكثر النساء تأثيراً. وعن تأثير الفن والتصميم على النساء، تعتقد الضويان أنّ الفن هو لغة بصرية تدعمه لغة حكواتية. وفي مجالي الفن والإبداع، لدى المرأة قوة وإبداع راقيان في هذا النوع من التواصل. وترى أنّ "الفن والتصميم مساحة أبدعت فيها المرأة العربية، ورغم أنّه في الغرب، الطاغي على هذا المجال هو الرجل، عندما أُسأل عن التوازن بين الرجل و المرأة في هذا الميدان في العالم العربي، أجيب بأنّه في عالمنا العربي ليس لدينا أيّ صعوبة على هذا المستوى، وربما الرجل يواجه صعوبات أكثر من المرأة بتقبُّله في هذه المهنة".
وكامرأة سعودية، واجهت الضويان في بدايتها تحدّيات في خوضها مهنة الفن، "لكن الآن الأمر تغيّر، وبات كل شيء متوفراً، ولا عقبات محلية على هذا الصعيد، لكن قد تكون هناك عقبات عالمية، فالرؤية الوطنية في المملكة، وكذلك في العالم العربي، هي رؤية مستقبلية تدعم الفن مجتمعياً ومؤسساتياً".
حالياً، ترى الضويان أنّ المجالات المهنية أمام المرأة السعودية مفتوحة بأوسع أبوابها، و"رؤية الدولة تدعم تمكين المرأة وإدخالها المساحة العامة والمساحة الإبداعية، لذلك تمثيل المرأة في السعودية قوي جداً ومدعوم من الدولة والمجتمع".
وفي صلب عملها، تدعم الفنانة المرأة الحرفية، فالحرفة النسائية، بنظرها، بدأت تندثر نوعاً ما في العالم العربي، لأنّها تُنتَج على أيدي نساء وهنّ في منازلهنّ، أي نطاق عملهنّ ضيّق جداً. لكن خروج المرأة من منزلها والانطلاق في إنتاج الحِرف خارج المنزل، ليس بالسهل عليها، فالمساحات العامة غير مُهيّأة لاستقبالها بكل احتياجاتها.
وتتوجّه الضويان إلى المرأة العربية في يومها العالمي بالقول: "لا تنسي أنّك نصف المجتمع وجزء منه، ولولاكِ لم يكبر ولم ينطلق ولم يتوجّه نحو المستقبل، ويداً بيد مع الرجل، سنبني مجتمعاً عربياً راقياً يحترم الإبداع والإنسانية".