بعد مرور عام تقريباً على سيطرة حركة طلبان على أفغانستان، ذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير، الذي نشر في تموز الماضي، أن القمع الخانق لطالبان يدمّر حياة الفتيات والنساء، مشيرة إلى "أنه بعد استبعادهن من الحياة العامة بسبب القيود العديدة المفروضة على تحرّكاتهن وملابسهن في أماكن عملهن، فإن النساء الأفغانيات هن أول ضحايا النظام الجديد".
لم يردع الخوف المُمارس من قبل هذه الحركة من رفع صوت حبيبة سرابي، الوزيرة الأفغانية السابقة لشؤون المرأة من العام 2002 حتى العام 2004، وأول امرأة أفغانية تحكم إقليماً هو إقليم باميان الشمالي، التي ذكرت أن" طالبان لم تتسلّم السلطة، بل أخذتها بالقوة"، مشدّدة على أنهم ليسوا بيروقراطيين بل مجموعة دكتاتورية. يحكمون الناس بالقوة في محاولات لإجبارهم على طاعتهم".
"معالي الوزيرة" سرابي امرأة عكس التيار. شاركت في مفاوضات السلام بين كابول وطالبان، التي نُظّمت في الدوحة اعتبارًا من العام 2020، والتي شهدت سجالاً حادّاً حول قضايا عدّة، خاصّة النساء. أدّت هذه المشاركة الفاعلة وما سجّلته في رصيدها التراكمي المؤيّد لقضايا المرأة إلى الفوز بجائزة سيمون فيل للجمهورية الفرنسية في العام 2021.
تحدّثت سارابي عن الأفغان، الذين لم يعانوا "فقط على مدى العام الماضي من الفقر والجوع في حياتهم اليومية، بل الذين لم تتوافر لهم البتة الخدمات الاجتماعية، وتراجع الأنظمة الصحية والتعليمية في حياة المواطنين".
توقفت في مقابلات عدّة مع قناة " فرانس 24" عند جرأة المواطنين رجالاً ونساءً، الذين يتّخذون منحًى مقاوماً في حياتهم، يبدأ فعلياً برفع أصواتهم بوجه الظلم، لاسيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها الأداة المثلى في ظلّ تراجع حرية الصحافة في أفغانستان، التي ترزح تحت وطأة اعتقال الأقلام الحرّة، أو تعذيب أصحابها ومعاقبتهم بطريقة أخرى من قبل طالبان.
انتقلت إلى واقع المرأة الأفغانية، التي تبدو أنها الضحية الأولى للسلطة القائمة، مشيرة إلى تحقيق الكثير في الأعوام العشرين الماضية، لا سيّما من ناحية ذهاب العديد من الفتيات الصغيرات إلى المدرسة بنسبة وصلت إلى 40 في المئة.
حكم طالبان شدّدت سرابي على أن المرأة الأفغانية انتسبت أيضاً إلى التعليم العالي، وتمكّن عدد من الأفغانيات من الالتحاق بالخدمة المدنيّة، وانتُخبت أخريات في البرلمان، أو تمّ تعيينهن وزيرات، مشيرة إلى حضور المرأة في جميع القطاعات تقريباً. لكنّها أسفت لما حلّ بالأفغانيّات بعد تولّي حركة طالبان السلطة، حين استبعدت النساء بأسرع ما يمكن من جميع مجالات الحياة وعالم العمل، وصولاً الى حرمانهن من حقهنّ في التعليم.
أكدت أنه بالرغم من الضغوط الدولية، وتعبئة النساء الأفغانيات في الخارج، رفضت حركة طالبان الذهاب أبعد من ذلك، لأنها لا تهتمّ بأصوات النساء، بل يرفض أعضاؤها الاستماع إليها، داعية المجتمع الدولي والدول الإسلامية إلى الضغط على أعضاء طالبان حتى يقبلوا، ليس فقط بإعادة فتح أبواب التعليم أمام النساء الأفغانيات، بل باستعادة أبسط حقوق الإنسان من أجل وضع حدّ للتمييز ضد المرأة.
اعتبرت أن مستقبل نصف السكّان الأفغان، الذين تقلّ أعمارهم عن 15 عامًا، وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مهدّد بالخطر، مؤكّدة أنه إذا كانت عودة طالبان إلى السلطة تشكّل نكسة للمجتمع ككلّ، ولاسيما للجيل الشاب، فإن إبعاد البلد اليوم عن أي تطوّر، خصوصاً في المجال الاقتصادي، يجعله قابلاً للانهيار...".
خلصت إلى ترسيخ قاعدة أن الأفغان هم جزء من المجتمع الدولي ويستحقّون حياة أفضل، مستعيدة ذكرى مسيرة أربعين عاماً من الحروب والصراعات.
انتقدت المجتمع الدولي، وفي مقدّمته الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، الذين انسحبوا وسلّموا كلّ شيء إلى طالبان، داعية هذه الدول إلى إصلاح واقع الحال، ومشيرة إلى أنّه يجب على المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤوليّاته تجاه الشعب الأفغاني والنساء الأفغانيات بشكل خاص.
بدا واضحاً أن سارابي ما زالت واثقة وفخورة بشيء واحد هو أن النساء الأفغانيات يملكن الشجاعة للمطالبة بحقهن في التعليم ويدركن حقوقهن، وهي ما نالته طوال العقدين الماضيين، مكرّرة أنها على يقين من أن النساء سيتابعن كفاحهن من أجل تحسين حياتهن، ليس فقط لهن بل لأولادهن أيضاً...".
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.