النهار

في اليوم العالميّ لسلامة وصحّة الموظّف في العمل...كيف تحسّن رفاهيّتك؟
فرح نصور
المصدر: النهار
في اليوم العالميّ لسلامة وصحّة الموظّف في العمل...كيف تحسّن رفاهيّتك؟
تعبيرية.
A+   A-
 
يذكّر اليوم العالمي للسلامة والصحة في العمل، الواقع في 28 نيسان من كلّ سنة، بالسعي المستمرّ نحو بيئات عمل أكثر أماناً وصحة. وفيما يُركَّز فيه على الصحة البدنية، تُعدّ الصحة العقلية والعاطفية للموظفين ورفاهيتهم في العمل، عنصراً حاسماً في مكان عمل صحّي أيضاً. كيف نحسّن من صحة الموظف الذهنية في مكان العمل؟ وما هو تأثير مكان العمل الآمن على نتائج الموظف وإنتاجيته وتطوّره؟ 
 
الرفاهية المهدَّدة
يشير مصطلح الرفاهية إلى مدى شعور الموظف بالإيجابية في وظيفته، ما يؤثر حتماً على إحساسه بالهدف والانتماء والإنتاجية. لكن في عصرنا، باتت الرفاهية هذه مهدَّدة بمخاطر ذات أوجه عديدة، ناجمة عن الابتكار التقني أو التغيير الاجتماعي أو التنظيمي، مثل التقنيات الجديدة، عمليات الإنتاج، ظروف العمل الجديدة، زيادة أعباء العمل، تكثيف العمل بسبب تقليص حجم العمال، العمل الحر، وسواها.
 
فقد أظهر استطلاع غير رسمي على موقع LinkedIn أنّ 87 في المئة من 1,228 مشاركاً، قالوا أنّ زميلاً في العمل أو رئيس العمل أو وضع العمل المجهد، كان سبباً لأعراض جسدية مثل الصداع النصفي، الغثيان، تساقط الشعر، فقدان النوم، تغيّرات الوزن، نوبات الهلع، وغيرها.
 
في السياق نفسه، وجدت دراسة نُشرت عام 2024 حول الحالة الذهنية في مكان العمل، أنّ ضغوط العمل أثرت سلباً على الصحة البدنية لـ 77 في المئة من الموظفين، وأثّرت على العلاقات خارج العمل لـ 71 في المئة منهم.
 
في المقابل، وجد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة Gallup وWorkhuman في عام 2023، أنّ أقل من واحد من كلّ أربعة موظفين، شعروا بأنّ مؤسستهم تهتم برفاهيتهم.
 
وبحسب دراسة نشرها موقع Harvard business review، قالت خبيرة الصحة العقلية في مكان العمل، ناتاشا بومان، أنّ اليوم، يطالب العمال بأكثر من مجرد الراتب، إنّما باحترام احتياجاتهم الصحية العقلية، إذ يتعلق الأمر بخلق ثقافة يشعرون فيها بالقدرة على إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية دون خوف من التداعيات".
 
وقد وجد بحث جديد أجرته شركة JAMA، أنّ زيادة المرونة الوظيفية ترتبط بانخفاض احتمالات التعرض لضائقة نفسية خطيرة وانخفاض احتمالات القلق الأسبوعي.
 
كيف نحسّن من صحة الموظف العقلية في مكان العمل؟
 
تحتاج الشركات إلى تبنّي ثقافة الصحة والسلامة النفسية. وفي حديثها لـ"النهار"، ترى الأستاذة المحاضِرة والمعالجة النفسية في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي الدكتورة إيمي ناصر كرم، أنّه يتم تحقيق أفضل إنتاجية للموظف، عندما تضمن الشركات ما يأتي:
 
- تظهر دعماً عالياً عبر تبنيها ثقافة الصحة والسلامة النفسية.
 
- أن تكون أعباء العمل مصمَّمة بشكل أن تقلّل من إرهاق الموظفين وعدم رضاهم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم ساعات عمل مرنة تتكيف مع حالات الطوارئ والظروف الشخصية الاستثنائية، وخيارات العمل عن بُعد، ووقت مدفوع الأجر جيداً. وسيؤدي ذلك إلى تعزيز الالتزامات الشخصية ومساعدة الموظفين على إدارة مسؤولياتهم المهنية والشخصية بشكل أفضل، ما يؤدي إلى تقليل التوتر وتحسين الرضا والولاء بشكل عام.
 
- التأكد من وجود أماكن عمل صحية، نظيفة، غير مزدحمة، ومصمَّمة بشكل صحيح.
 
- وجود تقييمات متبادَلة بشكل منتظم، من وإلى الموظفين، وفهم احتياجاتهم واهتماماتهم واقتراحات التحسين، ما يساعد على خلق بيئة عمل داعمة.
 
- التثقيف من خلال جلسات تعليمية حول الموضوعات الصحية البدنية والعقلية.
 
- تشجيع التفاعلات الاجتماعية بين الموظفين من خلال تنظيم لقاءات ما بعد العمل، ورحلات، وما إلى ذلك.
 
- من خلال إعطاء الأولوية لرفاهية الموظفين، يمكن للشركات تحسين الإنتاجية، وتقليل معدل دوران الموظفين، وتعزيز بيئة عمل إيجابية.
 
إلى ذلك، يوضح الدكتور مازن بكداش، أستاذ محاضر في جامعة الروح القدس الكسليك، ومختصّ بالتنظيم الإداري واستمرارية عمل الشركات، أنّه يجب التمييز بين بيئة العمل قبل وبعد انتشار جائحة كورونا، لاسيّما مع الجيل الجديد الذي اعتمد نمط مستجَدّ من العمل.
 
فبينما الموظفون بين أعمار 35 و40 عاماً لا يزالون يفضّلون العمل من المكاتب وبدوامات ثابتة من الثامنة حتى الخامسة، يتّجه الجيل الجديد حالياً لأن يكون نمط عمله مرناً أو عن بُعد، فبالنسبة إليه الإنتاجية لا تقترن بعدد ساعات العمل، ولا يشعرون بالراحة في بيئة العمل هذه. إذ إنّ الشركات التي تعتمد النمط الكلاسيكي، تعتقد بأنها تراقب عمل الموظفين، لكنّها لا تعرف أنّ إنتاجيتهم يكون لها ردّ فعل عكسيّ.
 
 
ماذا عن استراتيجيات تحسين رفاهيّة الموظف في العمل؟
 
يقترح بكداش الاستراتيجيات الآتية التي يشعر فيها الموظف برفاهيته في العمل:
 
- أن يكون نظام العمل مرناً ليشعر الموظف بمزيد من الحرية والمسؤولية عن عمله، بعد تنسيق الأهداف مع مسؤوليه، ليعمل بذكاء وفعالية وتركيز لإنتاج المزيد.
 
- على الشركة دراسة كل فرد من أفرادها بحسب وضعه الاجتماعي والعائلي، إذ تختلف حاجات الأشخاص باختلاف أعمارهم.
 
- ‏توفير ضمان على الصرف التعسفي وإن سدّد الموظف جزءاً منه، فهو يحمي صحته العقلية، ويستطيع إيجاد التوازن بين عمله وحياته الخاصة.
 
- إيجاد مدراء تتآلف شخصياتهم مع باقي الفريق، رغم اختلاف أنماط الشخصيات، لكن خبراتهم هنا تلعب دوراً.   
 
- على المدير أن يحيي روح التعاون وليس المنافسة بين أعضاء فريقه فالتنافس والتفرقة يخلقان بيئة عمل سلبية.
‏- تفعيل مهام مسؤول الموارد البشرية بكامل صلاحياته، وعدم اقتصارها على التوظيف، فهو يجب أن يتابع الموظفين ويقيّم عملهم وحالهم ‏وتطوير فريق العمل والعمل على تدريبه والحرص على توزيع الفرص بشكل عادل بين الجميع.
‏- من المناسب وجود معالج نفسي في الشركة تحت مسمّى متخصص في الصحة العقلية، لدعم الموظفين في أيّ مشكلة تواجههم خلال العمل لضمان رفاهيتهم.
 
وفي السياق نفسه، نشرتHarvard business review، الاستراتيجيات الآتية لتحسين الصحة العقلية في العمل:
 
- ركّز على منتَج العمل 
يتضمن تحسين الصحة العقلية في مكان العمل معالجة كيفية عملنا ولماذا وأين نعمل. لذا، كن محدداً وركز على منتَج العمل الذي تحتاجه وكيف يمكنك دعم الموظفين المعنيين بشكل أفضل، كلّ حسب وظيفته. لذلك، فإن حلاً واحداً للصحة السلوكية لن يعالج جميع المشكلات التي يواجهها الفرد، فهناك ضغوطات تتنوّع بتنوّع القضايا داخل الشركة.
 
- لا تعتمد على الغرباء لتغيير سلوك موظفيك
غالباً ما تعتمد الشركات على خبراء خارجيين دون إشراك القادة في وحدات الأعمال، أو تقصر المسؤولية على الموارد البشرية أو فريق الصحة الداخلي. في كلتا الحالتين، الأمر لا ينجح دون موافقة المديرين داخل وحدات العمل.
 
- تعزيز المحادثات بين الأجيال والأجناس
قم بزيادة الوعي بالصحة العقلية في الشركة، لكي تحظى بلغة مشتركة منعاً للتحيّزات، وامنح الأجيال مساحات خاصة بها لمشاركة تجاربهم الحياتية.
 
- الاستعداد للتغيير 
التحوّل إلى منظمة أكثر صحّة عقلياً هو التزام بتغيير الأساسيات، ويبدأ الأمر بالقيادة، إذ يجب أن تكون الشركات على استعداد لمساعدة الأشخاص على الشعور بأنهم مسموعون ومرئيّون، من خلال تطوير برامج للصحة العقلية، وبناء الثقة مع الموظفين مع مرور الوقت.

اقرأ في النهار Premium